سياسة عربية

تواضروس وحكومة السيسي.. من يحسم آخر متر لبناء الكنائس؟

تواضروس قال إنه وجد تفهما من رئيس الوزراء بخصوص قانون بناء الكنائس- أرشيفية
دخلت المواجهة بين حكومة الانقلاب، برئاسة شريف إسماعيل، والكنيسة  الأرثوذكسية، بقيادة البابا تواضروس الثاني، مرحلة متقدمة من "سباق الأمتار الأخيرة" بينهما، لحسم الخلاف حول بنود مشروع قانون "تنظيم بناء وترميم الكنائس"، المعروض من الحكومة، والذي رفضه تواضروس من قبل مرتين.

وبينما اعتبر البابا أنه وجد تفهما من رئيس الوزراء، خلال لقائه به الاثنين، حول مشروع القانون، مؤكدا أن به بعض المواد الجيدة، إلا أنه أشار إلى أن بعض البنود تحتاج إلى مناقشة، وعلق حسم الكنيسة لموقفها منه، على اجتماع المجمع المقدس، الأربعاء، لمناقشة مستجدات القانون.

وحاول تواضروس التخفيف من حدة المواجهة مع الحكومة، في تصريحات أدلى بها لقناة "مارمرقس"، الناطقة بلسان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فقال إنه التقى شريف إسماعيل، الاثنين، بمقر مجلس الوزراء، لمناقشة تلك المسودة، ووجد منه تفهما كاملا، وأن الصورة اتضحت أمامهم.

وكانت الكنيسة أصدرت بيانا أعلنت فيه رفضها مشروع القانون، معللة ذلك بتعديلات طرأت على القانون، لم تعلم بها الكنيسة.

ومن أهم النقاط التي اعترضت عليها الكنيسة منح المحافظين سلطات واسعة لرفض أو قبول بناء كنيسة، ووجود شرط أن يحيط بناء الكنيسة سور، وجواز الموافقة على رفع الصليب فوق قبة الكنيسة أو عدم الموافقة.

وقال مراقبون إن استعانة البابا تواضروس بالمجمع في هذا التوقيت، يشير إلى أنه إما أنه قرر رفض المشروع بشكل نهائي، أو أنه قرر البحث عن مخرج جديد، لتمرير القانون، بما يمنع تصعيد الأزمة مع الحكومة.

الحكومة تميل للتهدئة

ومن جهته، أكد رئيس حكومة الانقلاب حرص الدولة على سرعة إصدار مشروع القانون، مضيفا أن التواصل مستمر، وأن المشاورات تتم على مدار الساعة، لوضع مشروع القانون في صورته النهائية.

وأكد مجلس الوزراء، في بيان أصدره الثلاثاء، التنسيق الكامل مع الكنيسة لإصدار مشروع القانون.

ومن المقرر عقب التوصل بين الحكومة والكنيسة إلى صيغة نهائية لمشروع القانون، إرساله من قبل مجلس الوزراء إلى مجلس الدولة لمراجعته، تمهيدا لرفعه إلى مجلس نواب ما بعد الانقلاب، سعيا لإقراره خلال دور التشريع الحالي، طبقا لنص المادة 235 من دستور عام 2014، الذي وضعته لجنة "الخمسين" المعينة من العسكر.

وحذر مراقبون من أنه حال عدم إصدار المجلس للقانون في خلال الدور التشريعي الحالي (الأول)، الذي ينتهي أوائل شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، فسيكون البرلمان نفسه مخالفا للدستور.

ويذكر أن اجتماع المجمع المقدس للكنيسة يتزامن مع الاجتماع الأسبوعي للحكومة المقرر أيضا الأربعاء.

الكنيسة بين اجتماع ومشاورات

من جهتها، قررت الكنيسة الإنجيلية، الاستمرار في المشاورات بشأن القانون مع الجهات المعنية، وبقية الكنائس.

وأكدت في بيان لها الاثنين، عقب اجتماع المجلس الإنجيلي العام برئاسة القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، أنها ناقشت تداعيات الحوار الدائر حاليا حول قانون بناء وترميم الكنائس.

وذكر البيان أن المجلس استمع إلى تقرير مفصل قدمه ممثل رئيس الطائفة الإنجيلية حول التعديلات التي جرى إدخالها على مشروع القانون، ونتائج اللقاءات التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من رجال الدولة، وبناء عليه قرر الاستمرار في المشاورات والدراسة مع الكنائس وجهات الاختصاص كافة.

الكنيسة تحشد إعلامييها ونوابها


ولتمرير تصورها لمشروع القانون دون تعديلات الحكومة، لجأت الكنيسة الأرثوذكسية إلى حشد إعلاميين وبرلمانيين موالين لها، في الضغط على الحكومة، كي تمرر مشروعها هي للقانون، متهمة تعديلات الحكومة بتعجيزها عن بناء الكنائس.

وشن إبراهيم عيسى حملة شعواء على الحكومة، ووصف قانونها بأنه سكون قانون منع بناء الكنائس، واستضاف في برنامجه "مع إبراهيم عيسى"، مساء الاثنين، النائبة نادية هنري، والناشط القبطي كمال زاخر، اللذين هاجما ما اعتبروه "تعنت الدولة ضد الأقباط، وما يحدث في الخفاء ضد ظهور قانون بناء الكنائس"، وفق تعبيرهما.

وأكد الناشط القبطي نجيب جبرائيل، أن دعوة البابا تواضروس لاجتماع المجمع المقدس، تمثل تصعيدا جديدا للأمر، بعد تعديلات قانون بناء الكنائس، مؤكدا أن ما حدث يكشف أن الدولة ليس لديها نية صادقة وشفافة في التعامل مع الملف القبطي، وفق وصفه.

وأضاف في تصريحات صحفية، أن الدولة تصر على أن يكون "الأمن" هو المتدخل الأساسي في هذا الشأن، مؤكدا أن هذا يمثل انتكاسة كبيرة للدولة تجاه الأقباط.

إلى ذلك، ترى الكنيسة، والموالون لها، أن أبرز معوقات القانون اشتراط موافقة المحافظ على بناء الكنيسة، بالتنسيق مع الجهات المعنية، دون الإشارة لهذه الجهات؛ ما يجعل رفض بناء الكنيسة فيما بعد يعلق على الجهات المعنية غير المعلومة.

ويضيفون أن التعديلات قد تثير المشكلات، بسبب تحديدها شكل الكنيسة باعتباره مبنى محاطا بأسوار من دون أن يحدد وجود قبة أو صليب، علاوة على ربط مساحة إنشاء كنيسة جديدة بعدد السكان، ومدى حاجتهم لها، دون أي تفاصيل أو توضيح، مما قد يسمح للجهة الإدارية بالتعسف، إذا وضع الأمر في يد المحافظ، بالتنسيق مع الجهات المعنية.

ويؤكدون أنه في حال رفض المحافظ بناء الكنيسة يتم اللجوء إلى القضاء الإداري، وهو ما قد يستغرق فترة طويلة تصل من سبع إلى عشر سنوات للفصل في بناء كنيسة، وسط تكدس القضايا والتأجيل مرات عدة.

وزير الشؤون القانونية: البابا رفض القانون مرتين


وكان وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، كشف عن اتصال الأنبا بولا، أسقف طنطا، مسؤول ملف العلاقات العامة بالكنيسة القبطية به، لإبلاغه برفض البابا تواضروس الثاني، لتعديلات قانون بناء الكنائس.

وقال، في حوار مع صحيفة "المصري اليوم"، الثلاثاء: "هذا المشروع أمضيت فيه نحو خمسة أشهر في مناقشات مع ممثلي الكنائس الثلاث، واتفقنا خلالها على بعض الأمور، واختلفنا على أمور أخرى، واتفقنا على نسخة نهائية من مشروع القانون، وكنت في غاية الفرح، ولكني أبلغت بأنها لم تلق قبولا من البابا تواضروس، في اتصال هاتفي من الأنبا بولا، وأتعشم حل الموضوع بأقرب فرصة".

وعن بيان الكنيسة، قال: "لست راضيا عما جاء فيه، ونحن وصلنا إلى مرحلة ممتازة من التفاهمات، ولأول مرة المشروع ينظم عملية بناء الكنائس، تنظيما موضوعيا يستهدف استقرار الأوضاع، وبناء الكنائس طبقا لإجراءات علنية وميسرة".

ورأى مراقبون أن هذه التطورات جاءت لتقطع الود في العلاقات بين النظام المصري والكنيسة، الذي تمثل في إعلان الكنيسة بشكل رسمي دعمها لانقلاب الثالث من تموز/ يوليو، وحشد المصريين المسيحيين للمشاركة في الفعاليات المصاحبة له كافة، وكذلك حشدهم في الاستحقاقات الانتخابية التي تبعتها.