سياسة عربية

الملك سلمان في أنقرة.. زيارة بطعم الشراكة الاستراتيجية (فيديو)

يرى محللون سياسيون وباحثون اقتصاديون أن أوجه التعاون بين السعودية وتركيا أكبر بكثير ـ أ ف ب
وصل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى تركيا ليرأس وفد بلاده في قمة المؤتمر الإسلامي الذي تحتضن تركيا أشغالها يومي الخميس والجمعة القادمين.
 
وحرص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين على استقبال الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، حيث توجه في بادرة استثنائية إلى مطار أنقرة لاستقبال العاهل السعودي حيث رحب به والوفد الكبير المرافق له عند أسفل سلم طائرته.

ومن المقرر أن يجري المسؤولان لقاء وجيزا لاحقا في المجمع الرئاسي الضخم في أنقرة، حول الأزمة السورية، كما سيجريان محادثات ثنائية قبل انعقاد قمة لمنظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول.

المؤتمر الإسلامي

وافتتحت الأحد دول منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول قمتها السنوية التي يتوقع أن يطغى عليها ملفا الإرهاب والقضية الفلسطينية.

ويجتمع ممثلو 57 دولة عضوا في المنظمة وسط اضطرابات عدة تؤثر على تلك الدول، خصوصا مع استمرار النزاع في سوريا واليمن، وسلسلة الاعتداءات الدامية التي استهدفت دولا عدة بينها تركيا.

وبدأ الاجتماع السنوي الذي يعقد للمرة الثالثة عشرة بلقاء جمع كبار المسؤولين لاعتماد جدول الأعمال، يليه اجتماع يومي الثلاثاء والأربعاء على مستوى وزراء الخارجية.

وبعد ذلك، يلتقي 30 رئيس دولة وحكومة في قمة يومي الخميس والجمعة برئاسة الرئيس التركي.

زيارة "السلطان"

وصل العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، العاصمة التركية أنقرة، الإثنين، في زيارة رسمية تلبية لدعوة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

وذكر بيان صادر عن رئاسة الجمهورية التركية، في وقت سابق، أن زيارة العاهل السعودي الرسمية لأنقرة، ستمتد ما بين 11 و13 من نيسان/أبريل الجاري، مشيرا إلى أن المحادثات بين الزعيمين ستتناول العلاقات الثنائية، فضلا عن قضايا إقليمية ودولية.

ولفت البيان إلى أن الملك سلمان، سيشارك عقب اجتماعاته بأنقرة، في أعمال القمة الإسلامية الثالثة عشرة، التي تنظمها منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول، يومي 14 و15 نيسان/ أبريل الحالي.

القمة 3 في 6 أشهر

وتعد زيارة الملك سلمان هي الثانية لتركيا خلال ستة شهور، وتأتي بعد أقل من أربعة شهور لزيارة أجراها أردوغان إلى الرياض، نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي.

وتعد القمة، المرتقب عقدها بين الزعيمين، الثالثة خلال ستة شهور، والرابعة خلال 13 شهرا، بعد المباحثات التي جمعت بينهما في الرياض خلال كانون الأول/ديسمبر الماضي، وذلك بعد قمة جمعتهما على هامش زيارة الملك سلمان إلى مدينة أنطاليا التركية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، سبقتها قمة جمعتهم خلال زيارة الرئيس التركي إلى الرياض في آذار/مارس 2015.

مجلس التعاون الاستراتيجي

 تعكس القمم المتتالية والزيارات المتبادلة في وقت قريب وقصير، الحرص المتبادل بين الجانبين على التواصل والتباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود.

وتم العمل على بلورة التطور المتواصل في العلاقات الثنائية، في أطر سياسية ومؤسسية، توج باتفاق الدولتين على إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي، خلال الزيارة التي أجراها الرئيس التركي للمملكة، في 29 كانون الثاني/ديسمبر الماضي، واستمرت ثلاثة أيام.

ويركز مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، على مشاريع التعاون المشترك في عدة مجالات على رأسها المجالات الأمنية، والعسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والطاقة، والتعليم، والشؤون الثقافية، والطب.

وتكتسب الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين أهميتها من الثقل الذي يمثله بلداهما، إضافة إلى توقيت تلك الزيارات، وتقارب رؤى الجانبين تجاه العديد من ملفات المنطقة.

التعاون السياسي

في المجال السياسي، تتسم مواقف البلدين بالتنسيق والتشاور وتبادل الآراء فيما يخص القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأولى البلدان بوصفهما جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية، قضايا الأمة جل اهتمامهما، من منطلق إيمانهما بعدالة هذه القضايا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، كما يمتلك البلدان دورًا فاعلًا في منظمة التعاون الإسلامي.

وفي الشأن السوري، تتطابق رؤية البلدين في حتمية رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعم المعارضة السورية، والتأكيد على الحل السياسي للقضية، مع المحافظة على سيادة ووحدة التراب السوري، وحق شعبه في الحرية والكرامة والعدالة.

كما تدعم تركيا التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن، وتتطابق وجهات نظرها مع السعودية، خصوصا فيما يتعلق بإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية.

الدعم العسكري

شهدت العلاقات نقلة نوعية وتعاونا متناميا، فقد وقعت شركة "أسيلسان" التركية للصناعات العسكرية الإلكترونية، والشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني الحكومية "تقنية"، في 21 شباط/فبراير الماضي، اتفاقًا لتأسيس شركة مشتركة للصناعات الدفاعية الإلكترونية المتطورة في المملكة العربية السعودية.

وتهدف الشركتان من خلال مساهمة قدرها 50% لكل منهما، لتأسيس شركة للصناعات الدفاعية الإلكترونية المتطورة في المملكة، لصناعة وتصميم وتطوير الرادارات، ومعدات الحرب الإلكترونية، والرؤية البصرية، وسد احتياجات المملكة والمنطقة من هذه المعدات.

كما شاركت تركيا في مناورات "رعد الشمال"، التي أجريت شمالي السعودية خلال الفترة من 27 شباط/فبراير ولغاية 11 آذار/مارس الماضيين، بمشاركة قوات من 20 دولة، إضافةً إلى قوات درع الجزيرة، ووُصفت بأنها من أكبر التمارين العسكرية بالعالم.

وأعرب خادم الحرمين الشريفين، عن فخره بالتضامن العربي والإسلامي، الذي ظهر في مناورات "رعد الشمال"، التي استضافتها بلاده على مدار الأيام الماضية، بمشاركة 20 دولة، مشيرا إلى أن هذا التضامن من الدول المشاركة هو بمثابة "رسالة للعالم بعزم هذه الدول، على ردع قوى الشر والتطرف ومحاربة الإرهاب".

وفي إطار تعاون البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، حطت مقاتلات تابعة لسلاح الجو السعودي، في قاعدة إنجرليك الجوية بولاية أضنة، جنوبي تركيا، في شباط/فبراير الماضي، وذلك في إطار التحالف الدولي لمحاربة "داعش".

وتعد تركيا عضوا بارزا في "تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب"، أعلنت المملكة عن تشكيله في كانون الأول/ديسمبر الماضي، ويضم 39 دولة.

وينعكس أي تقارب بين الرؤى الإقليمية والسلوك الخارجي للمملكة وتركيا، إيجابيا على العلاقات الثنائية بين البلدين على المستوى الاقتصادي والتجاري.

التعاون الاقتصادي

نجح المستثمرون السعوديون في الحصول على مكانة متميزة في الاقتصاد التركي، بينما استفاد المستثمرون الأتراك من مشروعات البنى التحتية الكبرى، التي يجري العمل على تنفيذها في المملكة، وكان أبرزها مشروع تجديد وتشغيل مطار الأمير محمد بن عبد العزيز، بالمدينة المنورة، بالشراكة مع شركة سعودية.

وشهدت الفترة القريبة الماضية، توجه أعداد من السعوديين بصفة خاصة، لشراء العقارات في تركيا، فيما يزور المملكة سنويا مئات الآلاف من الأتراك بغرض الحج أو العمرة، إضافة إلى العاملين الأتراك في مختلف القطاعات بالسعودية، والذين بلغ عددهم أكثر من 100 ألف مهني وإداري في القطاع الخاص.

هذا وقد زاد حجم التبادل التجاري بين الدولتين، عدة مرات خلال السنوات العشر الأخيرة، والذي ارتفع من 5 مليارات ريال إلى 22 مليار ريال في العام 2014، أي ما يعادل 5 مليارات دولار.

ووفقا لتقارير رسمية صادرة عن وزارة التجارة والصناعة السعودية، فقد بلغ عدد المشاريع المشتركة بين البلدين حوالي 159 مشروعا، منها 41 مشروعا صناعيا، 118 مشروعا في مجالات غير صناعية تختلف باختلاف نشاطاتها، وبرأسمال مستثمر يبلغ مئات الملايين من الريالات.

ويعمل مجلس أعمال سعودي تركي، يضم رجال أعمال من البلدين، على دعم وتنشيط وتشجيع العلاقات التجارية بين البلدين.

ويرى محللون سياسيون وباحثون اقتصاديون، أن أوجه التعاون بين السعودية وتركيا أكبر بكثير مما هو موجود الآن، نظرا لما تتمتعان به من آفاق واسعة للتبادل التجاري، في الساحة الاقتصادية الدولية، حيث يمكن للمملكة أن تمثل شريكاً اقتصادياً قوياً ومضموناً لتركيا في ظل التقارب بين البلدين، والعلاقات المتميزة التي تصاعدت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والرئيس أردوغان الذي يسعى لتعزيز علاقات بلاده مع المحيط الإقليمي والدولي.