هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أجواء من الفتور اكتنفت الانتخابات الرئاسية في مصر؛ وهيمن مشهد إقبال بعض كبار السن والنساء، وغاب الشباب عن المشهد الانتخابي المصري، والذي تجري فيه انتخابات الرئاسة المحسومة نتيجتها سلفا لصالح عبد الفتاح السيسي، أمام منافسه الوحيد "موسى مصطفى موسى".
وبرر نشطاء سياسيون وأعضاء بحركات سياسية، المشهد
الانتخابي، بأنه لا يلبي طموح الشباب والشعب المصري، الذي فطن لمثل تلك الانتخابات
الهزلية، مشيرين إلى أن عددا من النشطاء أخذوا على عاتقهم تصوير المشهد الانتخابي
أمام اللجان وداخلها وفي محيطها، وقاموا برفع آلاف الصور على وسائل التواصل
الاجتماعي؛ لكشف المشهد أمام اللجان الخالية، والأخرى التي يرتادها عدد قليل من
الناخبين.
وانتقدوا في تصريحات لـ"عربي21" استغلال
الدولة والإعلام الطاعنين في السن، للزج بهم عبر كراس متحركة وسيارات إسعاف متنقلة
داخل اللجان؛ لإظهار حرص المصريين على التصويت في انتخابات قاطعتها المعارضة
المصرية قاطبة في الداخل والخارج.
متفرجون لا ناخبون
عضو حزب العيش والحرية معتصم مدحت قال إن
"الانتخابات المصرية فقدت مضمونها وشكلها لشباب ثورة 25 يناير، ومن لم يشارك
فيها من الشباب وسمع بها، لذلك كان لا بد أن تفشل أبواق النظام في إقناعهم
بالنزول، حيث تكشف كذبهم، ووفرت منصات الإعلام الجديد نقل الواقعية بعيدا عن
التدليس الإعلامي".
وأضاف لـ"عربي21"، أن "من يشارك في
الانتخابات هم كبار السن، والعاملون بالجهاز الإداري للدولة، وبعض الشركات الخاصة،
والموظفون، بعض الفقراء الطامعين في الرشوات الانتخابية، وما مشاهد الرقص
والاحتفالات المعهودة في افتتاح المحلات والمقاهي إلا للفت الأنظار، ولا أظنها
قادرة على حشد غير المتفرجين، وليس الناخبين".
اقرأ أيضا: بدء ثاني أيام انتخابات رئاسة مصر.. ورهان على المشاركة (ملف)
ويرى أن "انتخابات 2012 تعتبر هي الانتخابات
الوحيدة التي أجريت بمصر، رغم مخالفاتها المتعددة، ولكنها أرقى انتخابات حدثت في
تاريخ البلاد، وعبرت عن إرادة الشباب الذين لهم قناعات خاصة مرتبطة بأهداف ثورة
يناير".
وعن سبل تحقيق تلك القناعات، يقول مدحت: "رغم
التضييق الأمني فالشباب دائما يفكر خارج صندوق الأفكار الراديكالية، ولا بد أن
يصنع بدائل تمكنه من تحقيق جزء من قناعاته بالدولة الحرة الديمقراطية، بعيدا عن أي
مسار مفروض عليهم بغض النظر عن جدواه؛ فثقتي بالشباب الواعي لا تهتز أبدا، وخصوصا
مع المسار المشوه المعالم الذي يفرضه النظام المصري بكل مكوناته".
صوت الشباب في السجون
الناشط السياسي وأحد وجوه ثورة 25 يناير أحمد
البقري، يعتقد بوجود قناعة لدى الشباب بعدم جدوى المشاركة، قائلا: "نرى هذه
الانتخابات تم طبخها للسيسي، وإننا بين فاشل قمعَ وحبسَ كل من نوى الترشح، وبين
مرشح مغرم بهذا الفاشل، وقوفنا أمام اللجان لن يمنع أن تأتي الدبابة لتسحق نتائجها
كما حدث في انقلاب 3 يوليو، وإذا أراد السيسي الحصول على أصوات الشباب فعليه تخصيص
لجان داخل السجون؛ لأن معظم الشباب يقبع في سجونه الآن"، وفق قوله.
وأكد البقري في تصريحات لـ"عربي21"، أن
"الشباب لا يثق في حكم العسكر الذي يمثله السيسي، كما فقد الثقة في العملية
الانتخابية بعد سياسات الإقصاء واحتكار الوطنية وتخوين كل من يعارض النظام، كما أن
السيسي ليس لديه أي رؤية سواء سياسية أم اقتصادية، فهو يحكم بقوة السلاح وإذلال
البسطاء".
اقرأ أيضا: انتخابات مصر: مخاوف العزوف وتضارب نسب المشاركة.. (ملف)
وإذا ما كان أمام الشباب مسار آخر بعد رفضه النزول
للانتخابات، يشير البقري إلى إن "الشباب كانوا وما زالوا حجر عثرة في طريق أي
ديكتاتور؛ لأنهم وحدهم القادرون على صناعة التغيير وإحداث التوازن بين المجتمعات
والدول، وما حدث من عزوف كامل للشباب هو درس للعسكر مفاده أن الشعب هو صاحب
السيادة، وأنه يرفض الوصاية التي تحاولون فرضها بالقتل والاعتقال بحق المعارضين".
لا تمثل الشعب
ويصف المتحدث باسم حزب الأصالة المصري حاتم أبو زيد،
المشهد الانتخابي بالهزيل سواء على مستوى الحشد أو الإقبال، قائلا: "من
يشاركون هم شرذمة وقلة لا تمثل الشعب لا شبابه ولا عواجيزه ولا نساءه، فما قيمة
اثنين أو ثلاثة ملايين على أقصى تقدير، من بين 59 مليون يحق لهم التصويت، هذه نسبة
لا تصل لـ5 بالمئة، فهل مثل تلك النسبة تجرى عليها أحكام أم على الأغلبية الساحقة؟".
وأوضح لـ"عربي21" أن "النظام فشل في
استقطاب الشعب المصري، ولكن عزوف الشباب أهميته تأتي من كونه صانع المستقبل، وصاحب
الغد، بجانب أنه عنصر القوة الذي يستطيع أن يواجه ويحقق التغيير"، لافتا إلى
أن "الشعب المصري غير مقتنع بالنظام العسكري، ولكن الشباب هو صاحب الحماسة
وأكثر شجاعة، ومن الضروري للنخب أن تلمس طريقا ثوريا عبر شباب الأمة".
ويرى أبو زيد أن "مصر ليس بها سياسة منذ
الانقلاب العسكري، ولن يكون هناك حل سياسي في ظل المنظومة العسكرية؛ فهي لا تعرف
سوى لغة السلاح والقمع، ولن يصلح حال مصر إلا حل ثوري جذري، حتى وإن وقعت بعض
المعاناة لكنها أفضل من حالة الموت البطيء القائمة الآن".