نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية؛ تقريرا حول اللقاء المزمع عقده في الخامس والسادس من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي في بروكسل، حول ملف
اللاجئين، بحضور الرئيس التركي رجب الطيب
أردوغان، مشيرة إلى تمكن
تركيا من فرض حضورها ومن التحكم في طبيعة المواضيع المطروحة في هذا اللقاء.
وأفادت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، أن المحادثات التي طال انتظارها والتي ستجمع بين الرئيس التركي و رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ورئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، حيث من المنتظر أن تتعرض المحادثات إلى موضوعات عديدة، مثل استئناف الحرب على حزب العمال الكردستاني (يصنف حزبا إرهابيا من قبل واشنطن وبروكسل وأنقرة)، وما تعرض له حزب الشعوب الديمقراطي من هجمات، بالإضافة إلى الانتخابات التشريعية الجديدة المقرر إقامتها في تشرين الثاني/ نوفمبر في تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الموضوعات الحساسة لم تعد ذات أولوية بالنسبة للدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حيث أن الدول الثمانية والعشرين أصبحت تعتمد بصفة كبيرة على تركيا من أجل وقف تدفق المهاجرين نحو أراضيها.
وأضافت أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قد أعلنت أن 700 ألف طالب لجوء قد عبروا البحر المتوسط خلال هذه السنة، وذلك دون احتساب المهاجرين الذين وصلوا بطرق أخرى، كما أكدت أن هذه الأرقام ستستمر في الارتفاع خلال السنة القادمة.
وقالت الصحيفة إن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، صرح في حوار له مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن "أردغان هو أمل الأوروبيين الآن. يجب علينا أن نصلي من أجل سلامته في كل يوم أحد".
وأفادت الصحيفة بأن قادة الاتحاد الأوروبي يسعون اليوم لوقف سيل المهاجرين نحو بلادهم، وذلك من خلال إنشاء مراكز استقبال وتسجيل، تدعى "هوت سبوت" أي "النقاط الساخنة"، وذلك في كل من تركيا وإيطاليا واليونان.
وأضافت أن هذا المشروع، الهادف إلى الفصل بين طالبي اللجوء الحقيقيين والمهاجرين الاقتصاديين، قد لقي معارضة شديدة من قبل رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو.
وأكدت الصحيفة أن مقترح تخصيص مبلغ إضافي يقدر بمليار يورو من أجل مساعدة اللاجئين في البلدان المجاورة لسوريا، لا يلاقي ترحابا كبيرا في تركيا، حيث صرح داود أوغلو بأن أنقرة "لا يمكن أن تقبل هذه الأموال"، خاصة أنها قد أنفقت نحو سبعة مليارات دولار لاستضافة أكثر من مليوني لاجئ سوري على أراضيها منذ 2011، في حين أنها لم تتلق سوى 417 مليون دولار.
كما نقلت عن سنان أولجن، مدير مركز دراسات مختص في السياسات الخارجية والاقتصاد في اسطنبول، أنه "لا يمكن لتركيا أن تكون حلا للعجز الذي أبدته
أوروبا خلال العمل بشكل جماعي من أجل إدارة هذه المأساة الإنسانية. لم يعد بإمكان أوروبا الاستفادة من الدور الذي تلعبه تركيا كمنطقة عازلة، بعد أن وجدت أنقرة نفسها وحيدة في مواجهة التكاليف المالية والاجتماعية لاستضافة اللاجئين السوريين".
وأضافت أن تركيا تريد تحقيق مطلب إلغاء التأشيرات للأتراك عند دخولهم لأوروبا، وتستغرب سبب رفض مطلبها في حين تم قبول مطالب كل من صربيا وألبانيا.
وأشارت إلى أنه من الصعب أن يتوصل قادة الدول إلى اتفاق حول الموضوع، وأن المفاوضات التي بدأت سنة 2014 بشأن هذه المسألة لها فرصة ضئيلة للنجاح. وأضافت: "من الصعب جدا أن يقوم القادة الأوروبيون بتمكين 75 مليون تركي من الدخول إلى أراضيهم دون تأشيرة، خاصة بعد تصاعد المشاعر المعادية للإسلام والمناهضة للهجرة"، حسب تعبير الصحيفة.
وأكدت الصحيفة أن بروكسيل ستقدم تقريرا توضح فيه تخوفها من أن تركيا تقف عاجزة عن محاربة المهربين، الذين يمارسون نشاطهم بكل حرية في المناطق الواقعة على الساحل التركي، مثل كاناكالي ومارماريس، والذين تمكنوا من تكوين ثروة على حساب اللاجئين السوريين المستعدين للتضحية بكل شيئ من أجل عبور البحر المتوسط والوصول إلى أوروبا.
وأفادت أن أردوغان سيعيد نشر الرسالة ذاتها حول موقف أنقرة من الوضع في
سوريا، والتي مفادها أن قضية اللاجئين لا يمكن حلها دون التوصل إلى حل سياسي للصراع السوري، أي مغادرة الأسد للحكم على المدى المتوسط على أقل تقدير.
وأضافت أن القادة الأتراك يريدون، اليوم أكثر من أي وقت مضى، إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود التركية السورية، بين مدينة عزاز ومدينة جرابلس، من أجل إيواء اللاجئين.
وأكدت الصحيفة أن أحمد داود أوغلو اقترح بناء ثلاث مدن داخل سوريا لاستضافة تقدر نحو 100 ألف لاجئ للمدينة الواحدة، قائلا: "يمكن أن تتكفلوا أنتم بالتكلفة، وسنقوم نحن ببنائها".
وبحسب الصحيفة، فإن أنقرة تريد إصابة عصفورين بحجر واحد، حيث أنها تهدف أيضا إلى وقف زحف الأكراد السوريين نحو الغرب. فتركيا لم تتوقف عن مفاوضة الأمريكيين حول إنشاء المنطقة الآمنة، وذلك منذ أن أبدت "وحدات حماية الشعب" التابعة لحزب العمال الكردستاني في سوريا؛ رغبتها في التوسع غربا نحو مدينة عفرين (شمال غرب حلب).