قصة الفتاة المختطفة
إسراء الطويل من قبل قوات الأمن
المصرية تظهر أوجاع الأسر المصرية البسيطة ومدى افتقاد المصريين للأمن في شوارعهم ومنازلهم مع نشاط أجهزة الأمن القمعية التي تختطف الشباب والجرحى ومن لا يملكون نصيرا .
الناشطة إسراء الطويل من شباب الثورة، عملت مصورة لأحداث ثورة يناير 2011 وحتى إصابتها في تظاهرات 2014 عقب الانقلاب، واختفت خلال تنزهها على كورنيش النيل في المعادي بمحافظة القاهرة مع أصدقائها، حينما داهمتهم حملة أمنية، ولم يستدل على مكانهم حتى عدة أيام مضت .
وفي حوار أجرته "عربي21" مع شقيقتها
آلاء الطويل، صرحت أن إسراء مصابة بشلل في الطرفين السفليين، وأنها تحتاج إلى جلسات علاج طبيعي مكثفة.
وطبقا لتقرير طبي أرسلته آلاء الطويل شقيقة إسراء إلى "عربي21"، اتضح به أن إصابة إسراء بالشلل في الطرفين السفليين ناتج عن إصابة بالضفيرة العصبية الطرفية المسؤولة عن القدمين، وهو ما قالت عنه آلاء إن إسراء أصيبت بطلق حي في الحبل الشوكي أثناء تغطيتها لذكرى ثورة يناير في 2014.
وفي التقرير الطبي بدا أن إسراء تحتاج إلى جلسات علاج طبيعي مكثفة مكونة من تمرينات علاجية، وتنبيه كهربي عصبي عضلي، وعلاج بالليزر بشكل يومي، كما أشار التقرير إلى أن التوقف عن الجلسات يؤدي إلى الإضرار بالبرنامج العلاجي لها وبتحسن حالتها بشكل عام.
بداية الإصابة في 2014 بطلق ناري وتحسن بطيء
وقالت آلاء أن إسراء عقب إصابتها في 2014: "كانت لا تقدر على الوقوف تماما وبالعلاج الطبيعي وجلسات الكهرباء والأدوية بدأت تجلس، وبعدها بدأت تستخدم كرسيا متحركا، وبعده المشي، وكل هذا على مدار السنة والنصف الماضية وكانت تتحسن بالعلاج ..وآخر شيء كانت تستخدم عكاز، وللأسف مازال لديها عرج شديد تحتاج إلى الاستناد خلال السير، ولا تسير لمسافات طويلة، وحركتها بطيئة، وهي حاليا تستخدم العكاز، لكنها لم تكن تحبه، فكانت تطلب من أصحابها أن يخرجوا معها كي تتسند عليهم".
وفي تصريحاتها، قالت آلاء إن شقيقتها تحتاج إلى علاج بالحركة وعلاج طبيعي مكثف، وإنه كان من المفترض أن تذهب لصالة رياضية، لكنها لم تكن تحب الذهاب كي لا تضطر أن تطلب مساعدة من أي شخص، واشترت أجهزة رياضية في المنزل لتعتمد عليها .
فترة الاختطاف القسري المجهولة
وقالت آلاء في حوارها مع "عربي21" إن خلال الـ 15 يوم الأولى من اختفائها قاموا بتغطية عينيها طوال الوقت، مع عدم وجود أي حركة لها، وعدم الحركة هذا سيؤدي لانتكاستها وضمور عضلاتها مرة أخرى، وخلال زيارتنا لها قالت إن قدمها تؤلمها للغاية.
وأضافت أن إسراء ترفض أن تتعالج في
السجن، ورفضت استقبال أي أدوية، وقالت: " لا أريد أن أتعالج هنا"، وأشارت آلاء إلى أن الإصابة أقعدتها فترة طويلة، وسببت ضمور عضلاتها؛ لذلك حتى الأدوية ليست كافية أبدا.
السجن ضيق للغاية وتدخين باستمرار
وقالت آلاء: "بعد فترة الاختفاء الطويلة، علمنا مكانها مصادفة حينما ذهبت إحدى الصديقات لزيارة قريبة لها معتقلة في سجن القناطر فرأت إسراء وأخبرتنا".
وعن نفسية إسراء في السجن، قالت: "إسراء كانت مدمرة ومرعوبة جدا، وضغطوا عليها نفسيا، وهددوها بأنهم سيأخذوا أهلها، لكن أول مره رأتنا بدأت تتطمئن".
وأردفت: "خلال الـ 24 يوم الأولى من فترة اختفائها رأيناها ساعة واحدة تقريبا، وهي مازالت في عنبر الإيراد، إسراء عندها ضيق تنفس. وعن العنبر، قالت إن فيه 38 واحدة ما بين مخدرات ودعارة، وطول الوقت سجائر، وهي متضايقة جدا من هذا، وإن كانت مأخوذة فعلا بسبب قضية سياسية انقلوها عنبر السياسيات".
وقالت آلاء: "السجن ضيق جدا، ولا تستطيع ان تمارس فيه أي شيء يساعد عضلاتها".
نداء استغاثة
ووجهت آلاء نداء استغاثة تطالب فيه بالضغط من أجل حرية شقيقتها المعتقلة المصابة، وحذّرت آلاء من أن شقيقتها قد تواجه مخاطر صحية بالغة في حال استمرار حبسها في ظروف الاحتجاز غير الصحية التي تعانيها، ومنعها من استكمال جلسات العلاج الطبيعي التي كانت تتلقاه لعلاج إصابتها
إسراء تروي ظروف اختطافها.
وكانت آلاء قد نقلت عبر صفحتها على "فيس بوك" عن إسراء روايتها لظروف اختطافها يوم 1 حزيران/ يونيو، هي وزملائها عمر وصهيب من كورنيش النيل بمنطقة المعادي، وقالت إنها كانت تظن، حين أجبرهم عناصر الأمن على ركوب "الميكروباص"، أن اعتقالهم كان بسبب غلطة، حيث كان صديقهم صهيب يدعوهم للعشاء في مطعم بمنطقة السيدة زينب يدعى "قنبلة"، وأنها تظن أن من يراقبون الهاتف اعتقلوهم لهذا السبب، ظنا أنه يقصد الحديث عن تفجير قنبلة.
وقالت إسراء إنها ظلت 15 يوما في مقر أمن الدولة (الأمن الوطني حاليا) معصوبة العينين، وكانت تتمنى أن تطمئن أهلها عليها، وكانت تطلب من المحققين أن يعيدوها للبيت لتخبر أهلها عن مكانها، ثم يعتقلوها مرة أخرى، وحين لم يستجب أحد لرجائها، جرحت نفسها لتكتب بدمها رقم هاتف أهلها على الجدران، لعل أحد يتصل بهم ويخبرهم عن مكانها.
تساؤلات أم مكلومة
وعن وضع الأسرة عقب اختطاف إسراء، قالت والدة إسراء وآلاء السيدة هناء عبر صفحتها على "فيسبوك": بأي ذنب نقضي نهار رمضان كله من أوله في الشارع والموصلات كي نصل للسجن؟ كي نصل على الظهر ونقف في طوابير..كي ندخل نقعد مع إسراء نصف ساعة نتبادل فيها نظرات الحزن، وكل منا يظهر نفسه قويا كي يثبت التاني ويهون عليه، ونحن في الحقيقه قلوبنا تنزف دم، ودموعنا سائله على خدودنا نار.. بأي ذنب أحرم من ابنتي تكون معنا وتكون أسرتنا كلها مجتمعه مثلما كنا ننوي أن نجتمع مع الأهل والأحباب؟ بأي ذنب يرجعوا بناتي البيت لسن قادرات أن يحركن ساكنا لا تفطرن ولا تتسحرن ويواصلن صيام اليل بالنهار ؟
وتساءلت: ما ذنبها آلاء أن تحرم من امتحاناتها، وتضيع عليها سنة كي تجري في الشوارع للبحث عن إسراء ؟ ما ذنب الأسرة كلها تقضي شهر رمضان متفرقة ومشتتة، رمضان دون أي طعم له ولا معنى؟
ما ذنبها إسراء تحرم من علاجها 25 يوم وتتدهور صحتها وتشعر أنها ستصاب بالشلل مرة أخرى بعد أن بدأت تتعافي؟ ذنب إسراء في رقبة من؟ ومن مسؤول عن سلامتها الصحية والنفسية؟
وأكدت أن إسراء ماهي إلا بنت جدعة، كل الناس تحبها من كل الدنيا، هذا ليس معناه أنها شخص خطير، حب الناس لها ليس دليل على خطورتها على الأمن الوطني!!
وتمت حديثها بقولها: "ربنا إذا أحب عبدا حبب فيه خلقه، إسراء لا بد أن تخرج في أسرع وقت لتكمل علاجها، الجميع يعلم أن إسراء بريئة من أي شيء حتى الذين أخدوها".