كتاب عربي 21

السبسي 2015: سنة كارثية… ماذا عن السبسي 2016؟

1300x600
قال الرئيس السبسي هذا الأسبوع إن "الوضع على ما يرام". نتمنى ذلك، والحقيقة لن نكون ناكرين إن كان الوضع كذلك. إذ بعيدا عن الصراع السياسي الحزبي فإن وضعا اقتصاديا كارثيا سيمس الجميع، والمواطن التونسي ضجر من المماحكات الحزبية. وكنا في "الإرادة" سنسعد، بعكس معارضي الأمس حكام اليوم، سندعم أي إنجازات فلا يمكن لأي معارضة وطنية أن تشمت بوضع بلادها الاقتصادي.

الواقع أن عام حكم من ائتلاف يقوده السبسي وحزبه المشتت كانت نتائجه كارثية بكل المقاييس. لا نتحدث بناء على أهواء. هذا المقال سيكون عرضا بالأرقام لحصيلة سنة 2015 الاقتصادية.
 
ساعتمد هنا على آخر مؤشرات "البنك المركزي التونسي" لآخر شهر دسيمبر (وكثيرها غير منشور بعد) وبالمقارنة مع سنوات سابقةِ.
 
في الصناعة وباستثناء الصناعات الغذائية فإن كل المؤشرات سلبية. وتصل في قطاع المناجم إلى نسبة 27% سلبية مقابل 22% إيجابية في السنة الماضية. وعموما فمؤشر الصناعة 1.7% سلبية. وكان مؤشر استيراد التجهيزات أيضا سلبيا إذ وصل إلى 16% سلبية، في حين وصلت إلى زيادة بحوالي 70% بين سنتي 2012 و2013. ومؤشر صادرات الصناعات الميكانيكية والكهربائية أيضا سلبي بنسبة 11%سلبيا، ومؤشر صادرات صناعة النسيج أيضا سلبية بنسبة حوالي 5% سلبية، في حين كانت إيجابية ووصلت حتى 8% سنة 2014. وسجل استھلاك الكھرباء عالي ومتوسط الضغط في القطاع الصناعي، خلال شھر سبتمبر 2015، تقلصا بـ 2.9% مقابل زيادة بـ 3.8% قبل سنة، وشمل ذلك بالخصوص الصناعات المعملية.
                                 
مؤشر سلبي آخر مهم في حصيلة هذا العام هو تواصل انخفاض صادرات قطاع الطاقة (-48%) نتيجة بالأساس لتقلص مبيعات النفط الخام بـ52.4% التي تأثرت بتراجع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية بالإضافة إلى انخفاض الكميات المصدرة (-25.1%)، وذلك بالعلاقة مع تواصل تراجع إنتاج حقول النفط (ـ8.6% إلى آخر أكتوبر 2015 مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2014).
 
بالنسبة لقطاع الخدمات وخاصة السياحة، فإن تراجع دخول الوافدين غير المقيمين أي السياح الأجانب كان بين 20% و30% سلبية، في حين تراجع مؤشر الليالي المقضاة في النزل شهريا بنسب سلبية تتراوح بين 50% و65%. وتراجعت المداخيل القائمة على السياحة بما يعادل 50%. في حين تراجع النقل الجوي بين حوالي 20% و40%.
 
بالنسبة للتوازنات المالية، فإن عجز ميزان المدفوعات بلغ حوالي 8% من الناتج الداخلي الخام. وتراجع أيضا احتياطي العملة الصعبة. وحتى "تحسن" الميزان التجاري فلا يعني تطورا إيجابيا، بل هو أحد أهم المؤشرات على الركود الراهن من خلال تراجع الصادرات والواردات على السواء. وتراجعت قيمة الدينار التونسي بشكل كبير منذ بداية سنة 2015 أمام عملات أجنبية. حيث تراجعت أمام الدولار بما قيمته 8%. وتراجع أمام اليورو بقيمة حوالي 2%.

وعرف العجز التجاري توسعا بـ 26,3% مقارنة بالشھر نفسه من السنة الفارطة ليبلغ 994 م.د و ذلك نتيجة الأثر المزدوج لتراجع الصادرات وتزايد الواردات (-0.7% و+5.6% على التوالي).
 
ورغم تراجع نسب التضخم إلى حوالي 4% (تراجعه أكثر في بداية "الترويكا")، فإنه باستثناء المواد الغذائية، فإنه إذا وضعنا المواد الغذائية جانبا في نسب التضخم ستكون متزايدة. أيضا إذا دخلنا في تفاصيل أكثر حول التضخم سنرى ارتفاعا فيما يتعلق بالخدمات خاصة السياحة.
 
الحقيقة أنك إذا حاولت سؤال أي مستثمر أو تاجر، فإن الإجابة ستكون واضحة: الوضع الراهن أسوأ من أي عام سبق. ورد الفعل العفوي هذا متطابق كما نرى مع هذه الأرقام. وللأسف لا يبدو أن توقعات الحكومة بنمو يفوق 2% واقعية حسب عدد من المراقبين (مثل الاقتصادي هاشمي علية الذي تحدث هذا الأسبوع عن توقعه بنمو قريب من الصفر سنة 2016).

وآخر الأخبار السلبية حول توقعات العام القادم، إعلان الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي رشيد الباروني منذ يومين، أن "قيمة العجز المتوقعة في 2016 في نظام التقاعد ستكون 600 مليار". إذ حسب هذه المعطيات "تعاني الصناديق الاجتماعية في تونس من عجز مالي مهم يتفاقم سنة بعد أخرى؛ حيث بلغ العجز خلال السنوات الثلاث الأخيرة 1100 مليار من المليمات".
 
نتمنى أي يكون أداء السبسي 2016 والتحالف الذي يقوده أفضل بكثير من العام الماضي. يبقى أن المسألة ليست تمنيات. فعندما يكون الهم الرئيسي للحزب الأغلبي صراع شقوقه اللامنتهي، وعندما تكون كواليس التحوير الحكومي مؤشرا على تحوير شكلي يبعث برسالة الحفاظ على ما هو قائم، فلا نعتقد أن هناك ما يبرر التفاؤل في العام الجديد. وللأسف فإن "الإصلاحات" المستنسخة عن تعليمات المؤسسات المالية الدولية تجد من جهة تباطؤا في التنفيذ من الحكومة، لكن الأهم أنه يتم تقديمها أنها الحلول الوحيدة الممكنة، في حين يمكن أن تعمق التفاوت الاجتماعي لا غير.
 
إخفاق منظومة السبسي مدو وحاد بقدر ما كانت ادعاءات حزبه في الحملة الانتخابية حول حيازته على "الكفاءات" و"الخبراء" و"وعود" المستثمرين قبل حوالي العام كبيرة ومضللة. وبهذا المعنى وليس بغرض الشتيمة والتشفي نتحدث عن توقعنا منذ عام "أكبر عملية تحايل في تاريخ تونس".