هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث فيه عن السعودية التي عمدت مؤخرا إلى زيادة إنتاجها من النفط. وقد تضافرت العديد من العوامل التي أثرت على أسعار النفط في السوق العالمية، خاصة وأن هذا القطاع يشبه رقعة الشطرنج، حيث أن جميع عناصر اللعبة مترابطة ومتشابكة.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن السعودية تستحق البعض من الثناء الذي أصبغه دونالد ترامب عليها، عندما شكرها على خلفية "انخفاض أسعار النفط". ولكن توجد مجموعة من العوامل الأخرى المتدخلة في هذه المسألة، من بينها التوقعات بانخفاض الطلب على المحروقات، وارتفاع الإنتاج في شمال أمريكا بفضل عمليات التنقيب على النفط الصخري.
وذكر الموقع أنه منذ بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، خسرت عقود النفط الخام الآجلة حوالي ثلث قيمتها. فقد أصبح سعر برميل خام برنت، الذي يعد مرجعيا بالنسبة لأوروبا، في حدود 59 دولارا ضمن العقود الآجلة، بحسب بيانات نشرتها وكالة بلومبيرغ.
بعبارة أخرى، يحيل ذلك إلى انخفاض بنسبة 32 في المئة، مقارنة بالسعر الذي كان قائما في 4 تشرين الأول/ أكتوبر أي 86.29 دولارا، الذي مثّل حينها أعلى سعر خلال هذه السنة. ويعزى هذا الانخفاض في جزء منه إلى الزيادة المهمة في الإنتاج. وفي هذا الشأن، أورد مات بيديالي، المحلل الاقتصادي في مؤسسة "بانين هيل بابليشينغ" للأبحاث والنشر، أن "هناك كميات من النفط تفوق الطلب في السوق".
اقرأ أيضا: النفط لأدنى مستوياته منذ عام.. ما علاقة ترامب والرياض؟
وأشار الموقع إلى أن المملكة السعودية تعد ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة.
وبحسب كونستانتينوس فينتيس، الخبير الاقتصادي في المؤسسة المالية "تي أس لومبارد" في لندن، "جاءت الزيادة الأخيرة في الإنتاج السعودي كرد فعل على مخاوف ترامب من ارتفاع الأسعار". وبالنظر إلى اعتماد الأمريكيين الكبير على السيارات، يعني ارتفاع سعر الوقود زيادة في الضرائب المفروضة على المستهلكين، الذين يمثلون بدورهم الناخبين الذين كانوا بصدد الإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي قبل أيام. ولهذا السبب، حرص ترامب على التحكم في سعر الوقود، لأنه يدرك أن المواطن الأمريكي الذي يعاني من صعوبات مالية غالبا ما يعبر عن موقفه الغاضب من خلال مراكز الاقتراع.
وخلال شهري أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر، رفعت السعودية إنتاجها من النفط بمقدار 127 ألف برميل يوميا، بحسب بيانات منظمة الدول المصدرة للنفط، أوبك. لكن السعوديين ليسوا الوحيدين الذين أغرقوا السوق، حيث رفعت الإمارات العربية المتحدة بدورها من إنتاجها بمقدار 142 ألف برميل يوميا، فيما ارتفع إنتاج ليبيا بحوالي 60 ألف وقطر بزيادة قدرها 14 ألف برميل. ومن خلال هذه الخطوة التي أقدمت عليها ثلاث بلدان أعضاء في منظمة الأوبك، تمكنت من تعويض النقص الذي خلفه انخفاض الإنتاج الإيراني بواقع 156 ألف برميل يوميا، خلال الفترة نفسها.
وأوضح الموقع أن إيران تعاني من حزمة العقوبات، التي أعادت واشنطن فرضها على قطاعها النفطي، مما جعل إنتاجها بشكل عام ينخفض بأكثر من نصف مليون برميل يوميا بداية من الربع الثاني من هذه السنة. من جانبها، رفعت روسيا أيضا، وهي ليست عضوا في منظمة الأوبك، إنتاجها بمقدار 260 ألف برميل يوميا بين الربعين الثاني والثالث من هذه السنة. وخلال الفترة ذاتها، فز إنتاج النفط الأمريكي بمعدل 850 ألف برميل يوميا.
وتماما مثلما هو الحال في كل أنحاء العالم، يرتبط إنتاج هذه المادة بسعر بيعها. وعندما انخفض سعر البرميل إلى مستوى 30 دولارا في بداية سنة 2016، توقف بعض المنتجين الأمريكيين عن عمليات التنقيب عن النفط الصخري، لأن كلفة الاستخراج كانت تفوق ثمن البيع. ولكن مع ارتفاع الأسعار، عاد هؤلاء المنتجون لسالف نشاطهم.
وأوضح الموقع أنه إلى جانب حجم الإنتاج، يؤثر نسق الاستهلاك أيضا على سعر النفط. وبالتالي، يساعد معدل النمو الاقتصادي على توقع حجم الاستهلاك في المستقبل. وعندما يحدث تباطؤ في عجلة الاقتصاد، يتوقع أغلب التجار والخبراء الاقتصاديين تراجعا في الطلب على النفط.
اقرأ أيضا: ترامب يغرد عن الشرق الأوسط وصفقات السلاح والنفط
وأشار الموقع إلى أن التقارير الاقتصادية الواردة من أوروبا واليابان والصين، تحيل إلى أن عجلة الاقتصاد في هذه البلدان تشهد تباطؤا، وهو ما يفسر الانخفاض في سعر النفط الخام. وعندما يضاف إلى هذه البلدان الاقتصاد الأمريكي، الذي يمثل 31 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، تشكل هذه المجموعة 86 بالمائة من الاقتصاد العالمي.
وحذر الموقع من أن هذه المؤشرات من المفترض أن تثير القلق، نظرا لأنه منذ الحرب العالمية الثانية، ظل الاقتصاد العالمي متماهيا مع القوة الأمريكية، وكلما نما الاقتصاد الأمريكي، حدث الأمر ذاته في باقي أنحاء العالم. ولكن، في الوقت الراهن، تتجه الولايات المتحدة نحو تباطؤ اقتصادي كبير. في هذا الصدد، بين تشارلز دوماس، كبير المحللين الاقتصاديين في مؤسسة "تي أس لومبارد"، أن "نمو الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الرابع من هذه السنة قد ينخفض إلى ما تحت 2 بالمائة، بعد أن كان 4.2 و3.5 بالمائة خلال الربعين الثاني والثالث".
وفي تقرير نشره مؤخرا، أشار هذا الخبير إلى خطورة الحرب التجارية الدائرة حاليا بين الصين وواشنطن، إلى جانب الارتفاع الكبير في قيمة الدولار الأمريكي، الذي شهد زيادة قدرها 7 بالمائة منذ الربيع الماضي. ويجعل هذا الارتفاع في سعر العملة عملية تصدير البضائع الأمريكية أكثر صعوبة. ونتيجة لذلك، ينخفض الطلب على النفط.
وفي الختام، اعتبر الموقع أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يجب عليه أن يتباهى بانخفاض أسعار النفط، لأن هذا الأمر يمكن أن يمثل دليلا على تراجع اقتصاد بلاده، خاصة في ظل الخلافات التجارية الدائرة بين واشنطن وبكين.