أثار حكم
المحكمة الدستورية العليا في
مصر، السبت، ببطلان المادة رقم 10 من
قانون التظاهر، المتعلقة بسلطة وزير الداخلية بإلغاء التظاهرات لدواع أمنية، جدلا كبيرا حول تبعات هذا الحكم، ومدى استفادة آلاف
المعتقلين المحبوسين على ذمة قضايا التظاهر منه.
وكانت المحكمة الدستورية العليا تنظر دعويين تطعنان على قانون التظاهر الذي أصدره رئيس الجمهورية الانقلابي المؤقت، عدلي منصور، في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2013، وقضت بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة العاشرة، وسقوط نص الفقرة الثانية من هذه المادة، بينما رفضت المحكمة كافة الطعون على المواد 8 و7 و19 المتعلقة ببعض الجرائم المحظور ارتكابها خلال المظاهرات، والعقوبات المقررة في القانون، والتي تراوحت ما بين
السجن والغرامة.
إلغاء أحكام السجن
وتعليقا على الحكم؛ قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، مصطفى كامل، إنه حينما يصدر حكم بعدم دستورية مادة في قانون ما؛ فإنه يجب وقف العمل بالقانون برمته، وبكل ما يترتب عليه من آثار، وهذا هو المتوقع الآن بشدة في حالة قانون التظاهر.
وأضاف كامل لـ"
عربي21" أن حكم الدستورية سيؤثر بالطبع على المسجونين؛ لأنه يعتبر القانون لاغيا لعدم دستورية المادة العاشرة منه، وهي إحدى المواد التي طبقت على المعتقلين وتسببت في سجنهم، متوقعا أن يتم الإفراج عنهم "لأن الحكم يقوض فكرة القانون أصلا (...) ويجعل الأحكام المترتبة عليه موقوفة وباطلة".
واستدرك: "جريمة التظاهر فقط هي التي ستسقط، لكن الجرائم الأخرى، مثل القتل أو الإتلاف، لن تسقط، ومرتكبو هذه الجرائم لن يتم الإفراج عنهم".
وأشار إلى أن الحكم كسر تحكم وزارة الداخلية في حق التظاهر، "فوفقا للوضع الجديد؛ سيتم إخطار وزارة الداخلية، وإذا رأت ما يهدد السلم العام؛ ستلجأ لقاضي الأمور الوقتية ليصدر حكما بإيقاف التظاهر، وهذا هو الوضع الطبيعي الذي يوجد في أي دولة ديمقراطية، وهو ما سيلقي عبئا على وزارة الداخلية؛ لأنها تريد أن تحتكر هذه السلطة، وتتحكم في حق التظاهر الذي هو أحد الحقوق الأساسية للتعبير عن الرأي".
لن يستفيد منه المحبوسون
في المقابل؛ قال المحامي الحقوقي طارق العوضي، الذي أقام إحدى الدعويين أمام المحكمة، إن الحكم لن يستفيد منه الشباب المحبوسين، حيث تتعلق المادة التي أصدرت المحكمة بخصوصها الحكم بسلطة وزير الداخلية في منع المظاهرات فقط، ولم يتطرق الحكم إلى المواد التي على أساسها تم حبس الشباب، مضيفا في تصريحات صحفية عقب صدور الحكم، أن مجلس النواب سيناقش المادة 10 فقط، ولن يتم مناقشة القانون كله.
ووافقه في الرأي، الحقوقي طارق نجيدة، أحد المحامين الذين قاموا برفع دعوى قضائية لإسقاط القانون، حيث أكد في تصريحات صحفية أن حكم "الدستورية" متعلق فقط بعدم أحقية وزارة الداخلية في منع أي تظاهرات، وليس متعلقا بضرورة إخطار وزارة الداخلية بتنظيم التظاهرات.
من جهته؛ هاجم المحامي الحقوقي محمد الباقر، الحكم، قائلا إنه "كان متوقعا، حيث يعد قانون التظاهر إحدى أدوات النظام لقمع أي تظاهرات وإسكات المعارضة، ولا يمكن أن أن يتخلى عنه النظام بسهولة".
وأكد في تصريحات إعلامية أن "الحكم لن يغير من أوضاع المعتقلين؛ لأن الشرطة غالبا ما توجه لهم عدة تهم بالإضافة إلى التظاهر دون ترخيص، في عبارات فضفاضة، مثل تكدير السلم العام، وتعطيل مصالح المواطنين، وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، وهو ما يجعل العقوبات مركبة بطبيعتها، ويصعب الاستناد إلى هذا الحكم لإلغائها".
تعديل مواد أخرى بالقانون
وأعلن وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية، مجدي العجاتي، البدء الفوري في إعداد تعديل عاجل لقانون التظاهر، تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية؛ لعرضه على مجلس النواب خلال الشهر الجاري، موضحا في تصريحات صحفية، أن التعديلات لن تقتصر على المواد التي تعرض لها حكم الدستورية فقط، وإنما ستطال مواد أخرى بخلاف المادة 10؛ لإقامة توازن بين الحق في التظاهر السلمي، وبين ضمان عدم تخريب الممتلكات، أو ارتكاب أعمال عنف.
وقال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد عزيز، إن الحكم بعدم دستورية المادة العاشرة من قانون التظاهر؛ يؤكد مطالبتنا بإلغائه منذ اليوم اليوم الأول لإصداره كونه "غير دستوري بالمرة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "من الضروري حاليا أن يخاطب المجلس القومي لحقوق الإنسان البرلمان خلال الأيام القادمة؛ ليتم إعادة النظر في قانون التظاهر ككل من قبل اللجنة التشريعية، وأن يتم السماع لملاحظات المجلس وإلغاء المواد غير الدستورية الموجودة بالقانون".
وأتابع: "كنا قد تقدمنا في المؤتمر الوطني للشباب بشرم الشيخ، الشهر الماضي، بملاحظات للرئيس على قانون التظاهر، واعترضنا على 13 مادة في القانون، أهمها العقوبات الكبيرة التي نص عليها بحق المتظاهرين، كما طعنّا على المادة العاشرة الخاصة بإخطار وزارة الداخلية، والتي حكم القضاء بأنها غير دستورية؛ لأنها كانت تحول الإخطار إلى تصريح من وزير الداخلية".