مقابلات

قيادي أمني ليبي يكشف لـ"عربي21" خريطة الفصائل بطرابلس

رفض بشر وجود "مرتزقة" أجانب في موانئ النقط - أرشيفية
كشف القيادي الأمني بوزارة الداخلية التابعة لحكومة الوفاق الليبية، هاشم بشر، عن أسباب إعلان الحكومة حالة الطوارئ والاستنفار القصوى في العاصمة طرابلس.

من جهة أخرى، أكد بشر، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "أغلب التشكيلات المسلحة تابعة لحكومة الوفاق" وأن أغلبها تشكيلات أهلية مناطقية تكونت بعد الثورة، مع وجود مجموعات صغيرة ومحدودة تتبع المؤتمر الوطني وحكومة الإنقاذ، لكنها مجموعات ينحصر نشاطها وعملها داخل المقرات أو المعسكرات التي تسيطر عليها".

وحول ما حدث مؤخرا في منطقة الهلال النفطي (شرق ليبيا)، قال بشر، وهو عضو اللجنة المركزية لدمج منتسبي اللجنة الأمنية بوزارة الداخلية، إنه "من الضروري تحييد منطقة الهلال النفطي عن الصراعات"، لكنه شدد على أن "الاستعانة بقوات من مرتزقة أو عناصر أجنبية لتأمينها احتلال وخيانة عظمى وجناية لا تغتفر"، وذلك في إشارة إلى الاتهامات الموجهة لقوات اللواء خليفة حفتر بالاستعانة بمرتزقة من حركة العدل والمساواة السودانية ومن تشاد، للتمركز في المنشآت النفطية، قبل طردهم منها على يد قوات سرايا الدفاع عن بنغازي قبل أيام.

وأوضح أن قوات حكومة الوفاق "على استعداد للذهاب إلى هناك لتأمين أو حماية أو الدفاع عن الموارد والمكتسبات"، كما قال.

وإلى نص المقابلة:

* لماذا فرضت وزارة الداخلية حالة الطوارئ والاستنفار القصوى في طرابلس؟

- حالة الاستنفار جاءت بناء على اجتماع القيادات الأمنية في طرابلس، بعد ورود أنباء عن تحركات محتملة ستقوم بها مجموعات معارضة لحكومة الوفاق الوطني قد تزعزع أمن العاصمة، خاصة بعد أحداث دامية وقعت في منطقة أبو سليم بالعاصمة، فكانت هذه الخطوة وهذا الاستنفار إجراء احترازيا يضمن عدم زعزعة الأمن، وعدم ترك أي مجال أو فراغ لأي قوات معادية.

* وما الرسالة وراء هذا الاستنفار والتحشيد؟

- الاستنفار الأمني وتحشيد القوة الأمنية المشتركة، كان له عدة رسائل، منها أن طرابلس آمنة بقوة موحدة تحت وزارة داخلية حكومة الوفاق، ودعوة كل من يختلف مع هذه المجموعات سياسيا أن يلتحق بها أمنيا لردع الجريمة المنظمة وتأمين المواطن، مع التحفظ عن الجانب السياسي. فنحن في مرحلة وفاق وطني.. إجراء احترازي كما قلت لك.

* وهذا يقودنا للسؤال عن طبيعة التشكيلات المسلحة المنتشرة في العاصمة، وتبعية كل منها.. 

- أغلب التشكيلات المسلحة المنتشرة في طرابلس تشكيلات أهلية مناطقية تكونت بعد الثورة، واستجابت لعملية الدمج حسب الإمكانيات والمناخ الذي وفرته الحكومات المتعاقبة. وأغلبها انضم للمؤسسات الرسمية، إلا أن بعضها لا زال حتى الآن يعمل بقيادة فلان أو علان، وتعمل تحت توجيهات قادة مناطقيين، وهي قيادات لا تظهر إلا في وقت الاعتداءات والأحداث الكبرى في العاصمة. لكن بعض القيادات بما تملكه من ثقل وشخصية تدعم مؤسسات الدولة المدنية، وتدعو إلى بناء الجيش والشرطة، كما أن بعضها اندمج في برامج تدريبية وتوعوية، وحصل على رتبة توافق مؤهله التعليمي.

* وهل يمكنك شرح خريطة انتشار هذه التشكيلات وأماكن تواجده؟ 

 - من أبرز هذه التشكيلات:

الفرقة الأمنية الأولى الأمن المركزي، كتيبة ثوار طرابلس، الأمن المركزي شمال طرابلس، كتيبة النواصي، قوة الردع الخاصة، إدارة سرايا الإسناد باللجنة الأمنية العليا، سرية المهام الخاصة (المباحث العامة)، كتيبة باب تاجواراء، قسم التحري والقبض طرابلس - المباحث الجنائية، كتيبة المجد، الأمن المركزي- أبو سليم، المجلس العسكري- أبو سليم، مكتب المدينة القديمة للأمن المركزي، المجلس العسكري المدينة القديمة، الأمن المركزي جنوب طرابلس، قوة الردع والتدخل المشتركة- قصر بن غشير.

وكل هذه التشكيلات وغيرها انخرطت في العمل الأمني المؤسسي، وضمت إليها مئات العناصر المهنية، وتحاول الإصلاح من عملها وتأهيل منتسبيها، وتدعم مراكز الشرطة وتنفذ أوامر النيابات المختصة. وهي في الوقت ذاته تشكيلات تعمل لتأمين وحماية طرابلس كمدينة وعاصمة، وكلها تابعة لحكومة الوفاق الوطني، مع وجود مجموعات صغيرة ومحدودة تتبع حكومة الإنقاذ والمؤتمر، وينحصر نشاطها فقط داخل المقرات أو المعسكرات التي تسيطر عليها.

* وما قوة حكومة الإنقاذ المناوئة لحكومة الوفاق والتي سيطرت على بعض المقرات في العاصمة؟

- الحقيقة، لا توجد حكومة إنقاذ في طرابلس، والمتواجدون هم بقايا مسؤولين لحكومة الإنقاذ يحملون حقائب مسؤولياتهم ووزارتهم في أيديهم، ويشغلون بعض المقرات الحكومية التي يتواجد بها مسلحون يتبعون، لهم مثل وزارة العدل، وبعض مقرات وزارة الدفاع ومقر الأمن الرئاسي. وبالتالي لا توجد مظاهر قوة علنية لبقايا حكومة الإنقاذ حتى تستطيع التمركز في طرق رئيسية داخل العاصمة. وظهور رئيس حكومة الإنقاذ من حين لآخر يكون في أماكن بعيدة ووزارات موجودة خارج نطاق السيطرة، ويتم شراء ولاءات الذين يقومون بتأمنيها فقط.

* في أحد تصريحاتك نفيت وجود ثورة مضادة في ليبيا.. هل يمكن توضيح ذلك؟

- نعم لا يوجد مشروع ثورة مضادة بالمفهوم المعروف، والذي يوجد حقيقة هو صراع على السلطة، وعلى مؤسسات وعلى استثمارات ووظائف سيادية بين رفقاء الثورة، وهو الحال الذي أوصلنا إلى هذا الانقسام والتشرذم والحروب التي منذ أن فتحت أبوابها لم تغلق بالمطلق. وما قام مشروع الحوار الوطني وما أتت حكومة الوفاق الوطني إلا لإنهاء حالة الانقسام وإنهاء الحروب بين الفرقاء السياسيين.

* ما كواليس الصدام الأخير الذي وقع في منطقة أبو سليم بالعاصمة؟

- الصدام كانت له عدة أسباب وحوادث صغيرة متفرقة تكاثرت حتى اندلع صدام أسفر عن حرب ليومين؛ خلفت العديد من الضحايا المدنيين والعسكريين. والمجموعتان المتصادمتان (البركي والككلي)، كانتا إلى وقت قريب مجموعة واحدة حتى عملية فجر ليبيا والتي توفي في آخرها الشهيد صلاح الدين البركي رحمه الله، قائد مجموعة البركي، وتغيرت العلاقة بينهما بعد وفاة قائد المجموعة.. بين مجموعة حرس المنشآت النفطية التي كان آمرها الشيخ صلاح، وبين مجموعة الأمن المركزي أبو سليم التي يقودها عبد الغني الككلي. ولا شك أن العمل الأمني في اختصاص مكاني واحد يشعل الخلافات والتضارب والتداخل، خاصة عندما لا تحدد الاختصاصات. ومن أبرز المشكلات العالقة بين المجموعتين؛ إيواء كل مجموعة لعناصر مشبوهة جنائيا مطلوبة لدى الطرف الآخر، ناهيك عن الاتهامات المتبادلة والشائعات التي ترد من هنا وهناك حول انضمام كل مجموعة لتيار معين.

والأجواء الآن بين المجموعتين هادئة ولا زلت القوات المشتركة لفض النزاع والفصل بين المتحاربين تقف في الحد الفاصل حسب بنود الاتفاق المبدئي لوقف إطلاق النار.

* يقال إن العاصمة تشهد حالة احتقان بسبب صراع على النفوذ والسيطرة. فما تعليقك؟

- بالتأكيد كل المجموعات أو الأحزاب أو التيارات المتصارعة عينها على طرابلس، وبالتالي فإن وكلاءهم أو خلاياهم النائمة يعملون لعدم استقرار العاصمة أمنيا وسياسيا واقتصاديا حتى يتسنى لهم السيطره عليها وتنفيذ برامجهم، لكن باعتبارنا رجال أمن وسكان العاصمة أيضا؛ نريدها عاصمة وفاق وطني وأمنا وأمانا لأنها ستظل الجامعة لكل الليبين.

* وما تعليقيك على ما حدث مؤخرا في منطقة الهلال النفطي؟

- منطقة الهلال النفطي ملك لكل الليبين، وإدارتها وحمايتها هما من اختصاص المؤسسة الوطنية للنفط وحرس المنشآت النفطية. والصراع في هذه المنطقة قد يؤدي إلى تخريبها وتدميرها، وعلى حكومة الوفاق الوطني أن تحيّد هذه المنطقة عن الصراعات، وأن تعهد بها للجهات المختصة لتأمينها، لكن موضوع الاستعانة بقوات من مرتزقة أو عناصر أجنبية لتأمينها فهو احتلال وخيانة عظمى وجناية لا تغتفر، وينبغي على كل الليبيين التبرؤ من هذا والتنصل منه ومحاربته.

*وماذا لو طلب منكم الذهاب إلى هناك للتأمين ومساندة فصيل معين؟

- الأجهزة والتشكيلات الأمنية في طرابلس هي تحت وزارة الداخلية وحكومة الوفاق الوطني، ولو طلب منها الذهاب إلى أي منطقة في ليبيا لتأمينها أو حماية مواردها ومكتسباتها؛ فهذا أمر واجب التنفيذ بعد توفير الإمكانيات والإمداد. فمع وجود الإرادة والعزيمة والوفاق، لن يعجز الليبيون عن حماية مدنهم أو صيانة مرافقهم.

* بخبرة رجل الأمن.. متى تستقر ليبيا أمنيا؟

- عندما تتوحد الإرادة السياسية. فلا أسهل من تأمين ليبيا واستقرارها.. بلادنا فيها شباب مخلصون ومجدّون لا يريدون من الساسة إلا التوافق، ومن ثم يكونون قادرون على توحيد واستقرار ليبيا.