صحافة دولية

مساجد بريطانيا تفتح أبوابها للجميع وكوربين يوجه رسالة لترامب

الغارديان: عشرات المساجد في أنحاء بريطانيا تفتح أبوابها للمجتمعات المحلية- أرشيفية
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا مطولا، حول قيام عشرات المساجد في أنحاء بريطانيا بفتح أبوابها للمجتمعات المحلية، للتعرف على جيرانها من غير المسلمين، مشيرة إلى أن زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربين تحدى جهود "شيطنة" المسلمين، وأرسل رسالة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يقول فيها: "أن نشرب الشاي معا هي طريقة أفضل من صب الإسمنت المسلح ليبقينا منفصلين". 

ويورد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، نقلا عن زعيم حزب العمال، قوله إنه يريد إيصال "رسالة لطيفة إلى الرجل عبر الأطلسي"، لدى إلقائه كلمة في مسجد فنزبري بارك في شمال لندن، الذي كان واحدا من أكثر من 150 مسجدا على مستوى المملكة المتحدة فتحت أبوابها يوم الأحد للناس كلهم من مختلف الديانات وممن ليس لهم دين؛ لزيارة المسجد والتعرف على المسلمين وعلى الإسلام.

وقال كوربين إن "هناك بعض الناس الذين يشيطنون المسلمين"، لكن الزوار الذين ذهبوا إلى المساجد في اليوم الوطني لزيارة المساجد يعبرون عن "دعمهم لمجتمع شامل، ودعمهم لمجتمع يحترم المعتقدات والديانات كلها"، وأضاف: "على مدى الأسابيع القليلة الماضية استخدمت لغة سيئة في مناطق كثيرة من العالم.. اللغة السيئة تتحول إلى أعمال سيئة، وتلك الأعمال السيئة تؤدي إلى وفاة أناس أبرياء، تماما كما حصل في كيبيك".

وتشير الصحيفة إلى أن مئات الناس زاروا مسجد فنزبري بارك في شمال لندن، الذي كانت له سمعة سيئة في تسعينيات القرن الماضي، عندما كان يسيطر عليه المتطرفون، وكان إمامه أبو حمزة، وفي عام 2005 تم تغيير إدارته، وأصبح يعد مثالا يحتذى في العلاقات المجتمعية الطيبة في محيطه.



وينقل التقرير عن جهاد أحمد، أحد أعضاء إدارة المسجد، قوله للزوار، إن المسجد عبارة عن "مركز للمجتمع، وملاذ للجميع مسلمين وغير مسلمين"، وأضاف قائلا إن "لندن مجتمع رائع من مختلف الإثنيات والديانات والخلفيات، وكلنا نعيش معا، ومن المهم أن نعمل معا.. نريد لمجتمعنا أن يكون منفتحا وليس معزولا، وهذا المسجد هو لكم كما هو لنا"، لافتا إلى أن أحمد وغيره من أعضاء المسجد قاموا لمدة خمس ساعات بالإجابة عن أسئلة الزوار، مثل: لماذا يتجه المسلمون إلى الجهة ذاتها للصلاة؟ ولماذا تصلي النساء بشكل منفصل عن الرجال؟ وما هي صعوبة الصيام في رمضان؟

وتكشف الصحيفة عن أنه كان من بين الحاضرين ضباط من الشرطة المتخصصة بتقديم الدعم للمجتمع المحلي، ورجال إطفاء من محطة الإطفاء القريبة من المسجد، حيث قال ستيفين جونستون-كي، من الشرطة: "تربطنا علاقة جيدة بالمسجد.. وأنا جديد هنا في المنطقة، وحريص على أن أتعرف على الناس وألتقي بهم".

ويلفت التقرير إلى أن غيل فيليبس، قالت إنها جاءت لتظهر دعمها، وأضافت: "إن هناك كثيرا من الإساءة في الإعلام لهم (للمسلمين)، وما يحصل أيضا في أمريكا، ومن المهم أن ندرك أنهم جزء من مجتمعنا"، وعبر بول دينيهي عن رأي شبيه، حيث قال إنه أتى "للتعبير عن التضامن مع إخواننا وأخواتنا المسلمين، الذين يعانون من الضغط هنا وفي أمريكا"، أما مدير الجمعية الخيرية "نترفيث ماترز"، التي تهتم بالعلاقات بين الأديان، ستيفين ديربي، فكان يلبس القلنسوة اليهودية، وقام بأخذ الصور مع رئيس مجلس إدارة المسجد محمد كزبر، وقال: "هناك الكثير مما يفرقنا، لكنني أتيت لأعبر عن صداقتي".



وتذكر الصحيفة أن معرضا في قاعة المؤتمرات في المسجد أجاب عن كثير من الأسئلة حول الإسلام، في الوقت الذي تم فيه تزيين أيدي الأطفال الراغبين بالحناء، وعرض على النساء الراغبات تجريب الحجاب، وتم بيع شطائر الشاورما بسعر رمزي "جنيه واحد للشطيرة"، وقدم الشاي والقهوة والحلويات مجانا، وأعطي الزوار كيسا يحتوي على نسخة من القرآن الكريم وحلويات ووردة حمراء رمزا للصداقة.

وينقل التقرير عن كاملة، وهي عضوة في إدارة المسجد، التي كانت تتوضأ استعدادا للصلاة، قولها إنها تحب أن ترى هذا النشاط يتكرر، وأضافت: "هناك خوف كبير في العالم، ويتم نزع الإنسانية عن المسلمين، لكننا كلنا بشر.. ما يحصل لمجتمعي محزن جدا، والأمور في طريقها إلى الأسوأ".

وتبين الصحيفة أنه في مدينة روتشديل في المسجد النيلي، كانت عابدة أشرف واحدة من مجموعة من المتطوعين الذين يجيبون عن أسئلة الزوار عن الإسلام، لافتة إلى أنه لدى سؤالها عن الأباريق الصغيرة عند الحمامات، فإنها قالت: "إنها لتنظيف أنفسنا بعد الذهاب إلى الحمام"، وأوضحت أهمية النظافة في الإسلام، ولدى سؤالها: لماذا تقولون صلى الله عليه وسلم كلما ذكرتم الرسول محمد؟ أجابت بأن ذلك احتراما له، وهو ما أمرنا الله به في كتابه الكريم، وأجابت عن أكثر الأسئلة تكرارا وهو المتعلق بسبب الفصل بين الرجال والنساء في الصلاة، حيث قالت لهم إن معظم النساء يشعرن براحة أكبر في الصلاة في غرفة خاصة بهن، وأنهن في المسجد النيلي بالذات يحظين بغرفة واسعة في الطابق الثاني تحت القبة الزرقاء الشفافة التي تعطي المسجد اسمه، واحتوت تلك القاعة يوم الأحد على معرض عن المرأة المسلمة والحجاب ومكانة مريم ابنة عمران لدى المسلمين.



وينوه التقرير إلى أن جيل راندال، وهي نحاتة، جاءت من قرية باكاب في شرق لانكشاير، وقالت: "زرت مسجدا قبل ذلك لكن في إسطنبول.. وأتيت هنا دون أي آراء مسبقة، ومن الجميل أن نعرف مدى ما نتشارك به"، أما راتشيل غي، فجاءت من قرية شو القريبة، وقالت: "أحببت دائما أن أرى ما في داخل المسجد".

وتنقل الصحيفة عن سكرتير المسجد عمران أحمد، قوله بعد حوار ديني مع القسيس مارك كولمان، إنه سعيد أن يفتح المسجد أبوابه للمجتمع المحيط، وأضاف: "نحن لسنا طابورا خامسا، نريد أن نعيش جنبا إلى جنب، ولا نريد الآخر أن يخشانا؛ لأنه ليس هناك ما يخشاه، وكانت هذه فرصة مثالية لتثقيف الناس".

ويفيد التقرير بأن المسجد النيلي ورد اسمه في الأخبار؛ بسبب مبادراته التقدمية، والخطب التي تشجب الاستغلال الجنسي للأطفال، مستدركا بأنه ورد اسمه أيضا في العناوين للأسباب الخطأ، ففي عام 2015 تم اعتقال أحد مرتادي المسجد، وهو ابن عضو عمالي في المجلس المحلي، حيث كان يحاول السفر إلى سوريا.

وتقول الصحيفة إن لورين واتكينز كانت المرة الأولى التي تدخل فيها المسجد في نيوبورت في ويلز، وتقول: "جئت لأزيد معرفتي، ووجدت أن الزيارة فيها تنوير ثقافي كبير"، وكان ذلك في مسجد ومركز "اقرأ"، وتضيف واتكينز، عاملة البريد المتقاعدة والمتدينة المسيحية التي تذهب إلى كنيسة سان باتريك القريبة من المسجد: "في هذه الأوقات الصعبة قد يفيد إذا حاول الناس من الديانات المختلفة أن يفهموا بعضهم، علينا أن نجد طريقا لنعيش معا". 

وبحسب التقرير، فإن غانهيلد موس أخذت بناتها الثلاث، وأعمارهن من عام إلى 8 أعوام، واستمتعت ابنتاها الكبيرتان بلعبة البحث عن كلمات وتزيين أيديهما بالحناء، وقالت إنها شعرت بالترحيب وبجمال التجربة، أما سوزان وزوجها بيتر نورتون، فقالا إنهما زارا مساجد خلال رحلاتهما في الخارج، لكن ليس هنا، وقالت سوزان إنها استمعت بتجريب الحجاب.

وتورد الصحيفة أنه في المركز الإسلامي في جنوب بلفاست، قال الدكتور رائد الوزان، الذي عمل في بلفاست منذ عام 1990، إن لديه سببا في أن يخشى كلا من ترامب وتنظيم الدولة، فهو من العراق، ويعمل لشركة تبيع كاميرات لوكالة ناسا، ويخشى أن يمنع من دخول أمريكا إن ذهب في رحلة تجارية، وهو من الموصل، ويقول إن تهديد تنظيم الدولة للمسلمين هو أكثر منه لأي شخص آخر، مشيرة إلى أنه يوجد في شمال إيرلندا ستة آلاف مسلم من 42 دولة مختلفة.

ويشير التقرير إلى أنه في المسجد المركزي في غلاسكو في أسكتلندا، خلع كل من مارتن وبابرا روركي وابنيهما آرون وبرودي البالغين من العمر 8 و5 سنوات أحذيتهم قبل الدخول إلى قاعة الصلاة الكبيرة، التي تتسع لـ1300 مصل، وبهروا بالنوافذ المقوسة والقبة.

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول كاثرين ماكينون، التي تعمل مع اللاجئين في المجلس البلدي: "إن الأجواء الحالية تحد كبير للمسلمين، وما كان يتوجب عليهم أن يضطروا لعمل الدعاية لأنفسهم، لكن وفي ضوء السياسة الأمريكية المخزية، فإن هذه طريقة جيدة لإخبار الناس بأن هناك الكثير من المعلومات الكاذبة التي يتم تداولها".