هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعده الكاتب فوستر غلاك من وكالة أنباء "أسوشييتد برس"، تحت عنوان "يتعرض للتوبيخ من الكثيرين ويحتفى به في قمة العشرين"، يتحدث فيه عن الاحتفاء الذي لقيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قمة العشرين، التي عقدت على مدار يومين في أوساكا في اليابان.
ويقول غلاك إن "ابن سلمان يعد منبوذا دوليا للكثيرين، لكنك لا ترى هذا في الطريقة التي استقبل فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قمة العشرين هذا الأسبوع".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ابن سلمان بدا مبتسما عندما وقف في المقدمة، وكان محاطا بالرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لالتقاء صورة جماعية للمشاركين في القمة، وتبادل ابتسامة شقية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتقط صورة مع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي- إن، الذي وقع مع بلاده 10 مذكرات تفاهم تزيد قيمتها على 8 مليارات دولار.
وتجد الصحيفة أن هذا يأتي في الوقت الذي يتزايد فيه التقريع خارج قمة العشرين، حيث قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة إن قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي كان عملا مدبرا، ودعت إلى التحقيق في دور المسؤولين السعوديين البارزين، بينهم ولي العهد نفسه، بالإضافة إلى أن المشرعين في الكونغرس عبروا عن اعتراضهم على دعم بلادهم للحرب التي تخوضها السعودية في اليمن.
ويبين الكاتب أنه مع مظاهر القلق هذه كلها فإن القادة المشاركين في قمة أوساكا لم يألوا جهدا في إشعار ولي العهد بأنه مرحب به والتأكد من راحته، مشيرا إلى أنه من غير المعلوم إن كان قادة الدول قد فتحوا موضوع مقتل خاشقجي في 2 تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي في القنصلية السعودية في إسطنبول، لكن "الأمير بدا مرتاحا في ظهوره العام يومي الجمعة والسبت".
ويلفت التقرير إلى أن هذه الاجتماعات عادة ما تبدو كأنها مثل ناد خاص يرتدي فيه القادة أفضل ما لديهم، ويدور الحديث الخاص قبل الصورة الجماعية.
وتقول الصحيفة إنه في ظل غياب التفاصيل عما جرى خلف الستار، فقد تركت للمراقبين مهمة فحص طريقة تصرف القادة ولغة أجسادهم، التي كانت إيجابية بالنسبة للأمير، فبالإضافة إلى وقوفه بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الياباني آبي في الصورة الجماعية، فإن الأمير جلس بجانب مستضيف القمة، ربما لأن السعودية ستستضيف قمة العشرين في العام المقبل.
وينوه غلاك إلى أن الأمير، الذي يعد الأطول قامة بين الحاضرين، بدا مبتسما وهو ينتقل من لقاء إلى آخر، أو يتحدث مع القادة بين اللقاءات المهمة، مشيرا إلى أنه جلس في جلسة عقدت يوم السبت عن تعزيز مكانة المرأة، في الصف الأمامي يتحدث مع بقية القادة.
وبحسب التقرير، فإن ترامب، الذي يكره توجيه النقد للديكتاتوريين، بدا مرتاحا لوجود ابن سلمان، فربت على كتفه وهما يسيران معا، وعندما جلسا معا لتناول الإفطار يوم السبت مدح ترامب ولي العهد واصفا إياه بأنه "صديق"، وأثنى على خطواته في انفتاح المملكة وتوسيع نطاق الحرية للمرأة.
وتذكر الصحيفة أن ترامب تجاهل أسئلة الصحافيين حول دور ولي العهد واتهامه بقتل جمال خاشقجي، وجاء في بيان من البيت الأبيض أن ترامب ناقش مع ولي العهد السعودي "الدور السعودي الحيوي في الشرق الأوسط، واستقرار النفط العالمي، والتهديد المتزايد من إيران، والتجارة المتبادلة بين البلدين، وأهمية قضايا حقوق الإنسان".
ويفيد الكاتب بأن ترامب يعد العلاقة مع السعودية دعامة أساسية لاستراتيجيته لمواجهة إيران، مشيرا إلى أنه تجاهل التحقيقات في مقتل جمال خاشقجي، قائلا إن الجريمة تم التحقيق فيها بشكل واسع، وأضاف أن صفقات السلاح الهائلة التي وقعتها السعودية "تعني الكثير لدي".
ويشير التقرير إلى أنه بعد أشهر من التحقيقات في الجريمة فإن المقررة الخاصة للقتل خارج القانون توصلت إلى أن خاشقجي كان ضحية جريمة دولة مدبرة، لافتا إلى أن السعودية نفت أي دور لولي العهد البالغ من العمر 33 عاما، وقدمت 11 متهما للمحاكمة، لكن مستشار الأمير سعود القحطاني، الذي وضعته الولايات المتحدة على قائمة العقوبات، ليس من بين المتهمين.
وتقول الصحيفة: "ربما كانت اهتمامات التجارة وراء الاستقبال الذي لقيه ابن سلمان هذا الأسبوع، فكوريا الجنوبية مثلا وقعت 10 مذكرات تفاهم تصل قيمتها إلى 8.3 مليار دولار، ونظم الرئيس حفل غداء في قصره حضره كبار رجال الأعمال في البلد".
ويلفت غلاك إلى أن كوريا الجنوبية تستورد نسبة 70% من نفطها من الشرق الأوسط، وهي خامس دولة في العالم تستورد النفط الخام من السعودية، مشيرا إلى أن ابن سلمان وعد بتعويض النقص في النفط لكوريا بسبب الأوضاع المتوترة في الشرق الأوسط.
ويستدرك التقرير بأنه لم يكن الجميع سعداء باستقباله، فانتقد البعض في كوريا الجنوبية أكبر صحيفتين ناطقتين بالإنجليزية، "كوريا هيرالد" و"كوريا تايمز" لنشر صورة كاملة على الصفحة الأولى لمصفاة النفط "أس-أويل"، وهي شركة تابعة لشركة النفط السعودية "أرامكو"، وجاءت الصورة مرفقة مع العلمين الكوري والسعودي، ورسالة: "مرحبا بسمو ولي العهد محمد بن سلمان، ولي العهد، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع".
وتقول الصحيفة إنه تم انتقاد صورة ولي العهد في مقر "أويل" في سيؤول، ولهذا السبب فإن مظاهر القلق من الانتهاكات السعودية قد لا تتردد في أروقة جي-20.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن هناك قلقا متزايدا عن علاقة الدول الغربية التي اعتمدت على المملكة وموقعها السياسي، ففي مقالة كتبها في صحيفة "نيويورك تايمز" ديفيد ويرينغ مؤلف كتاب "الجزيرة العربية الإنجليزية" قال فيه إن العلاقة السعودية مع القوى الأطلسية قد تبقى قائمة، لكن "التهديدات الوجودية واضحة للعيان، ولو كانت لدى أحد في واشنطن ولندن والرياض خطة جادة للحفاظ على الوضع القائم فإنهم يبقونها سرية للغاية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)