هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعدته من إسطنبول كارلوتا غال، تقول فيه إن خطيبة جمال خاشقجي، خديجة جنكيز، قالت إنها تريد العثور على أجوبة عن مقتل خطيبها وتحقيق العدالة من أجله، وأكدت أن الإجابة على هذه الأسئلة هي "واجب أخلاقي".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن جنكيز ظلت واقفة أمام القنصلية السعودية في إسطنبول وهي تنتظر خروج الصحافي الذي دخل للحصول على أوراق تتعلق بزواجه منها، ولم يخرج، ما أضعف المزاعم السعودية بأنه دخل وخرج منها.
وتنقل غال عن جنكيز، قولها: "حاولت فعل الصواب قدر استطاعتي"، وأضافت أنها كانت ستفعل الشيء ذاته لشخص آخر "حتى لو كان سائق شاحنة، كنت سأقوم بالتحقيق ذاته، وقتل جمال بسبب معتقداته، ولدي الموقف ذاته".
وتذكر الصحيفة أن جنكيز تحدثت مع وزير الخارجية مايك بومبيو، والتقت مع الرئيس رجب طيب أردوغان، وقدمت مقابلات تلفزيونية، وتعاونت في كتابة كتاب "جمال خاشقجي: الحياة والكفاح والأسرار"، مشيرة إلى أنها عاشت الحزن الشديد، وتعرضت لهجمات على وسائل التواصل الاجتماعي، وقررت الابتعاد عن الأضواء، ورفضت دعوة لزيارة البيت الأبيض، وقررت اليوم الخروج من العزلة وتحقيق العدالة لخطيبها.
ويورد التقرير نقلا عن جنكيز، قولها: "على الشخص التحرك لينتهي من هذه القضية قانونيا وإنسانيا"، وأضافت في مقابلة مع الصحافية هذا الشهر: "هذا واجب أخلاقي"، وشاركت قبل فترة في مؤتمر في النرويج، نظمته جمعية الصحافة النقدية والاستقصائية، وتخطط لزيارة الولايات المتحدة في منتصف الشهر الحالي، مشيرا إلى أنه من غير المعلوم إن كانت الدعوة من البيت الأبيض لا تزال مفتوحة أم لا.
وتلفت الكاتبة إلى أنه بعد تعليقات جادة حول مقتل خاشقجي، فإن الرئيس دونالد ترامب أكد أن الفضيحة لن تغير طبيعة العلاقات الأمريكية السعودية، مشيرة إلى أن جنكيز ستلتقي في أثناء الزيارة بأعضاء الكونغرس إن لم يكن الرئيس نفسه، وقالت جنكيز: "لست سياسية، لكنني أستطيع التحدث عما هو أخلاقي.. لا أعرف إن كان هذا سيغير رأي الرئيس".
وتنوه الصحيفة إلى أنه لم يتم العثور على جثة خاشقجي بعد تقطيعها على يد فريق من القتلة السعوديين في السفارة، وتقول الرياض إنها قدمت عددا من المشتبه بهم، وطلب النائب العام إعدام خمسة منهم.
ويستدرك التقرير بأن هناك الكثير من الأسئلة التي لم توضح بعد، وأهمها ما يتعلق بدور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالجريمة، وإن أمر بها أم لا، خاصة أن من بين المنفذين مساعدين بارزين له.
وتقول غال إنه بالنسبة لجنكيز فقد كانت الست أشهر الماضية مرهقة جدا، فقد حاولت التعامل مع رعب قتله، مشيرة إلى أن جنكيز (37 عاما) كانت لاعبة متأخرة في حياة الصحافي السعودي وفي وفاته، فقد تعرفت عليه قبل خمسة أشهر من مقتله، وكانا يحضران للزواج وبداية بيت معا.
وتشير الصحيفة إلى أن خديجة هي واحدة من خمسة أبناء لعائلة محافظة متوسطة، ودرست في مدرسة دينية في مدينة بورصة التركية، وانتقلت العائلة بعد ذلك إلى إسطنبول، وكان والدها يعمل في مجال تجارة الأدوات المنزلية، وغني إلى درجة أنه دعم ابنته خلال مراحل تعليمها، التي شملت على دراسة اللغة العربية لمدة عامين في مصر، وفترة في سلطنة عمان للبحث في موضوع الماجستير، وتعد أطروحة دكتوراة تركز على دول الخليج العربي.
ويلفت التقرير إلى أنها التقت مع جمال خاشقجي في مؤتمر عقد في إسطنبول في أيار/ مايو 2018، وحضرت مناقشة شارك فيها خاشقجي، وطلبت منه مقابلة بعدها، ولم تنشر المقابلة، لكنهما قاما بالتراسل بعدها، والتقيا مرة ثانية في تموز/ يوليو، وعبر خاشقجي عن مشاعره بوضوح.
وتتذكر جنكيز قائلة: "بدأ يحدثني عن وحدته وحزنه، ما أثار استغرابي.. فجأة، رأيت رجلا مختلفا وعزيزا، وبعدها بدأ بيننا حوار مباشر"، وكان عمرها 36 عاما، وهو في سن الـ 59، وبدأت علاقة عاطفية بينهما، واشتركا في السياسة الدولية والعدالة في العالم العربي، وعرض عليها بعد أسبوع الزواج، وقالت: "علينا ألا ننظر إليها على أنها علاقة غرامية.. لم نكن أطفالا، كنا ناضجين، وبدأ بيننا حوار عقلاني حول كيفية التشارك، وكيف يمكن إنجاح العلاقة".
وتفيد الكاتبة بأن العلاقة كانت عاطفية؛ لأن خاشقجي كان يمر بوضع انهار فيه زاوجه في بلده، وبعد عمل طويل بصفته داعما للعائلة المالكة، أصبح خارجا عنها ومعارضا لها، وانتقل إلى الولايات المتحدة قبل ذلك بفترة، وبدأ بكتابة مقالة دورية في صحيفة "واشنطن بوست"، لافتة إلى أن هدف نقده كان ولي العهد، الذي وإن مضى في جهود الإصلاح إلا أنه قمع المعارضين له، وكان من بين هؤلاء أصدقاء لخاشقجي، حيث شعر بالحاجة لرفع صوته والدفاع عنهم.
وتنقل الصحيفة عن جنكيز، قولها لقناة "خبر ترك": "لطالما تحدث عن المسؤولية الأخلاقية التي يتحملها.. كان يقول لدي فرصة ليست متوفرة لأصدقائي"، مشيرة إلى أن جنكيز تتذكر في كتابها كيف أخبرها في مكالمة أن معنوياته كانت متدنية، وتحدث عن طلب المحققين السعوديين حكم الإعدام للداعية سلمان العودة، وقال إنه لا يعرف إن كانت كتابته ستترك أثرا، "أحيانا لا أدري ما أفعل وأشعر بالصدمة" وبدأ بالبكاء.
ويكشف التقرير عن أن جنكيز شجعته، وقالت له: "هذا العالم هو امتحانات، وعليك استخدام الفرص التي في يدك"، وبعد نهاية المكالمة بدأت هي نفسها بالبكاء، قائلة: "لقد شاركني حزنه.. كان أمرا صعبا لي"، وفي ضوء ما سيأتي فإن "هذه الأحزان هي لحظات سعيدة.. حتى التشارك في المعاناة مع شخص مثله هو ذاكرة جميلة وسعادة عظيمة".
وتبين غال أن والدها كانت لديه بعض التحفظات، خاصة الفارق في العمر والصحة، لكنه تركها تأخذ قرارها، وطلب من خاشقجي شراء شقة والعيش معها، واشترى الشقة، وذهب في 2 تشرين الأول/ أكتوبر إلى القنصلية السعودية للحصول على الأوراق ليتمكن من الزواج منها، وكان الأثاث سيصل بعد يومين، وخططا للزواج في أسرع وقت، وتقول: "كان راغبا في التغلب على الأمور، ولم يكن شخصا مترددا"، وتتذكر حماسه للحياة الجديدة معها، قائلة: "دائما ما قال لي إن القرار الأصوب في حياتي هو الزواج منك.. لا أحد فهمني مثلك".
وتقول الصحيفة إنها لا تستطيع الحديث دون بكاء عن اليومين التي قضتهما أمام السفارة وفي يدها هاتفان تركهما معها على أمل خروجه، وتقول: "أعتقد أن جمال في مكان أفضل.. حتى لو أردت العيش بحزن كامل فالحياة لا تسمح لك بهذا".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن جنكيز مصممة على الحصول على أجوبة، و"تريد تسليط الضوء على الأسرار وراء القضية لمنع حدوث شيء مماثل"، وقالت: "هناك الكثير من الأشخاص مثل جمال في بلده، وهم معتقلون، وربما استطاع هؤلاء الناشطون تحسين الحياة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)