قضايا وآراء

مشنقة الحرية

1300x600
عندما وصل فرعون إلى ذروة الفرعنة أعلنها ببجاحة "وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد"

لم يعلن موسى الحرب العسكرية على فرعون وكل ما طالب به موسى هو إطلاق إرادة شعب بني إسرئيل المصادرة والتوقف عن القمع والتعذيب "إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى" ولكن فرعون وبدلا من إحترام الإرادة الشعبية استعان بهامان وجنودهما في القضاء على دعوة الحرية، وأعلن نصب المشانق للأحرار و توعدهم بالصلب وتقطيع الأيدي والأرجل....

وها هو منطق الفرعنة يتكرر وهاهو فرعون ينصب المشانق لجميع مخالفيه ولكن إرادة الله غالبة، وكلما أمعن الطغاة في إجرامهم استكملوا الشروط التاريخية لسقوطهم المدوي، "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء". 

إن إعدام الأحرار لن يكون نهاية المطاف والتاريخ لن يتوقف، وشواهد التاريخ والأحداث القادمة تؤكد أن المشانق القادمة ستنصبها  العدالة لمن اسرفوا في الظلم والإجرام، وستنتصر الحرية على أعدائها فالنصر ينبت حيث يرويه الدم...

يعتقدون واهمين أنهم بإعدام الأحرار سيعدمون الحرية، ولكن دماء الأحرار المباركة تروي ثقافة الحرية والديمقراطية...

هاهو النظام الاستبدادي يتمادى يوما بعد آخر في الإجرام حتى تحيط به خطيئته فتغرقه معها،
 سنة الله في التغيير أن يلحق كل ثورة حقيقة انتكاسة، وثورة مضادة تكشف جميع أنياب الظلم والطغيان، وتفرغ الأفاعي كل ما بحوزتها من سموم الأحقاد وغرائز الانتقام، والتشفي فتسقط بذلك شرعيتها الأخلاقية وتفقد مبررات بقائها، والنصر قادم بإذن الله..

وحتى في عهد رسول الحرية صلى الله عليه وسلم فقد أعقب غزوة بدر غزوة أحد وانتقم فيها المشركون من المسلمين الأحرار، وأفرغ جميع أحقادهم وفقدوا بعد ذلك مبرررات البقاء حتى  فتحت مكة بصورة سلمية ....

وهاهو القضاء المصري الفاسد الذي تورط بالدفاع عنه بعض الثوار يكشف أنيابه ويعلق استقلاليته ونزاهته على المشانق، إنه يشنق نفسه بنفسه ويحكم على شرعيته الأخلاقية بالإعدام. وبذلك تتهاوى أهم أعمدة النظام القمعي، وتبرز عاهاته التي يحاول اخفاءها، وستفوح بعد ذلك روائح الفساد المستشري في النظام، وتتناقض المصالح وتتهاوي خيوط التماسك الواهية، ويستعيد الحق الكرة في ثورة جديدة قادمة لا محالة.

إن مسيرة التاريخ لا تعود إلى الوراء، والشعب المصري لا يمكن أن يتنازل عن حريته أبدا والنظام الفاسد عاجز عن تلبية احتياجات الملايين، ولن تستطيع القوى الداعمة له أن تستمر في الدعم إلى  ما لا نهاية..

عاجلا أو أجلا سوف تلتف مشانق الحرية على أعناق الطغاة، وتشرق شمس الحرية من جديد "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين"..

و إذا ما رأيتم شيئا من الدموع في عيون المقهورين فتذكروا قول الشاعر أحمد مطر:

أنَا الغَيمَـةُ المُثقَلةْ
إذا أجْهَشَتْ بالبُكاءْ
فإنَّ الصّواعقَ في دَمعِها مُرسَلَهْ!