يتحضر وزراء
الحكومة الجديدة في
لبنان للبدء بأعمالهم رسميا بعد إنهاء مراسم التسلم والتسليم، فيما تتسلط الأنظار على أبرز التحديات التي تواجه الحكومة، والتي من أهمها قانون الانتخاب الذي تدور حوله سجالات ونقاشات حادة.
ووسط هذا المشهد؛ تبرز أسئلة المراقبين عن دور
حزب الله في توجيه مسار الحكومة، مع وجود أكثرية لصالحه داخلها بمشاركة حلفائه القدامى، ومن بينهم رئيس الجمهورية ميشال
عون، في ظل تلميح مستمر من وسائل إعلام حزب الله إلى دور أمين عام الحزب حسن نصرالله في إيصاله لقصر الرئاسة في بعبدا.
وتألفت الحكومة السبت الماضي، بعد 45 يوما من المشاورات، وضمت 30 وزيرا، بينهم 15 وزيرا جديدا، وسيدة واحدة.
واستحدثت الحكومة الجديدة وزارات للمرة الأولى، وهي وزارات الدولة لشؤون المرأة، وشؤون المهجرين، وشؤون حقوق الإنسان، وشؤون مكافحة الفساد، وشؤون التخطيط.
ويرى محللون أن رئيس الحكومة سعد
الحريري يتحمل عبئا ثقيلا مع اختزاله لقوى
14 آذار بتياره، وذلك بعد امتناع حزب
الكتائب عن المشاركة بالحكومة، وما يحكى عن خروج حزب القوات اللبنانية من عباءة 14 آذار عبر تحالفه المعلن مع التيار الوطني الحر قبل أشهر، وهو تيار تزعمه وأسسه عون.
وبناء على معلومات خاصة حصلت عليها "
عربي21" من مصدر وزاري؛ فإن "الأسبوع الحالي لن يفضي إلى ملامح جدية للبيان الوزاري، في ظل انشغال الجميع في بروتوكولات التسلم والتسليم وترتيب الملفات في الوزارات، على أن ترتفع حمى النقاشات خلال الأسبوع القادم، في ظل التباينات القائمة".
خلط الأوراق السياسية
وقال رئيس تحرير جريدة الشرق اللبنانية، خليل خوري، إن "المرحلة التي أعقبت انتخاب الرئيس ميشال عون وما تلاها من تكليف الرئيس سعد الحريري برئاسة الحكومة وخطوات تأليفها؛ تشير إلى خلط الأوراق بين الفرقاء السياسيين في لبنان، بما يوحي بولادة اصطفاف سياسي يبشر بإنهاء حالة الانقسام الحاد الذي عرفته السياسة اللبنانية".
وأضاف: "سيترتب على المنحى الجديد في لبنان انعكاسات إيجابية، لجهة التحسينات التي ستطرأ على الوضع السياسي والاقتصادي، وذلك بفعل تغير النظرة العربية إلى لبنان".
وعن التحدي الأكبر للحكومة، وهو البيان الوزاري وما سيحمله من مؤشرات حول قانون الانتخاب؛ قال خوري: "سيكون هناك سجال داخل الحكومة حوله باعتباره نقطة أساسية ومحورية، وربما خلافية، قد تؤخر إصدار البيان الوزاري، إلى جانب ملف الأحداث الجارية في سوريا وعلاقة لبنان بها".
وأبدى خوري تخوفه من أن يطول ما أسماه بـ"الخناق السياسي" ما "سيؤدي إلى مرحلة تنتهي فيها المهل الدستورية التي بإمكانها أن تجرى من خلالها الانتخابات النيابية، لتقرر وزارة الداخلية مضطرة المضي بالانتخابات وفق قانون عام 1960" الذي تعترض عليه أغلب الأطراف السياسية في البلاد.
وأشار إلى ضرورة "الحصول على قانون انتخابات عصري في لبنان، يكفل دخول دماء جديدة إلى الطبقة السياسية، على أساس أن الناخب لا يمكنه التصويت سوى لمرشح واحد وفق الدائرة الفردية، كما هو مطبق في بريطانيا وفرنسا، إضافة الى ضرورة اعتماد قانون النسبية".
احتمالية تأجيل الانتخابات
من جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي، صلاح سلام، إن "هناك وجهات نظر متباعدة حول العديد من الملفات في الحكومة، لا سيما قانون الانتخاب الذي تتراوح المواقف حوله بين قانوني الانتخاب الأكثري والنسبي".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "طُرح مشروع مقدم من أحزاب القوات والمستقبل والاشتراكي، لكنه غير مقبول من الثنائي الشيعي، وهناك مشروع طرحه الرئيس بري يجمع بين قانوني الانتخاب الأكثري والنسبي، بيد أن هناك خلافا أيضا على تفاصيله"، مشيرا إلى أنه "سيكون هناك نقاش مطوّل حول القانون الانتخابي، ما قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات تقنيا، وقد بدأ كثيرون بالترويج لذلك".
ورأى سلام أن المضي بالانتخابات وفق قانون 1960 "سيكشف كل المواقف السياسية المنافقة التي أبدت تأييدها لإقرار قانون جديد للانتخاب"، معتبرا "أن الأطراف السياسية في لبنان غير قادرة على تحمل تبعات المضي بالانتخاب وفق القانون الانتخابي السابق".
حزب الله هو المسيطر
وأوضح سلام أن "حزب الله وحلفاءه يمتلكون الأكثرية في الحكومة"، متوقعا أن يفرض هذا الفريق سلطته وخياراته على باقي الأطراف السياسية، ويفشل سعي الحكومة للتصدي للعديد من الملفات الهامة، "التي أبرزها ملف العلاقات العربية-اللبنانية".
وعن حضور قوى 14 آذار في الحكومة؛ قال: "لا نرى لهم حضورا قويا، فحزب القوات اللبنانية خرج من عباءتها بعد تحالفه مع عون، في الوقت الذي لا يمكن فيه لتيار المستقبل التمثيل المنفرد لها".
وحول الحديث عن ثنائية جديدة بين عون والحريري؛ بيّن سلام أنه "لا ملامح ثنائية جديّة بينهما، وإنما هناك عكس ذلك، فهذه الحكومة كرست الثنائيتين الشيعية-المارونية من جهة، كما أنها أعادت تجميع صفوف قوى 8 آذار من جهة ثانية" على حد قوله.