تناول ناشطون قبل أيام في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، قالوا إنه يعود إلى حادثة إطلاق النار من قبل الشرطة العسكرية التركية "الجندرما" على مجموعة من المدنيين النازحين إلى الأراضي التركية ومقتل 11 شخصا بينهم ثلاثة أطفال وأربع نساء.
كانت هناك أحداث أخرى سبق أن ذكرها ناشطون حول إطلاق الجنود الأتراك النار على نازحين حاولوا أن يعبروا الحدود إلى الأراضي التركية، إلا أن الحادثة الأخيرة التي سقط فيها وفقا للأنباء المتداولة عدد كبير من المدنيين بين قتيل وجريح، أثارت ضجة واسعة وتحدثت عنها وسائل إعلام عالمية.
وسائل الإعلام التركية سواء المعارضة للحكومة أو المؤيدة لها تجاهلت الأنباء المتداولة حول مقتل مدنيين على الحدود السورية التركية بنيران الجنود، إلا أن ناشطين أتراك دعوا الحكومة التركية إلى فتح تحقيق عاجل لمعرفة حقيقة ما يجري على الحدود وكشف ملابسات الحادثة المؤلمة.
الخارجية التركية نفت الأنباء التي تحدثت عن إطلاق النار من قبل الجنود الأتراك على مدنيين سوريين نازحين بشكل متعمد. وقال الناطق باسم الخارجية التركية، تانجو بلغيتش، إن الوحدات الأمنية تؤمن حدود البلاد بأساليب "تناسب حساسية الوضع، في مواجهة التهديدات والمخاطر النابعة، سواء من النزاع في سوريا أم من أنشطة المنظمات الإرهابية وشبكات التهريب"، كما نفى الجيش التركي تلك الأنباء، وقال مصدر عسكري تركي لوكالة رويترز إن "المزاعم بأن الجنود الأتراك قتلوا تسعة أشخاص كانوا يحاولون عبور الحدود في إقليم هاتاي غير صحيحة. الليلة الماضية كانت هناك محاولة لعبور الحدود بصورة غير مشروعة لكن لم يتم إطلاق النار مباشرة على الناس". وأضاف: "بعد إطلاق طلقات تحذيرية فرت مجموعة من سبعة إلى ثمانية أشخاص صوب الغابات".
النفي التركي سواء على لسان الناطق باسم الخارجية التركية أو مصدر عسكري تركي لا يرقى لمستوى الحدث الذي آلم جميع المتعاطفين مع نضال الشعب السوري ضد نظام الأسد. والمطلوب هو تحقيق عاجل يشمل جميع الأحداث السابقة بما فيها الحادثة الأخيرة لمعرفة ما يجري بالضبط على الحدود السورية التركية، ومنع تكرار مثل هذه الأحداث المؤلمة، ومحاسبة المسؤولين المتورطين فيها ومعاقبتهم، وإطلاع الرأي العام ووسائل الإعلام على نتائج التحقيق لقطع دابر الشائعات.
الجانب التركي يعتقد أن هناك محاولات حثيثة لتشويه سمعة
تركيا التي فتحت أبوابها على مصراعيها أمام تدفق اللاجئين السوريين وقدمت لهم خدمات يثني عليها جميع المنصفين، ويرى أن نشر مثل هذه المزاعم التي لا أصل لها يأتي في إطار تلك المحاولات المغرضة. ولكن حتى لو سلَّمنا جدلا أن تلك الأنباء المنشورة حول مثل هذه الأحداث كلها تخدم أجندات الجهات المعادية لتركيا فإن الواجب أن يتم إجراء تحقيق لمعرفة مدى صحة الأنباء المنشورة ومعاقبة من تورط فيها إن ثبتت صحتها، حتى لا تجد تلك الجهات المعادية لتركيا وسياساتها الإنسانية والأخلاقية تجاه الثورة السورية مدخلا لتشويه سمعتها بسبب أخطاء فردية.
هناك شهادات ناشطين سوريين وأتراك لا يمكن تجاهلها حول وجود تعاون بين عصابات التهريب وعناصر من الجيش التركي لإدخال النازحين إلى الأراضي التركية في مقابل مبالغ مالية، ويذهب ناشطون سوريون إلى أن الضابط الذي يقف وراء أحداث إطلاق النار على النازحين قد يكون علويا متعاطفا مع النظام السوري، ولكنه ليس من الضروري أن يكون المسؤول علويا، بل يكفي أن يكون فاسدا يتعاون مع عصابات التهريب لمجرد الحصول على أموال. ومن المستحيل القول بعدم وجود أمثال هؤلاء في صفوف قوات الأمن التركية، ولكن المطلوب أن يتم الكشف عنهم لمعاقبتهم وتطهير قوات الأمن منهم حتى لا يشوهوا سمعة البلاد بأخطائهم وجرائمهم.
القادة الأتراك يؤكدون استمرار سياسة الباب المفتوح لقبول اللاجئين، إلا أن هذه الأحداث التي تشهدها الحدود التركية السورية يعود سببها، كما يقول ناشطون، إلى كون الحدود مغلقة أمام النازحين منذ فترة طويلة، الأمر الذي يجعل النازحين الهاربين من الموت مضطرين للجوء إلى عصابات التهريب ليتمكنوا من عبور الحدود والوصول إلى الأراضي التركية. ومن حق تركيا أن تحمي حدودها بشتى الأساليب المناسبة في ظل تكثيف حزب العمال الكردستاني هجماته الإرهابية وتهريب عناصره من شمال سوريا إلى الداخل التركي ليشاركوا في القتال ضد قوات الأمن التركية، ولكن ذلك لا يمكن أن يكون مبررا بأي حال لقتل الأطفال والنساء، وإلا فستتحول سمعة تركيا -لا سمح الله- من "بلد يحتضن اللاجئين السوريين" إلى "بلد يقتل اللاجئين السوريين أمام أبوابه".