هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف المعلم المغربي، شريف حميدي، المتواجد ضمن القائمة النهائية لأفضل 50 معلما مرشحا لنيل "جائزة نوبل للتعليم" أو التي يطلق عليها "جائزة أفضل معلم في العالم 2019" في دورتها الخامسة، في حوار مع "عربي21" عن آليات عمل مؤسسته الرائدة في مجال تطوير التعليم، وعن الصعوبات التي اعترضته.
كما تطرق حميدي لوضعية التعليم بالمغرب، وعن طموحه لأن يستفيد من مشروعه أكبر عدد ممكن من التلاميذ خاصة في المناطق النائية، لافتا إلى أن مستقبل الأمم يعتمد على معلميها بالدرجة الأولى.
وإليكم نص الحوار كاملا:
حدثنا عن مشروعك "التعليم 4.0" والهدف من إنجازه؟
التعليم "ED 4.0" هي مؤسسة اجتماعية التي، من خلال دمج التكنولوجيا، تلتزم بإعداد المواطنين الشباب للثورة الصناعية الرابعة.
نقوم، في هذه المؤسسة، بتطوير برامج مبتكرة وحلول تكنولوجيا التعليم على أساس خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحسين المهارات المعرفية والأساسية، وتعزيز الإبداع والقدرة على الابتكار، وتدريب التفكير النقدي، والتفكير المنهجي لدى هؤلاء الشباب الذين لا يستطيعون الحصول على تعليم جيد في أفريقيا والشرق الأوسط.
مؤسستنا لديها ثلاثة مشاريع رئيسة في المغرب:
المدرسة المتنقلة: أقود مع فريقي مدرسة متنقلة تعمل عبر القرى لتوفير دورات دراسية متسارعة في الحساب. ويهدف البرنامج لسد فجوات التحصيل الدراسي في الرياضيات لدى التلاميذ من خلال تقنيات التعلم والتعليم المتباينة.
المكتبة المغربية: وهي مبادرة تهدف إلى إشراك الشباب المغربي لجمع الكتب والروايات لصالح الأطفال في المناطق الريفية النائية في المغرب.
كما تهدف المبادرة إلى زيادة معدل معرفة القراءة والكتابة في هذه المناطق من خلال تعزيز حب القراءة، وكذلك لتشجيع المشاركة المدنية للشباب في المناطق الحضرية.
المعمل الذكي: مساحة تعليمية عالية التقنية مدعومة بالطاقة الشمسية، حيث يمكن لأطفال في منطقة فاس – مكناس (وسط المغرب) الوصول إلى فصول الدعم على أساس أساليب التدريس البيداغوجية المبتكرة في مؤسستنا. كما سيتم تدريب أعضاء المنطقة على المهارات التي من شأنها إعدادهم لدخول أسواق العمل وتحسين جودة حياتهم.
هل وجدت صعوبات خلال إعدادك لهذا المشروع؟
لا يأتي أي مشروع دون أي صعوبة، ناهيك عن مشروع مثل Ed4.0. يستغرق الأمر الكثير من الوقت لشرح مشروعنا لأصحاب المصلحة لدينا، لكنه أمر طبيعي للغاية وهو جزء فقط من العملية.
وبصرف النظر عن هذا، قد تكون بعض العمليات الإدارية طويلة ومربكة، لكننا محظوظون بالحصول على دعم قادة المجتمع المدني. إلا أنه بالرغم من ذلك، نحتاج باستمرار إلى موارد إضافية.
حتى الآن، كنا نمول ذاتيا، لكن برنامجنا الطموح يتطلب المزيد من التمويل. لقد أنشأنا شراكات مع منظمات مثل جامعة الأخوين، لكننا نأمل في إنشاء شبكات جديدة في المستقبل القريب.
ونعتبر، في المؤسسة، أن توفير فرص متساوية للحصول على تعليم جيد لأطفالنا وإعدادهم لسوق العمل في المستقبل هو واجب مدني بالنسبة لنا جميعا، سواء كنا فرادى أو مؤسسة خاصة أو هيئة عامة.
ماذا يعني لك ترشحك لنيل جائزة نوبل للتعليم؟
لقد كنت سعيدًا جدًا لسماع الخبر، وفخور بتمثيل بلدي، وقد تأثرت جدًا لكوني جزءًا من مجموعة من المربين الملهمين. ومع ذلك، أعلم أن عملنا لم ينته، وأن هناك الكثير مما ينبغي عمله. وأنا حريص على مواصلة تطوير عملنا لتحقيق رؤية مؤسستنا الاجتماعية Ed4.0.
كيف ترى وضعية التعليم في المغرب؟ وكيف لمشروعك أن يحسن منه؟
رغم أن أكثر من 95 في المئة من الأطفال في سن الدراسة في المغرب مسجلون الآن في المدارس الابتدائية، فإن النظام التعليمي المغربي يواجه تحديات كبيرة. لا تزال معدلات الهدر المدرسي مرتفعة، حيث يذهب 53% فقط من طلاب الجامعات إلى المدرسة الثانوية، وأقل من 15% من طلاب السنة الأولى من المحتمل أن يتخرجوا من المدرسة الثانوية.
وللأسف، يساهم انخفاض الحضور اليومي، وتغيب المعلمين، والبيئة المدرسية متعددة اللغات، في انخفاض معدل معرفة القراءة والكتابة في المغرب.
والحقيقة هي أن العالم كله يحتاج إلى إصلاحات كبيرة في مجال التعليم، حتى في أكثر البلدان تقدمًا. نحن في طور الدخول نحو ثورة صناعية رابعة حيث 800 مليون وظيفة مهددة بالتشغيل الآلي بحلول عام 2030.
وعلى الرغم من أن هذه الثورة تقوم على التقدم التكنولوجي، إلا أن الابتكار في قطاع التعليم يجب أن يتجاوز طاقة المعالجة أو البرمجيات أو حتى الأجهزة. يجب أن يبدأ الابتكار على المستوى التربوي والمريح. علينا تفكيك النماذج القديمة، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالتركيز على المعلمين وتمكينهم واستثمارهم أكثر.
هل هناك تواصل بينك وبين وزارة التعليم المغربية لنشر فكرة "التعليم 4.0" على أوسع نطاق؟
كنا على اتصال مع الأكاديمية الجهوية فاس- مكناس. ونخطط لعقد اجتماعات مثمرة أخرى، كما نأمل أن يكون لدينا منصة للتعاون مع وزارة التربية والتعليم المغربية.
هل ساهمت فكرتك في تغيير شكل التعليم سواء في المغرب أو خارجه؟
لقد خلقنا تأثيرا، ومشاريعنا البحثية هي أفضل شهادة. نجري العديد من التجارب، ومشاريع البحث العملي لاختبار فعالية البرامج التعليمية. فعلى سبيل المثال، من خلال برنامجنا المتعلق بالحساب، تمكن 89% من الطلاب من تحقيق نمو وفق 13 معيارا في غضون أسبوعين. وهذه فقط البداية.
كمدرس، لا أعمل فقط مع الطلاب، بل أقوم أيضًا بتدريب المعلمين حول العالم على طرق التدريس المبتكرة التي طورناها.
ما هي مشاريعك المستقبلية رفقة فريقك؟
نحن نخطط لمواصلة تطوير مشاريعنا في المغرب. فمن خلال مشروع المكتبات المغربية، نرغب في إنشاء شبكة تضم ما لا يقل عن 30 مكتبة في جميع أنحاء المملكة. كما نود أيضا تطوير "Ed4.0 موبايل"، مدرستنا المتنقلة. ونأمل في التعاون مع شركاء من القطاعين العام والخاص للوصول إلى المزيد من القرى.
حلمي هو نشر العشرات من المدارس المتنقلة في المغرب، وملء الثغرات في تعليم الأطفال في المناطق الريفية. وأود أن يصبح المغرب المشروع الرئيسي الذي يمكن لأفريقيا أن تتبعه لإحداث ثورة تكنولوجية حقيقية في مجال التعليم تُعِد شبابنا لأسواق العمل في الثورة الصناعية الرابعة.
على المستوى الدولي، نخطط، في العام المقبل، لتدريب 1000 معلم في شرق أفريقيا على أساليب التعليم المبتكرة التي طورناها. كما نجري، حاليا، محادثات مع حكومة المكسيك للعمل على المشاريع التي من شأنها تدريب المعلمين وإعداد الشباب للثورة الصناعية الرابعة. بالإضافة إلى ذلك، نقوم بتطوير برامج الذكاء الاصطناعي التي تخلق مسارات تعليمية مخصصة لكل طالب.
كما نخطط لتقديم اشتراك مجاني في البرمجيات لكل طفل محتاج في أفريقيا والشرق الأوسط مقابل كل اشتراك يباع على أمل تثقيف 1.2 مليون طالب بحلول عام 2023.
ما رسالتك للأساتذة سواء المغاربة منهم أو العرب؟
بداية، أود أن أحيي زملائي المعلمين في المغرب والعالم العربي والقارة الأفريقية. وأود أيضا أن أخصص هذا الترشيح لكافة الأساتذة الذين يكرسون مواردهم ومواهبهم لتشكيل مستقبل شبابنا والمساهمة في نجاحهم.
رسالتي بسيطة لزملائي المعلمين: كونوا منفتحين على التغيير وأطلقوا العنان لخيالكم. نحن نعيش في عالم من السرعة والتغيير، ويجب علينا إعداد شبابنا لهذا المستقبل غير المؤكد.
كمعلمين، يجب علينا أن نتذكر هدفنا. التعليم هو أكثر من مجرد وظيفة، إنه واجب مدني ينطوي على مسؤوليات كبيرة، لهذا فإن مستقبل الأمم يعتمد على معلمينا.