مقابلات

أستاذ بجامعة اسطنبول: الأكراد سيصوتون بنعم في الاستفتاء

توقع أن تذهب 40% من أصوات الناخبين بمعقلي حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي لنعم- عربي21
* 40% من أصوات الناخبين بمعقلي حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي شرق وغرب تركيا تتجه للتصويت بـ"نعم"

* الاستفتاء الحالي مكمل لاستفتاء 2007 الذي فازت فيه "نعم" بـ 70% لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب 

* استراتيجية الدعاية للتصويت بـ"لا" تعتمد فقط على النيل من شخص الرئيس أردوغان الأمر الذي يضعفها

أكد الدكتور رمضان يلدريم مسؤول ملف الشرق الأوسط بمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بتركيا "SETA" والأستاذ بجامعة اسطنبول لـ"عربي21" أن خيبة الأمل التي منيت بها جماهير الأكراد التي خذلها حزب الشعوب الديمقراطي وتخلى عن قضاياهم ومصالحهم في الإقليم لصالح تأييد العنف المسلح من قبل الإرهابيين الانفصاليين بمنظمة PKK التابعة لحزب العمال الكردستاني جعلت أصواتهم تتحول صوب التصويت بـ"نعم" لصالح تعديل الدستور وتحقيق الاستقرار بالإقليم.

وتوقع يلدريم أن يحصد التصويت بـ"نعم" أكثر من 40% من أصوات الناخبين بمعقلي حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) بولايات شرق تركيا، وحزب الشعب الجمهوري (CHP) بولايتي إزمير وتراقيا غرب تركيا نظرا لما أنجزه حزب العدالة والتنمية الحاكم لأبناء تلك الولايات مع عجز المعارضة وضعف خطابها الذي يعتمد على تشويه أردوغان فقط.

وأضاف أن الاستفتاء الحالي مكمل لاستفتاء 2007 الذي فازت فيه "نعم" بـ 70% من أصوات الناخبين على أن يكون انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب وليس البرلمان وأن يكون لفترتين مدة كل منهما 5 سنوات بدلا من فترة واحدة مدتها 7 سنوات كما في دستور 1982.

وقال إن حدة التراشق بين الرئيس أردوغان وزعيم المعارضة كليشدار أوغلو ترجع إلى استهداف الأخير شخص الرئيس أردوغان استراتيجية لدعايته ضد الاستفتاء للتصويت بـ"لا"، وحول الأمر وكأنه إعادة انتخاب لأردوغان مما جعل الرئيس يستهدفه في خطاباته ويكيل له اللكمات تحت الحزام.

وتاليا نص الحوار..

*هل يمكنك الإشارة إلى معاقل التصويت بـ"نعم" والتصويت بـ"لا" على صعيد المدن التركية؟

** لا شك أن معاقل التصويت بـ"لا" هي المناطق التي حصل فيها حزب الشعوب الديمقراطي - الذي يطلق عليه حزب الأكراد- في الولايات الشرقية على نسب تصويت عالية في انتخابات نوفمبر 2015 وغالبية النخبة من الأكراد وكان حزب العدالة الحاكم حصل على نسبة قليلة حوالي 20% من الأصوات، إضافة إلى ولايات غرب تركيا التي بها أكبر عدد من نخب حزب الشعب الجمهوري في إزمير وهاتين المنطقتين دائما يحصل حزب العدالة فيهما على نسب قليلة؛ إلا أن هذا الاستفتاء يركز على تغيير الدستور ويختلف عن الانتخابات بين الأحزاب.

والناخبون الأكراد بشرق تركيا يعيشون الآن حالة من خيبة الأمل بعد تخلي حزب الشعوب الديمقراطي عنهم، ويرون أن الساحة السياسية كانت مفتوحة أمامهم وحصل الحزب على 13% من الأصوات ودخل البرلمان بثمانين نائبا ولأول مرة في تاريخ الأكراد الحديث وكانوا يأملون أن يستثمر الحزب هذه الفرصة لصالح القضية الكردية، ولكنه أهمل القضية الكردية وإنحاز إلى الجناح الذي يتبنى العنف والإرهاب بحزب العمال الكردستاني (pkk).

ويدرك الكثير من الناخبين الأكراد أن سبب مشكلتهم الأساسية ومعاناتهم منذ عقود هو حزب الشعب الجمهوري والتي أنتجها حزب الدولة العلمانية الكمالية وعقدها، وعلى مستوى كافة الحكومات التركية التي تناوبت على حكم البلاد لم يتصد لحل مشكلة الأكراد سوى الرئيس رجب طيب أردوغان وهو أول رئيس حكومة يقول: "المشكلة الكردية"، بينما كان ينعتها رؤساء الحكومات السابقة بـ"مشكلة شرق تركيا".

كما أن حزب الحركة القومية التركية أصلا ضد القوميين الأكراد الذين يطالبون بالانفصال ولكنهم ليسوا ضد الأكراد وهم أيضا لا يستطيعون حل تلك المشكلة، وبذلك لم يتبق سوى حزب العدالة والتنمية.. حزب أردوغان وفلسفته السعي لتضييق الهوة بين الأتراك والأكراد وإنهاء المشكلة الكردية.

من ناحية أخرى نرى أن حزب العدالة والتنمية هو أكبر حزب يضم أكرادا في تركيا، وأن أكبر مدينة تضم أكراد هي مدينة اسطنبول وليست ديار بكر وأعدادهم في اسطنبول أكبر من أعدادهم في ديار بكر، وغالبية هؤلاء يصوتون للعدالة والتنمية.. إذاً المشكلة هي أن من يريدون الانفصال عن الدولة التركية ويستغلون القضية الكردية انكشفت حقيقتهم أمام المواطن الكردي بعد أن جنحوا للعنف وانحازوا إلى pkk الإرهابي ورئيس الحزب الآن يحاكم على دعمه العنف والتفجيرات ضد الدولة التركية.

ولك أن تعلم أن أكثر من 60% من نواب حزب الشعوب الديمقراطي لا يعرفون كلمة واحدة كردية، والحديث عن أن هذا الحزب يمثل الأكراد أكذوبة كبرى، فرئيسه كردي وبه عدد من الكوادر الكردية، كما أن النواب الأكراد موجودون في حزب الحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري الذي يرأسه كليشدار أوغلو نفسه من أصل كردي.

ووفقا لما سبق فإنني أتوقع قياسا إلى الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة قبل سنة سوف تتضاعف للتصويت بـ"نعم" بشرق تركيا، وأتوقع أن تتجاوز 40% من الأصوات بمراكز الكتلة التصويتية لحزب الشعوب، وربما تزيد النسبة إلى 45% في غرب تركيا التي تعد قلعة حزب الشعب الجمهوري لاسيما وأن رئيس الحكومة الحالي بن علي يلدريم نائب بالبرلمان عن مدينة إزمير ما يجذب نسبة من الأصوات لصالح "نعم" في معاقلهم، كما توجد منطقة تراقيا التي كانت كتلتها التصويتية لصالح حزب الشعب الحمهوري من قبل إلا أن المنافسة فيها اليوم أصبحت حامية الوطيس ليتعادل فيها مؤيدو "نعم" مع "لا" 50% لكليهما.

هذا بينما مدن وولايات وسط تركيا والبحر الأسود والأناضول وجنوب تركيا تعد غالبيتها معاقل تصويتية لصالح حزب العدالة والتنمية والتي يتجاوز نسبته في بعضها 70% مثل ولاية أرضروم وغيرها كثير.

وذلك يرجع إلى ثلاثة أسباب وهي قوة شخصية الرئيس أردوغان والتأييد الجماهيري له، إضافة إلى عجز أطروحات المعارضة فضلا عن صعوبة الدعايا للتصويت بـ"لا" والتي تعتمد فقط استراتيجية الهجوم على شخص أردوغان، بينما الدعوة للتصويت بـ"نعم" أسهل كثيرا.. وترفع شعارات: نعم لمستقبل أفضل.. نعم لتركيا الكبرى.. نعم للتعليم والصحة للجميع.

* كيف ترى أجواء التراشق المتبادل بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكليشدار أوغلو زعيم المعارضة؟

** في بداية الحملة لم يكن هناك تراشق ولكن عندما بدأ كليشدار أوغلو حملته للدعاية للتصويت بـ"لا" اعتمد على الهجوم على شخص الرئيس أردوغان، والوتيرة ارتفعت بينهما في الأيام الأخيرة لأن الوضع الحالي به رمزان كبيران في المنافسة وهما أردوغان وكليشدار أوغلو وهو أمر طبيعي، بينما صلاح ديمرطاش وراء القضبان بسبب تأييده للعنف ضد الدولة التركية، فضلا عن أن حزبه أعلن موقفه صراحة بأنه مع التصويت بـ"لا"، كما أن أعضاء حزب الشعوب ليسوا كلهم أتراك ولكنه يضم كوكتيلا من العلويين والأكراد واليساريين والعلمانيين ولذلك هذا الحزب لا يمثل الأكراد.

*بماذا تفسر تصريحات كليشدار أوغلو بأن انقلاب 15 تموز كان مفبركا؟

** هذا يدل على أن كليشدار أوغلو كان على علم بهذا الانقلاب وربما وعده الانقلابيون بشيء .. فنحن لا نعلم تفاصيل ذلك .. وما قال به حول الانقلاب الفاشل كلام فاضي قاله في إطار المنافسة السياسية أو التلاسن .. وأرى أن كليشدار أوغلو قضى على نفسه سياسيا لأنه يناقض نفسه ولا يمكن أن يخفي وقوفه مع رئيسي حزب العدالة بن علي يلدريم والحركة القومية بهجت دولتي في ميدان يني كابيه ضد الانقلابيين في تموز من العام الماضي.

* أيهما أفضل لتركيا من وجهة نظرك النظام الرئاسي أم البرلماني؟ ولماذا؟

** جربنا النظام البرلماني فترة كبيرة ولم يكن ناجحا إلا في حالات وجود رئيس قوي وحزب قوي كما في مرحلة عدنان مندريس في الستينات، وفي مرحلة تورجوت أوزال، وحاليا في مرحلة أردوغان .. فقط هؤلاء الأشخاص الثلاثة الذين جاؤوا بكاريزما كبيرة وحزب قوي ولهذا نجحوا، ورغم ذلك فالمؤسسات التقليدية أو الدولة العميقة كانت تضع الحواجز أمام هؤلاء لعرقلتهم؛ إلا أن السعي إلى النظام الرئاسي جاء للشعب التركي على طبق من ذهب الآن .. فأردوغان اليوم هو رئيس الجمهورية ويتمتع بنفوذ داخل قواعد حزبه وعلى نوابه بالبرلمان وصلاحياته أكثر .. ولكن الدولة التركية ليست شخص أردوغان .. فتركيا تحتاج إلى هذا النظام لما بعد أردوغان .. وتقريبا النظام الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك كان أقرب إلى الرئاسي منه للبرلماني حيث كان الحزب الحاكم ورئيسه مصطفى كمال باشا هو رئيس الدولة .. لاسيما أن الرئيس سليمان ديمريل وتوروجوت أوزل وألب أرسلان مؤسس حزب الحركة القومية كانوا جميعا يطالبون بالتحول إلى نظام رئاسي ولكن لم تساعدهم الأوضاع آنذاك.

نحتاح إلى هذا النظام لأن أردوغان أول شخص يحصل على أعلى الأصوات من الشعب التركي ونسبتها 52% وهي أكبر نسبة في انتخابات ديمقراطية نزيهة يحصل عليها مرشح أو زعيم سياسي نتيجة عمل استمر 15 عاما من خلال حزبه الذي أسسه حزب العدالة والتنمية .. شخص يترشح في انتخابات الرئاسة فيحصل على هذه النسبة العالية من أول مرة يؤكد حجم شعبيته؛ ولذا لابد أن تطال يده كافة الملفات الحرجة ويهتم بها جميعا ويسعى لوضع الحلول الممكنة لهذه الإشكاليات كمشكلة المتدينين والأكراد والعلويين وضبط السياسة الخارجية وإشكالية 4 ملايين لاجئ سوري وعلاقات تركيا بالاتحاد الأوربي وعلاقاتها بعمقها الإسلامي، وطالما حصل على هذا التأييد الشعبي الكبير فليهتم بتلك الملفات ويضع لها الحلول، وعندما يشكل حكومته من الخبراء مستقلا عن البرلمان ويتفرغ البرلمان لوظيفته الأساسية بالتشريع والمراقبة على عكس ما هو حاصل الآن فالحكومة من البرلمان.

*  كيف تقارن بين هذا الاستفتاء وما سبقه من استفتاءات في عهد العدالة والتنمية؟

** غيرنا الدستور باستفتاء شعبي في تموز 2007 على مادة وحيدة وهي السماح بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب وحدثت تجاذبات سياسية آنذاك وحصل التصويت بـ"نعم" على 70%، والاستفتاء الثاني في 2011 وحصل التصويت بـ"نعم" على 58% وكان يتعلق بعدم حل الأحزاب السياسية أو إغلاقها وتمكين الديمقراطية.

كما أن في الوقت الحالي هناك شخصان كبيران منتخبان من قبل الشعب أحدهما رئيس الجمهورية والثاني رئيس الحكومة رئيس أكبر حزب حصل على أعلى الأصوات في الانتخابات .. وأصبح بذلك سلطتان تتعارضان والمشروعية شعبية .. فهل يعقل أن يعطي الشعب شخصين المشروعية ليتصارعا على السلطة؟! لذلك لابد أن يكون هناك تعديل استكمالا لاستفتاء 2007 الذي أقر انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب ولابد من جمع المشروعية التنفيذية في رئاسة الجمهورية والحكومة بيد الرئيس، ومشروعية التشريع والمراقبة تكون بيد البرلمان وهذا هو الهدف من الاستفتاء لحل تلك الاشكالية.

* أصحاب التصويت بـ"لا" يقولون ماذا لو جاء شخص مستبد بعد أردوغان ماذا يفعل الأتراك؟

** كما تقول أنت إذا كان رئيس الجمهورية شرط نجاحه الحصول على 51% على الأقل من أصوات الشعب التركي .. فهل يكون هذا ديكتاتورا بهذه الشعبية؟! لا أعتقد أنه سيكون ديكتاتورا .. وإذا ذهبنا لأبعد من ذلك واعتبرنا أنه قد يصادف رئيس منتخب يريد أن يستبد فهناك البرلمان يمكن أن يتصدى له ويوقفه عند حده، وهناك القضاء الذي يتصدى للرئيس عند ذلك – كما حدث مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما اتخذ قرارا يصطدم مع الدستور والقانون الأمريكي بمنع مواطني 7 دول من دخول أمريكا، أبطله القضاء .. والقضاء التركي سيكون أكثر استقلالا مما هو عليه الآن فضلا عن إسقاط هذا الديكتاتور بعد انتهاء دورته شعبيا ولن يفوز بثقة الشعب مرة أخرى.