كتاب عربي 21

انتخاب عون رئيسا والمعركة على داعش في الموصل: نحو قراءة مختلفة

1300x600
شكل انتخاب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون رئيسا للبنان خطوة سياسية مهمة لاعادة بناء المؤسسات الدستورية ووقف انهيار البلد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ولم يكن بالامكان حصول مثل هذه الخطوة السياسية والدستورية لو لم يعلن رئيس تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري موافقته على الترشيح ودعمه للعماد عون، بعد ان كان الاخير يحظى بدعم حزب الله والقوات اللبنانية.

وبموازة ذلك تستمر الحملة العسكرية العراقية على تنظيم داعش في الموصل وقد حققت الحملة حتى الآن نجاحات ميدانية مهمة رغم كل العقبات والحملات السياسية والاعلامية والدبلوماسية التي واجهتها، وإن كانت لا تزال المعركة الاساسية في الموصل لم تحصل بعد وهناك تخوف كبير من بعض ارتداداتها عراقيا وعربيا واسلاميا.

لكن هذه الخطوات الايجابية في لبنان والعراق تنظر اليها بعض الفئات والجهات والدول وكأنها خطوات سلبية او أنها انتصار لفريق على حساب فريق آخر.

وكي نتحدث بوضوح وبصراحة: هناك من يروج ان المعركة في الموصل هي معركة الشيعة ضد السنة وان السنة في الموصل سيتعرضون لمذابح على ايدي الحشد الشعبي او المليشيات الشيعية المدعومة من ايران، رغم ان المعركة في الموصل ليست معركة مذهبية او عرقية بل هي معركة عراقية ضد تنظيم داعش ويشارك في المعركة الاكراد وعشائر اهل السنة اضافة للجيش العراقي وقوات الشرطة، وهزيمة داعش في العراق هي هزيمة للتطرف ومن اجل استعادة وحدة العراق وشعبه وهي ليست معركة فريق ضد آخر.

وفي لبنان لم يصل العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية لو لم يحظ بدعم من تيار المستقبل ورئيسه الشيخ سعد الحريري الذي تربطه علاقة عضوية واستراتيجية مع المملكة العربية السعودية ودول عربية واسلامية وجهات دولية، ولو لم يكن الرئيس الحريري يحظى بدعم سعودي وعربي واسلامي ودولي للقيام بمثل هذه الخطوة لما حصل الانتخاب ولما وصل العماد عون الى الرئاسة، لكن بعض الجهات الداخلية وبعض الجهات الدولية تحاول تصوير ما جرى وكأنه انتصار لايران على السعودية او كأنه انتصار لحزب الله وحلفائه على اهل السنة في لبنان، وتسود بعض الاجواء الاسلامية في لبنان حالة من الاحباط والانزعاج وكأن المشروع الاسلامي انتهى واصبح لبنان تابعا لايران او تحت سيطرة حزب الله.

ومن اجل رؤية الاوضاع بطريقة اخرى مغايرة ومن اجل رؤية الوجه الايجابي لما يحصل ان في لبنان او العراق، لا بد من اعادة قراءة الاحداث بطريقة اخرى وفهم الامور في اطار المصالح والاولويات، ولتسهيل ذلك نطرح بعض الاسئلة او نقدم بعض الاشارات:

أولا: هل من مصلحة اهل السنة والجماعة في العراق استمرار سيطرة داعش على الموصل او ان المصلحة اعادة الاعتبار للدولة العراقية واعادة بناء العراق على اساس وطني ومن خلال تسوية مشتركة يشارك فيها كل مكونات العراق؟

ثانيا: هل من مصلحة اهل السنة والجماعة بقاء الفراغ الرئاسي في لبنان ام ان هناك مصلحة في اعادة قيام المؤسسات الدستورية وحصول تسوية يشارك فيها جميع الاطراف وتكون مدعومة من القوى الاقليمية والدولية؟

ثالثا: لقد كان الكثيرون في لبنان وخارجه يقولون ان حزب الله وايران يريدان استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان وانهما لا يريدان وصول العماد عون الى الرئاسة، فلماذا يقال الآن ان ما جرى انتصار لحزب الله وايران فقط؟

رابعا: أين هي المصلحة العربية والاسلامية اليوم فيما يجري في العراق ولبنان وبقية الدول: هل المصلحة استمرار الصراعات وتأجيج الاجواء المذهبية ونشر التطرف ام ان المطلوب البحث عن التسويات ودعم كل محاولة تعزز قيام الدولة وتعيد بناء المؤسسات الدستورية؟

خامسا: لماذا لا يعتبر ما يجري في لبنان والعراق بداية لاعادة توحيد دول المنطقة وحماية الكيانات الموجودة وان ما يجري قد يمهد لتسويات اخرى في سوريا واليمن والبحرين؟

سادسا: أليس خطاب القسم الذي القاه العماد ميشال عون بعد انتخابه رئيسا للجمهورية يحمل نقاطا ايجابية يمكن البناء عليها؟

هذه بعض الاسئلة والملاحظات اطرحها في سبيل الحوار والنقاش وكي نرى الامور برؤية مغايرة بدل الاستمرار في حالة الاحباط واليأس واثارة النعرات المذهبية والعرقية والطائفية. والله على ما اقول شهيد.