اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية قوات الأمن
المصرية في الإسكندرية (شمال) بإخفاء أشخاص بمن فيهم
أطفال وتعذيبهم لإجبارهم على الاعتراف بجرائم، وذلك في تقرير مطول نشر الخميس واستند إلى شهادات لمحامين وأهالي المعنيين.
وقالت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها في تقريرها إنه أثناء حملات مداهمة للأمن في الإسكندرية المطلة على البحر المتوسط يومي 4 و5 شباط/ فبراير الماضي، تم اعتقال 20 شخصا بينهم ثمانية أطفال، مؤكدة أن هؤلاء اختفوا ليظهروا في 13 من الشهر نفسه أمام النيابة العامة، بحسب ما أفاد محامو وأهالي ستة من الموقوفين.
غير أن مسؤولا كبيرا في الأمن المصري نفى اتهامات المنظمة الحقوقية. وقال المسؤول عبر الهاتف طالبا عدم نشر اسمه إن "التقرير غير منطقي وملفق"، مؤكدا أن "من يتعرض للتعذيب عليه أن يقدم شكاويه للنيابة لتحقق فيها".
وبحسب التقرير، فإن المتهمين اعتقلوا على خلفية اتهامات بالتظاهر دون تصريح، وارتكاب أعمال تخريب وإشعال حرائق والانضمام لتنظيم محظور. وقبل ظهورهم، دأب الأهالي على السؤال عن أبنائهم في النيابة العامة دون الحصول على إجابات وافية.
ونقل الأهالي عن أبنائهم المعتقلين أن سلطات الأمن كانت تحتجزهم في مديرية أمن الإسكندرية، وهو مبنى إداري لا يعتبر موقع احتجاز رسمي، حيث جرى تعذيبهم، بحسب التقرير.
وقالت زاما كورسن-نيف، مديرة قسم حقوق الأطفال في "هيومن رايتس ووتش": "أخفى بعض المسؤولين المصريين أطفالا ويبدو أنهم عذبوهم، ثم لفقوا سجلات التوقيف لإخفاء الحقيقة. تجاهلت السلطات تقارير عن التعرض لانتهاكات ورفضت التحقيق".
وتقول منظمات حقوقية مصرية وأجنبية إن عشرات الناشطين والمعارضين يتعرضون للإخفاء القسري في مصر منذ العام الماضي، وأن عددا منهم ظهر لاحقا كمتهمين في قضايا ملفقة، وهو الأمر الذي تنفيه الشرطة بشدة.
ونقل تقرير "هيومن رايتس ووتش" عن الأهالي أن المتهمين تعرضوا أثناء توقيفهم لأعمال تعذيب مثل "التعرض إلى اللكم والصعق بالكهرباء في الأعضاء التناسلية، وربط الذراعين والتعليق منهما، والتقييد بالأصفاد في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، وسكب المياه عليهم، والإجبار على النوم على الأرض في طقس بارد".
ومن بين 23 شخصا أوقفوا في هذه القضية، أفرجت السلطات عن خمسة معتقلين، بينهم طفلان، دون اتهامات بعد المثول أمام النيابة في 13 شباط/فبراير الماضي. كما أفرج عن تسعة آخرين بكفالة 5 آلاف جنيه مصري (560 دولارا) عن كل منهم، وذلك في جلسات منفصلة في آذار/مارس.
وبحسب التقرير فإن تسعة أشخاص ما زالوا محتجزين على ذمة القضية.
ومنذ الانقلاب على الرئيس الإسلامي محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013، شنت السلطات حملة قمع واسعة ضد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها قتل فيها أكثر من 1400 شخص كما جرى توقيف آلاف آخرين.
إلا أن حملة القمع امتدت بعدها لتشمل الناشطين الشباب من الحركات الداعية إلى الديمقراطية والذين أيدوا الانقلاب على مرسي قبل أن يعارضوا رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي.
غير أن كثيرا من غير المنشغلين بالسياسة يدفعون ثمن حملات الاعتقالات العشوائية، بحسب حقوقين.
وقالت كورسن-نيف إن "أجهزة الأمن المصري تخفي وتعذب الأطفال بناء على اشتباهات واهية بجرائم تمس ممتلكات، أو لمجرد مشاركتهم في احتجاجات". وأضافت: "تستحق العائلات المصرية سلامة أطفالها والمحاسبة لمسؤولي الأمن، الذين آذوهم بكل قسوة".