سياسة دولية

ميدل إيست آي: ترامب يمنح "الإسرائيليين" حلم وأد حل الدولتين

الصحافي ميرون رابوبورت أكد أنه يصعب معرفة مواقف ترامب من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني - عربي21
أكد رئيس وحدة الأخبار سابقا في صحيفة "هآرتس"، الصحافي الإسرائيلي ميرون رابوبورت، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي"، أن زعماء المستوطنات الإسرائيلية رحبوا بانتخاب دونالد ترامب رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية، وأنهم صفقوا وهللوا حلما بوأد حل الدولتين إلى الأبد.

وأشار الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن حركة الاستيطان في إسرائيل ظلت ولسنوات عديدة تسعى إلى الحصول على تفهم دولي – إن لم يكن اعترافا – بما تبذله من جهود لاستعمار الضفة الغربية. ولكن وباستثناء شخصيات يمينية متطرفة مثل غيرت وايلدرز، زعيم حزب الحرية الهولندي، أخفقت الحركة في الحصول على أي دعم ذي قيمة. 

واعتبر رابوبورت، أن المستوطنين يشعرون بأنهم سيكون لهم صديق داخل البيت الأبيض، بعد انتخاب دونالد ترامب، بوصفه الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية
 
وكان أنصار ترامب قد افتتحوا مقرا محليا لهم في إحدى مستوطنات الضفة الغربية، بينما التقى رئيس المجلس المحلي في شومرون يوسي داغان، بأحد كبار مساعدي ترامب في نيويورك قبل الانتخابات. 
 
ووصف داغان بعد يوم واحد من فوز ترامب المذهل ترامب بأنه "صديق المستوطنات". ولم يكن في ذلك وحيدا.
 
وزعم وزير التعليم ورئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت بأنه مع انتخاب ترامب "ولت حقبة الدولة الفلسطينية (المستقلة)".
 
ويعتبر بينيت ومن على شاكلته، حسب ميرون رابوبورت أنه انتهت إلى غير رجعة الأوقات الحالكة لإدارة باراك أوباما، الذي فرض تجميداً للاستيطان خلال سنوات حكمه الأولى، وتلوح في الأفق أيام مضيئة. 
 
لعبة التخمين
 
وقال الصحافي الإسرائيلي ميرون رابوبورت، إنه يصعب على من كان خارج إطار السياسة المتعارف عليها أن يخمن بالضبط ما هي مواقف ترامب من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، هذا إن كانت له مواقف على الإطلاق. 
 
وأضاف: "أثناء حملته الانتخابية صرح بعض مساعديه بمواقف يبدو معها بينيت كما لو كان ليبراليا عاشقا للسلام. من هؤلاء السيناتور نيوت غينغريتش، الذي يتحدث الناس عن احتمال ترشيحه لمنصب وزير الخارجية، والذي كان فيما مضى قد عبر عن اعتقاده بأن الفلسطينيين "شعب مصطنع". 
 
من جهة أخرى، كان أحد المعلقين الفلسطينيين قد ذكرنا في وقت مبكر من الحملة الانتخابية بأن ترامب كان قد قال بأنه سيطالب إسرائيل بدفع قيمة المساعدات العسكرية الهائلة التي تتلقاها الآن مجانا. 
 
وفي مناسبة أخرى، أشار ترامب إلى أنه من أجل القيام بدور الوسيط النزيه في النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يتوجب على الولايات المتحدة أن تتبنى موقفاً محايداً، مما جلب عليه نقداً لاذعاً من قبل اللوبي المؤيد لإسرائيل. 
 
وفي مقابلة مع صحيفة وال ستريت جورنال بعد الانتخابات مباشرة قال ترامب إنه بوصفه "خبيرا في إبرام الصفقات" يرغب في إبرام "صفقة لا يضاهيها شيء" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، صفقة قد لا تعجب أصدقاءه في إسرائيل. 
 
مقاربة عدم التدخل
 
وأكد ميرون رابوبورت في مقاله، أنه "سواء كان ترامب سينحاز إلى جانب المستوطنين أم كان سيتبنى موقفا أكثر اتزانا، يبدو أنه أقرب إلى التقليد الانعزالي المستحكم جيدا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية". 
 
وأنه يمكن من هذه الناحية أن يعتبر وريثا للرئيس أوباما الذي آثر الانشغال بإصلاح المشاكل الداخلية لأمريكا على محاولة إصلاح مشاكل الشرق الأوسط ثم الفشل في ذلك. 
 
ويبدو أنه من المبالغة حسب رابوبورت، وصف إدارة أوباما بأنها "تدخلية" تجاه سياسة إسرائيل في المناطق المحتلة. إذ من المحتمل أن تبدو الأمور مختلفة في ظل إدارة ترامب، على الأقل إلى أن يقرر ما هي أولوياته في الشرق الأوسط. 

وأوضح الكاتب الإسرائيلي، أنه قد تشعر الحكومة الإسرائيلية بالأمان وبأنها لن تقابل بأي ضغط أمريكي إذا اختارت توسيع المستوطنات القائمة أو بناء مستوطنات جديدة. إذا ما حافظ ترامب على وعده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فمن غير المحتمل أنه سيسارع إلى التنديد بإسرائيل إذا ما بادرت ببناء المزيد من المستوطنات في الجانب الفلسطيني من المدينة. 
 
وقال رابوبورت في المقال ذاته: "ما من شك في أن بناء أحياء يهودية جديدة في الضفة الغربية أمر مهم جدا بالنسبة لبينيت وداغان وغيرهما من قادة المستوطنين. ولكن يبدو أنهم الآن يتوقعون ما هو أكثر بكثير من حكومة بنيامين نتنياهو". 
 
وأضاف: "بعد سنوات طويلة في السلطة، يتوقع زعماء التيار اليميني، أو على الأقل يتظاهرون بالتوقع، أن تبدأ إسرائيل في ضم أجزاء من الضفة الغربية، محطمة بذلك الوضع القائم الذي أوجدته اتفاقيات أوسلو". 
 
وزاد: "أعطيت الإشارة الأولى يوم الأحد عندما أقرت الحكومة مسودة قانون يستهدف شرعنة البؤر الاستيطانية والمستوطنات غير الشرعية التي أقيمت على أراض يملكها فلسطينيون. وكان نتنياهو قد عارض هذا التحرك، كما حذر المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي مانديلبليت بأن هذا القانون الجديد يتناقض مع روح القانون الإسرائيلي كما يتناقض مع القانون الدولي". 
 
إلا أن بينيت، وبدعم من عدد من الوزراء في حكومة نتنياهو الليكودية تمكن من إجازة القانون، ومن المؤكد أن روح ترامب تحلق فوق هذا القانون وتحوم من حوله. 
 
لتبقى هنا
 
وأكد الكاتب الإسرائيلي أن السؤال الذي يطرح الآن هو: هل ستستغل إسرائيل هذه الفرصة لتمضي قدماً حتى تنفيذ ضم جزئي للضفة الغربية؟ وهي الخطوة التي طالما تجنبت الإقدام عليها طوال احتلالها للضفة على مدى الخمسين عاماً الماضية. 
 
وأشار إلى أنه ما من شك في أن معالي أدوميم، وكذلك الكثير من المستوطنات الأخرى في الضفة الغربية، قد وقع عمليا وفعليا ضمها إلى إسرائيل، إذ أن الشخص يتنقل عبر هذه المستوطنات بالكاد يلاحظ أنها تقع في منطقة خاضعة من الناحية الرسمية للحكم العسكري، هذا فيما عدا نقاط التفتيش التي توجد على الطريق المؤدي من وإلى هذه الأماكن. 
 
وبفعل طرقها العريضة التي تلتف حول القرى والبلدات الفلسطينية متجاوزة إياها تماما، قد ينسى سكان هذه المستوطنات أنهم يعيشون في مناطق ترزح تحت الاحتلال
 
وشدد رابوبورت على أنه قد يكون لضم معالي أدوميم وغيرها من المستوطنات بعض التأثير العملي على الحياة اليومية لمن يقطنونها، فبعد الضم لن يتطلب بناء مزيد من الأحياء تصريحاً من الآمر العسكري أو من وزير الدفاع، وإنما سيستلزم القيام بإجراءات مدنية أبسط. 
 
إلا أن الهدف الأساسي من ضم مستوطنة معالي أدوميم حسب الكاتب الإسرائيلي، ليس تيسير حياة ساكنيها، وإنما المقصود من ذلك هو أن تعلن إسرائيل بأنها وجدت هنا لتبقى وأن فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة ينبغي أن تشطب تماما.