هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا تتصل بي هاتفيا أو ترسل لي رسالة عبر البريد الإلكتروني مساء الثلاثاء (غدا). أنا وتقريبا كل من سيوجد في الولايات المتحدة في ليلة 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، سنشاهد نتائج الانتخابات الفصلية. فالولايات المتحدة لم تشهد انقساما كهذا منذ 50 عاما، وربما طيلة الـ150 عاما الماضية. لن تحل انتخابات 6 نوفمبر مشكلات الولايات المتحدة.
في الحقيقة، قد تزيد تلك الانتخابات المشكلات السياسة سوءا. الانتخابات بدأت بالفعل، فعلى مدار العقد الماضي، سمحت 37 ولاية ببداية التصويت قبل يوم التصويت الرسمي، وفي 27 ولاية من هذه الولايات، عدد الأشخاص الذين صوتوا في بداية العام الحالي أكثر ممن صوتوا في الانتخابات الرئاسية بداية عام 2014. وفي ذلك مؤشر على خوف الأمريكيين، سواء في اليمين أو اليسار، أو في الحزب الديمقراطي أو في الحزب الجمهوري، على مصير الولايات المتحدة.
في يوم من الأيام، حدث في أمريكا غير المنقسمة أن خسر الحزب السياسي الذي هيمن على البيت الأبيض مقاعد في الكونغرس في الانتخابات الفصلية. ولهذا السبب، نتوقع أن يفوز الديمقراطيون هذه المرة. لكن هذه المرة مختلفة، فهذه الانتخابات تتعلق بالرئيس ترمب، وهو الذي لم يجلس في مكتبه بالبيت الأبيض، لكنه داوم على حضور الفعاليات الانتخابية بصفة يومية تقريبا على مدار أسابيع، ويريد أن يتذكره الناخبون حتى عند التصويت لاختيار نائب في البرلمان، أو عضو بمجلس الشيوخ.
تنطوي تلك الخطوة على قدر من الخطورة. فاستطلاعات الرأي العام تشير إلى أن كثيرات من الناخبات غير راضيات عن سلوك الرئيس دونالد ترمب مع النساء. ولا يزال بعضهن حانقات من اختيار الرئيس ترمب مرشح المحكمة العليا القاضي كافانا المتهم بالتحرش الجنسي منذ 30 عاما. فالنساء قد ينتقمن من الحزب الجمهوري لتأييده ترشيح كافانا.
وقد حاول الحزب الجمهوري كذلك تقليص برنامج الرعاية الصحية القومي الذي استحدثه الرئيس السابق باراك أوباما والحزب الجمهوري عام 2010، وهو ما تسبب بالقلق لكثير من العائلات الأمريكية، خصوصا كبار السن. كذلك يتذكر الناخبون السود تعليقات ترمب الإيجابية عن المتطرفين اليمينيين. فهم أيضا غاضبون من جهود الحزب الجمهوري لحذف أسماء بعض الناخبين، غالبيتهم من الأقليات، من قوائم التسجيل.
لم نرَ مطلقا أي رئيس سابق بهذا النشاط في الحملات الانتخابية، لكن باراك أوباما كان يصر على حضور المؤتمرات الانتخابية في كثير من الولايات التي تنتقد تصرفات الحزب الجمهوري. هناك كثير من النقد للرئيس ترمب، لكنْ هناك تأييد كبير أيضا. فكثير من الأمريكيين يمتدحون ترمب لما تحقق من نمو اقتصادي كبير وللزيادة في أجور العمال. وكثير من الأمريكيين أيضا، خصوصا في الجنوب والغرب، يشعرون بقلق حقيقي من الأجانب ومن الهجرة والتغيرات الثقافية.
تعامل ترمب بمهارة واضحة مع التعليقات الواردة من المكسيك، مستخدما الجيش الأمريكي في حماية الحدود الجنوبية، ليظهر كيف أن أعضاء الحزب الديمقراطي يرفضون الدفاع عن الحدود وعن السيادة الأمريكية. في الحقيقة، يؤيد الديمقراطيون مزيدا من الهجرة، لكنهم لم يفسروا كيفية تغيير النظامين القانوني والاجتماعي لامتصاص مزيد من الهجرات. إن الديمقراطيين يسعون للحصول على أصوات الأمريكيين من الطبقة المتوسطة، ممن يريدون برنامج الرعاية الصحية وحقوقا متساوية لكل الجاليات، فيما يغازل ترمب الطبقة المتوسطة بتحذيراته من الهجرات غير المحدودة ومن الحروب الثقافية.
السؤال الأخير والأهم هو: أي حزب سيستطيع إقناع أنصاره باستقطاع بعض الوقت للذهاب إلى مراكز الاقتراع؟
ولذلك عليك الانتباه الأسبوع المقبل لمجلس الشيوخ الأمريكي. فالمحللون السياسيون هنا يتوقعون أن يحتفظ الحزب الجمهوري بهيمنته على مجلس الشيوخ، لكن المنافسة في كثير من الولايات؛ منها فلوريدا وإنديانا وميسوري وأريزونا ونيفادا، متقاربة جدا. إن فاز الديمقراطيون بالهيمنة على مجلس الشيوخ، فسيواجه الرئيس ترمب مشكلات كبيرة، وسيجد البيت الأبيض صعوبة في الحصول على التصديق الكافي من مجلس الشيوخ للأشخاص المرشحين للمناصب المهمة؛ منها مناصب مثل سفراء الولايات المتحدة لدى السعودية والأردن والإمارات وتركيا. وسيصوت مجلس الشيوخ الخاضع لسيطرة الديمقراطيين على الأرجح لطرد ترمب من البيت الأبيض.
بحسب الدستور، فإن تصويت مجلس الشيوخ هذا يجب أن يتبع تصويت مجلس النواب في البداية. ويتوقع المحللون أن يحصل الديمقراطيون على غالبية الأصوات في مجلس النواب في هذه الانتخابات. وقد تعهد قادة الحزب الديمقراطي بالفعل باستخدام مجالس التحقيق بمجلس النواب للتحقيق في اتهامات الفساد بالبيت الأبيض. ومن شأن تلك التحقيقات أن تتسبب في صراع سياسي كبير في واشنطن حول بقاء بعض وزراء ترمب أو حتى ترمب نفسه. إذا كنا بصدد مواجهة حرب سياسية جديدة في واشنطن، فأتمنى أن يفهم أصدقائي السبب وراء عدم ردي على رسائل البريد الإلكتروني أو عدم نشر تعليقات جديدة عبر «تويتر» أو «فيسبوك» حتى نهاية الثلاثاء المقبل.
عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية