مقابلات

نافذ عزام: التسوية فشلت.. وعلى السلطة أن تراجع مواقفها

عزام: طمحنا دوما إلى تشكيل اصطفاف واسع بين الفصائل الفلسطينية ولكن ذلك لم يتحقق- أرشيفية
- الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع السلطة الفلسطينية بازدراء

- مسيرة التسوية مع العدو الإسرائيلي وصلت إلى طريق مسدود

- أندد بملاحقة أمن السلطة لعناصرنا.. ولن ننجر إلى صراع داخلي

- اتصالاتنا مع مصر لم تنقطع وهي لمصلحة شعبنا وقضيتنا

- لا مصلحة للاحتلال في شن حرب جديدة على قطاع غزة

- تقصير العرب تجاه قضيتنا يتزايد ومحاولات طمسها لم تنجح

شدد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشيخ نافذ عزام، على وجوب قيام السلطة الفلسطينية بـ"عملية مراجعة شاملة لكل المواقف والبرامج السياسية"، مؤكدا أن هذه "المراجعة مطلوبة بإلحاح في هذه المرحلة بالذات".

وقال في حوار خاص مع "عربي21"، إن فقدان عملية التسوية "لمقومات النجاح أوصلها إلى طريق مسدود"، مشيرا إلى أن "رهان السلطة على مسيرة التسوية تقلص كثيرا؛ بفعل تعنت الاحتلال الإسرائيلي، وتراجع الدور العربي، وانشغال العالم بقضايا أخرى".

وندد عزام بملاحقة واعتقال الأجهزة الأمنية الفلسطينية لعناصر وكوادر حركة الجهاد في الضفة الغربية المحتلة، مطالبا "العقلاء في السلطة وحركة فتح، بلجم هذه التصرفات العبثية، ووضع حد نهائي لها".

ورأى أن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية جديدة؛ أمر "بعيد المنال"، مؤكدا أنه "لا يبدو في الأفق ما يبشر بأن هناك انفراجة في الوضع الداخلي الفلسطيني".

وأكد القيادي البارز في حركة الجهاد، أن خوض حرب جديدة حاليا "لن يحقق فائدة للفلسطينيين"، مشددا على ضرورة الانشغال بترتيب أوضاع الشعب الفلسطيني، وتحسين ظروف حياته المعيشية، والعمل على تماسك جبهتنا الداخلية".

وأضاف الشيخ عزام أن حركته بعد 35 عاما على تأسيسها؛ لم تحقق جميع أهدافها، موضحا أن "الإنجاز الكبير والأهم الذي حققته الحركة؛ هو إبقاء اسم فلسطين حاضرا، رغم كل محاولات طمس القضية، ودفع الفلسطينيين نحو الاستسلام".

وأحيت حركة الجهاد الجمعة الماضي، ذكرى انطلاقتها التاسعة والعشرين، والتأسيسية الخامسة والثلاثين، خلال مهرجان ضخم في ساحة الكتيبة بوسط مدينة غزة، حمل عنوان "الجهاد.. ميلادنا المتجدد".

وإلى نص الحوار..


* بعد 35 عاما على تأسيس حركة الجهاد، وفي الذكرى الـ29 لانطلاقتها.. كيف هي الآن؟

- حركة الجهاد ظهرت بالساحة الفلسطينية في ظروف صعبة؛ وسط جدل حول دور الإسلام وموقعه في هذا الصراع، وحول موقف الحركة الإسلامية من القضية الفلسطينية، وهنا طرحت الحركة شعارها الخالد المتمثل بمركزية القضية الفلسطينية في العمل الإسلامي، ومركزيتها لكل العرب والمسلمين.

ونستطيع القول الآن؛ إن الحركة كرست حضورها بشكل لافت في الساحة الفلسطينية، ونظن أنها راكمت إنجازات عدة، عبر رؤية متكاملة للقضية، مستندة إلى المزاوجة بين الإسلام وقيمه وبين المسؤولية الوطنية، فحركة الجهاد حددت بوضوح ملامح المشروع الجهادي في فلسطين، ونظن أنها بعد 35 عاما موجودة بقوة في حياة الشعب الفلسطيني.

* ما الذي لم تنجزه الحركة وتطمحون إلى تحقيقه خلال السنوات القادمة؟

- نحن لا ندعي أننا حققنا كل شيء، ونؤمن في الوقت ذاته بضرورة وجود شراكة حقيقية بين كل أطياف العمل السياسي والفكري والثقافي والاجتماعي في فلسطين، ونؤمن أن فصيلا وحده لا يمكنه أن ينجز كل شيء، في الوقت الذي تتسع فيه الساحة الفلسطينية للجميع.

نحن لم نحقق كل الأهداف التي أعلنا عنها، فهناك قضايا مهمة ما زالت عالقة، منها الأزمة الداخلية التي تخص العلاقات بين الفلسطينيين، والمعاناة المتزايدة بفعل الاحتلال والخلاف الداخلي، إضافة إلى حالة الجمود التي أصابت القضية الفلسطينية؛ بسبب الوضع الداخلي والإقليمي والدولي، ومواقف الدول المختلفة.

ولقد طمحنا دوما إلى تشكيل اصطفاف واسع، وهذا للأسف لم يتحقق، وطمحنا بتغيير حياة شعبنا للأفضل مع مرور الوقت، وهذا لم يحدث.. لكننا وسط هذا الوقع الصعب؛ تمكنا من تحقيق إنجاز كبير، وهو الأهم، وهو المساهمة في إبقاء اسم فلسطين حاضرا، والحفاظ على جذوة الصراع مشتعلة ومفتوحة مع العدو الصهيوني، رغم كل المحاولات الساعية لطمس ملامح القضية، ودفع الفلسطينيين نحو الاستسلام.

* كيف ترون مستقبل قضية فلسطين مع استمرار تمسك السلطة الفلسطينية بالنهج التفاوضي؟

- الكل يرى الآن وأكثر من أي وقت مضى؛ تعثر مسيرة التسوية ووصولها إلى طريق مسدود، ومنذ البداية أكدنا أنه لا يوجد أي أفق لهذه المسيرة؛ لأنها تفتقد لكل مقومات النجاح، كالعدالة والموضوعية والتوازن، ولا نجاح لعملية تفتقد لهذه الأسس الثلاثة، والسلطة الفلسطينية تدرك ذلك جيدا، وأظن أن رهان السلطة على مسيرة التسوية يتقلص كثيرا؛ بفعل تعنت الاحتلال، وتراجع الدور العربي في إسناد الفلسطينيين، وانشغال العالم بقضايا أخرى لها الأولوية حاليا لدى الدول المتنفذة في العالم.

وهنا أقول؛ يجب على السلطة أن تجري عملية مراجعة شاملة لكل المواقف والبرامج السياسية، وهذه المراجعة مطلوبة بإلحاح في هذه المرحلة بالذات.

* ما موقفكم تجاه ملاحقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة لكوادركم؟ هل يمكن أن يجركم ذلك إلى صدام معها؟

- يؤلمنا ويغضبنا بشدة ما يحصل من اعتقالات بين فترة وأخرى، ولكن هذا لن يجرنا إلى صدام داخلي، وفي الوقت ذاته نؤكد أن هذا العبث الذي تقوم به بعض الأجهزة الأمنية؛ من اعتقال وملاحقة وتضييق على عناصرنا؛ لن يعود بالإيجاب أو بأي فائدة على تلك الأجهزة، ومن خلفها السلطة الفلسطينية التي ترى كيف يتنصل الاحتلال من كافة التزاماته تجاهها، ويتعامل معها بازدراء.. وهنا؛ يجب على العقلاء في السلطة وحركة فتح أن يكون لهم دور حاسم، ولجم هذه التصرفات العبثية، ووضع حد نهائي لها.

* هل من تواصل بينكم وبين السلطة حول هذه الاعتقالات؟

- نعم؛ نتواصل مع السلطة وقيادات في حركة فتح بالضفة، ونحن نأمل أن تنجح هذه الاتصالات في وضع حد للاعتقالات وعمليات الملاحقة.

* في حال تم إقرار إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، هل ستشارك حركة الجهاد فيها؟

- المؤسف أننا بعيدون عن تحقيق هذه الآمال التي يريدها شعبنا، فلا يبدو في الأفق ما يبشر بأن هناك انفراجة في الوضع الداخلي الفلسطيني المنقسم على نفسه، ولا في إجراء تلك الانتخابات، ونحن للأسف عجزنا عن إجراء انتخابات المجالس المحلية، مع كونها أقل أهمية بكثير من الانتخابات الرئاسية أو التشريعية، وبعيدة عن الاستحقاق السياسي، ولا علاقة لها باتفاق أوسلو.

* وزير الحرب الإسرائيلي يتوعد غزة.. هل تتوقعون حربا جديدة على القطاع؟

- الواقع السياسي الحالي يقول إنه لا مصلحة للاحتلال في شن حرب جديدة على غزة؛ لأنه مستفيد من الوضع الحالي في الساحة الفلسطينية والإقليمية والدولية، ولا توجد معطيات توحي بأن ثمة حربا وشيكه، ولكن إذا فرضت الحرب على الشعب الفلسطيني فيجب أن يدافع عن نفسه، وأرى أن الحرب في هذه المرحلة لن تحقق فائدة للفلسطينيين، ويجب أن ننتبه إلى واقعنا وترتيب أواضعنا، ونحسّن من ظروف حياة شعبنا، ونعمل على تماسك جبهتنا الداخلية.

* هل لديكم اتصالات مع مصر؟

- الاتصالات مع الإخوة في مصر لا تنقطع ولا تتوقف، فنحن نؤمن تماما بدورها في القضية الفلسطينية والقضايا العربية عموما، ولذلك نحرص على استمرار هذا التواصل، ونرى أنه من الضروري أن يستمر؛ وفي ذلك مصلحة لشعبنا وقضيتنا.

* ما هي أولياتكم خلال المرحلة القادمة؟

- على رأس تلك الأولويات؛ ترتيب الوضع الداخلي، وإعادة اللحمة للساحة الفلسطينية، والعمل على التخفيف من المعاناة المتواصلة التي يعيشها شعبنا، وذلك لتأهيله لمواجهة الأخطار والتحديات الخارجية، في الوقت الذي قصّر فيه العرب والمسلمون كثيرا تجاه قضيتنا المقدسة، فهم قصروا في السابق، ويزداد التقصير اليوم بفعل الجنون الذي يضرب منطقتنا.