لم تعلق الحكومة التركية أو أي من السياسيين الأتراك على حادثة
حرق الجنديين على يد مقاتلين في تنظيم "الدولة" قرب مدينة الباب شمال سوريا.
ولم يقتصر السكوت على المسؤولين الأتراك بل تجاوزه ليصل لوسائل الإعلام التركية التي تجاهلت بشكل شبه كامل الخبر أو ذكر أي من تفاصيله، في وقت عانت فيه شبكات الإنترنت من بطء شديد، مع جهود حثيثة من قبل الحكومة من منع وصول أي من فيديوهات إحراق الجنود للمستخدمين الأتراك كما أفادت مصادر خاصة لـ "
عربي21".
ومع البطء الشديد للإنترنت، وحظر مواقع التواصل الاجتماعي، انتشر على موقع "تويتر" هاشتاغ بعنوان "2 جنود أتراك" وهو للحديث عن قضية الجنود، حيث استنكر المستخدمون بشدة عملية الإحراق ووصفوها بالبشعة، فيما طالب آخرون الحكومة بتسليحهم للقتال إلى جانبها في سوريا.
تأليب الرأي العام
وقال الصحفي والمختص في الشأن التركي صالح عياد إن الرسالة من الفيديو هي محاولة تأليب الرأي العام ضد الحكومة.
وأضاف عياد: "هذه الطريقة تستخدمها داعش منذ نشأت من خلال نشر الرعب في الفيديوهات التي تقوم بها".
وأشار أيضا إلى أن الحكومة التركية كانت متنبهة لمثل هذه الأحداث، قائلا: "بعد نشر الفيديو بلحظات تم حظر هذا الفيديو وتم منع وصوله إلى المستخدمين الأتراك وحجب "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب"".
وأكد عياد التجاهل الحكومي للفيديو، معتبرة أنه لا مصدر رسمي له إضافة لخوضها حرب خفية لمنع وصول الفيديو للمواطنين.
وقال إن رسالة الفيديو التي تهدف لسحب
الجيش التركي من منطقة مدينة الباب، مضيفا: "أعتقد أن هذا الفيديو لن يجدي نفعا لأن مواقف الحكومة واضحة، وتعتبر مسألة وجودها في سوريا مسألة حياة أو موت، وهو للدفاع عن أمنها الداخلي ولن تتراجع عن عمليتي الباب ومنبج مهما كان الثمن".
وذكر عياد تصريحات لزعيم المعارضة القومية "دولت بهجلي" الذي قال إنه يجب السيطرة على مدينة الباب وطرد
تنظيم الدولة منها مهما كان الثمن.
وختم عياد تصريحاته قائلا إن الفيديو سيترك غضبا لدى الأتراك مما يدفعهم لمطالبة حكومتهم بالمزيد من العمليات العسكرية وليس الانسحاب أمامها.
لا خيار سوى المضي قدما
من جهته قال الإعلامي التركي محمد زاهد غول إن عدم وجود أي تعليق تركي على الموضوع هو لعدم إثارة الرأي العام.
وقال غول في حديث مع "
عربي21" إنه تم منع تداول الصور في شبكات التواصل الاجتماعي، إضافة لجهود حثيثة من الحكومة ضد النشر في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح غول أن
تركيا تخوض منذ عاملين معارك في الجنوب قائلا: "منذ عامين هناك حملة تدعى، أسماء الشهداء، في الحملات الأمنية للقوات المسلحة في جنوب شرق البلاد وخلال هذه العمليات يسقط فيها شهداء، ورغم ذلك فإن آخر استطلاع للرأي، هناك تأييد بنسبة 80% بالمائة من قبل الأتراك للعمليات ضد الإرهاب".
وأشار غول إلى أن المشكلة ليست بإعلان "استشهاد" الجنديين، بقدر بشاعة الصورة التي لا تمت للإنسانية بصلة كما قال. ووصفها بأنها محاول لإهانة الجندي التركي.
وشدد غول على أن تركيا لا تستطيع التراجع عن مواقفها السابقة مبررا أنه لا يوجد أمامها خيار آخر سوى المضي قدما.
وأكد الصحفي التركي أن تركيا تستشعر الخطر المحدق الذي يتعرض له الأمن القومي التركي في العملية التي تقوم بها في سوريا، ووصفها بأنها عملية محدودة لمنع قيام كيان كردي والدفاع عن النفس من خلال استهداف تنظيم "الدولة" لمدينة "كيليس" بمئات الصواريخ خلال العاميين الماضيين، أو كما قال.
وختم غول حديثه قائلا: "بعد هذه الحوادث، أعتقد أنه على تركيا المضي قدما في طريقها".