بات الأمر يقينا أن لا برنامج لحكومة الرئيس إلا تنفيذ شروط المقرضين الدوليين، فهم منفذها الوحيد إلى تمويل يعيد تسريح القنوات الاقتصادية المسدودة. وبقاء الحكومة ضمان بقاء الرئيس الذي تقلصت فرصه لاستبدال الحكومة الحالية..
من هي هذه القوى المتصارعة على تونس وهل يمكن تخيل أهدافها؟ وكيف يمكنها الاستفادة من تونس؟ أما سؤال كيف تفيد هذه القوى تونس فمؤجل إلى أجل لا يمكننا توقعه
كانت الأموال الخليجية تحت الطلب وأعطت للانقلاب أجنحة لكن مقابل قصقصة أجنحة الأمل المصري في التحول إلى دولة نمر وهي تملك كل قدرات النمور وتزيد عليها موقعا استراتيجيا..
بعد الانقلاب المصري والخديعة التونسية بدا المشهد العربي حزينا، وفقد الكثيرون الأمل وتحدثوا عن ردة تدوم عقودا قبل الاستئناف في مستقبل بعيد، ولا نملك بعد الخيبات الكثيرة القدرة على بناء توقعات متينة
أظن أن موجة الربيع العربي الأولى قد فقدت زخمها واستفرغت من مضامينها التحررية بحيل سياسية غير منتجة لأي أفق؛ إلا إعادة تأبيد وضع الاغتراب والفقر والقمع بكل أدواته، لذلك أرى ضرورة العودة إلى الأسئلة الأولى
لماذا تصرفت النخبة بهذه الطريقة وخلا سلوكها من أية رغبة في التضحية من أجل بناء ديمقراطية دائمة؟ هل هي المدرسة ونظام التعليم الفرداني والتنشئة الاجتماعية الفردانية؟
على من أراد الحكم والبقاء فيه أن يدخل على الناس من هذا الباب قبل أن يتقدم إلى الصندوق الانتخابي. المنظومات فهمت ذلك وحكمت به، وعادت إلى السلطة في بلدان الثورة..
النخب المعارضة رغم نصوصها الكثيرة في الاستقلال والسيادة لم تبن مشروعا بديلا، لذلك سهل استيعابها، وفي لحظات كثيرة تحولت إلى حاجز مانع ضد الفوران الشعبي الصاعد فكانت عونا عليه لا له
كشف الربيع العربي أن ليس للعرب المؤمنين بالديمقراطية صديق في محيطهم الإقليمي والدولي، وزاد في توضيح دور الكيان الصهيوني في التسلل بين الصفوف وتمرير الخيارات غير الديمقراطية بواسطة قائمة طويلة من العملاء المحليين الجاهزين لتقديم هذه الخدمة
استهانة الغالبية بقيمة الحرية، والسعي الحثيث إلى الخلاص الفردي، والانكفاء على الذات عند صدور نداءات الحرية.. هي تقريبا نصيحة المسعدي بالخلاص الفردي الذي اتخذه بطله أبو هريرة. هذه الشخصية المنكفئة على ذاتها والخائفة من الشراكة والساعية لمجدها الفردي بقطع النظر عن وسيلته..
إما أن يأتي الانقلابيون الذين اتضحت أسماؤهم وعناوينهم تحت سقف الدستور ويبنون شراكة مع الجميع (وفي مقدمتهم النهضة وائتلاف الكرامة)، ويضعون حدا لخطاب الاستئصال وممارسات الإقصاء، أو أن تتوقف جبهة الخلاص عن إنضاج الغلة ثم وضعها على مائدتهم (بواسطة اليد العاملة النهضوية) فلا يتركون للجبهة إلا غسل الأواني
نريد أن نتخيل نهضة جديدة بقيادات جديدة بخطاب ديمقراطي لا يتباكى من ظلم وإن وجد، ولا يتعالى بسلطة وإن ظفر، ويطرح على الناس أفكارا جديدة بوجوه جديدة قادرة على المضي بالحوار والجدل والصراع (تدافعكم المحبوب) إلى مدى أبعد..
القرف ليس من سخافة الانقلاب وعته المنقلب فحسب، بل من غباء من يعارضه وجبنه دون الحسم في الأسباب والبقاء في سطح معارضة نتائجه. نعرف كلفة ذلك ونقدر شقاء الحسم، لكن من لم يتحمل كلفة الحسم في الأسباب سيعيد إنتاج الوضع الهش الذي سبقه