هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية الأحد المقبل، أول قمة عربية أوربية، تحت شعار "الاستثمار في الاستقرار"، وتناقش القمة المرتقبة العديد من الملفات العربية الأوربية المشتركة، في مقدمتها مشكلة اللاجئين والأزمات اليمنية والسورية والليبية.
من جانبه، وجه الاتحاد الأوروبي ضربة موجعة للإعلام المصري، بعد تأكيده أن القمة التي تعقد على مدار يومين الأسبوع المقبل، كانت بدعوة مشتركة من الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، باعتبارهما تجمعين إقليميين، وأن الدول المشاركة في القمة هم الدول الأعضاء بالاتحادين العربي والأوروبي.
ويأتي توضيح الاتحاد الأوروبي بعدما نشرت وسائل الإعلام المصرية، أن القمة تعقد تحت رعاية نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، وحسب بيان الاتحاد الأوروبي، فإن كلا من السيسي، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، سوف يترأسان أعمال القمة، بينما يمثل الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي كل من توسك باعتباره رئيسا للمجلس الأوروبي، وجون كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية.
اقرأ أيضا: موجة غضب على نظام السيسي بعد إعدام تسعة معارضين
ورأى عدد من الخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21" أن "رئيس نظام السيسي، يعول كثيرا على هذه القمة، في التوصل لاتفاق مع الدول الأوروبية فيما يتعلق بقضية اللاجئين، التي يقدم السيسي فيها نفسه باعتباره طوق نجاة للدول الأوروبية في أكثر الملفات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية إزعاجا لهم".
وحسب الخبراء، فإن القمة رغم أنها تشاورية في الأساس، إلا أن أوروبا تعتبرها فرصة للتواصل المباشر مع دول جنوب المتوسط، لحلحلة موقفهم المتجمد في قضية اللاجئين، إضافة لسعي القارة العجوز للأسواق العربية، في ظل أزمة الركود الاقتصادي العالمي، نتيجة الحرب التجارية بين أمريكا والصين.
سياسة الابتزاز
وفي تعليقه على مكاسب السيسي من هذه القمة، أكد الوكيل السابق للجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري محمد جمال حشمت، أن "السيسي يحاول الاستفادة من أزمة اللاجئين التي تعاني منها أوروبا، بتقديم نفسه كحل وطوق نجاة لهم، مقابل الحصول على المزيد من الدعم الأوروبي، فيما يتعلق بالملفات الاقتصادية والعسكرية والحقوقية".
وأضاف حشمت لـ "عربي21" أن "النظام المصري هو الوحيد من بين دول جنوب المتوسط الذي قدم نفسه لأوروبا، كحل لمشكلة اللاجئين، بعد أن تحولت مصر في السنوات الأخيرة لأحد ممرات العبور المثيرة لقلق أوروبا، وفقا لتحذيرات الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود، عندما أعلنت أن مصر خرج منها وحدها خلال عام 2016 ألف سفينة لتهريب البشر، ما جعل أوربا تعتبر مصر كابوسا يهددها بالهجرة غير الشرعية".
ووفقا لرأي حشمت فإن نظام السيسي ما زال يغازل أوربا فيما يتعلق بإقامة مراكز لجوء أوروبية بمصر، وهي المغازلة التي يريد السيسي من خلالها الحصول على دعم مادي وسياسي وحقوقي، باعتبار أن ملف حقوق الإنسان، يمثل أحد أهم نقاط ضعفه في علاقاته مع الغرب.
وأوضح وكيل لجنة العلاقات الخارجية السابق، أن السيسي أكد في أكثر من مناسبة أن مصر بها أكثر من خمسة ملايين لاجئ، وهي "الورقة التي يستغلها في ترتيب جدول علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما يبرر كذلك الموقف المخزي لدول الاتحاد فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان بمصر، رغم موقف البرلمان الأوروبي القوي ضد نظام السيسي".
تعليق المؤتمر
وأضاف الباحث بالشؤون الدولية عماد العزبي لـ"عربي21" أن أكثر الزيارات التي قام بها السيسي كانت لدول الاتحاد الأوروبي، كما أنه عقد عشرات الاتفاقيات المشتركة معها، في المجالات العسكرية والنفطية، وهي الاتفاقيات التي تعد بمثابة رشاوى يقدمها السيسي لدول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا.
وأوضح العزبي، أن الاجتماع الأخير لقادة الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية، يشير إلى أن أوروبا تعول على مصر للقيام بدور مركزي في هذا الملف، بعد الإشادة بالدور المصري في الحد من الهجرة غير الشرعية خلال عامي 2017 و2018، وهو الدور الذي وصفته أوروبا بالقوي والصارم من النظام المصري، بما يشجع لأن تكون القاهرة شريكا هاما.
اقرأ أيضا: إعدامات جماعية.. هل يدفع الشباب ثمن الفشل الأمني للسيسي؟
وحسب تحليل الباحث بالشؤون الدولية، فإن السيسي يريد من المفاوضات التي جرت بين الجانبين المصري والأوروبي، التوصل لاتفاق كالذي عقدته أوروبا مع تركيا، بأن تتحول مصر لبوابة جنوبية لحراسة أوروبا، إلا أن الخلاف بين الجانبين يتمركز حول التحفظ المصري على إنشاء مراكز لاستقبال اللاجئين الذين سيتم إنقاذهم من البحر المتوسط، وأن يكون هذا المركز تحت رعاية أوروبية، لتهدئة تخوفات المنظمات الحقوقية الأوروبية.
وانتقد العزبي الموقف الأوربي المتخاذل من ملف حقوق الإنسان المصري، موضحا أن نظام السيسي وفقا لتصنيفات المنظمات الحقوقية الدولية يعد من أكثر الأنظمة استبدادا وانتهاكا لحقوق الإنسان، وخاصة في ملف حرية التعبير والاختفاء القسري والتصفيات الجسدية والإعدامات دون محاكمات تتمتع بالنزاهة والاستقلال.
واختتم قائلا إن "الحكومات الأوروبية تتعامل مع هذا الملف كوسيلة ضغط على السيسي، لخدمة مصالحها الخاصة، وإلا فإنه يجب عليها أن تعلق أعمال المؤتمر ردا على توسع السيسي في إعدام معارضيه خلال الأيام الماضية، وتحركاته لتعديل الدستور بما يدعم استمرار وجوده بالحكم لـ 15 عاما مقبلة".