في تصعيد منه ملحوظ في الآونة الأخيرة، عبر
التصريحات والألفاظ الرسمية العلنية، يحاول المرشد الأعلى
الإيراني، آية الله علي
خامنئي، رسم مفاهيم ومعالم
الخطاب الإيراني الرسمي تجاه قضايا تتعلق بأمن إيران.
فحول الأزمة اليمنية، إضافة إلى السورية، والمفاوضات النووية، تسمع تصريحات لخامنئي عبر لغة صارمة وتحريضية ولهجة حادة على وجه الخصوص.
هذا ما كتب حوله الباحث في معهد واشنطن مهدي خلجي، في دراسته التي نشرها المعهد واطلعت عليها "عربي21". حيث رأى أنه منذ 16 أيار/ مايو، أدلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بتصريحات علنية في ثلاث مناسبات، وقد اتخذ خطابه الثالث، الذي ألقاه بتاريخ 20 أيار/ مايو في حفل تخرج في جامعة الإمام الحسين - مركز التدريب الرسمي لقوات "فيلق الحرس الثوري الإسلامي"، منحىً تحذيريا.
ووفقا للباحث خلجي، فقد ظهر هذا المنحى التحذيري بقوله: "ترددت إلى مسامعي بعض الأخبار بأن أعداءنا، بالتعاون مع بعض المسؤولين الأغبياء "الحكومات" في المنطقة... ينوون توسيع نطاق الحرب بالإنابة لتشمل الحدود الإيرانية... إن قوات الحرس الثوري الإسلامي، وجميع المسؤولين عن حماية الأمن القومي، هم في حالة استنفار وتأهب. وليكن واضحا للجميع أنه في حال ارتكاب أي حماقة، سيكون رد فعل إيران قاسيا جدا".
في السياق، أعلن المرشد الإيراني، في 16 أيار/ مايو بخطابه أمام مسؤولين حكوميين وسفراء ومسؤولين قنصليين من بلدان ذات أغلبية مسلمة بأن "أمن خليج فارس من مصلحة الجميع... إن لم يكن آمنا، فسيكون غير آمن للجميع"، متهما الولايات المتحدة والغرب بإشعال "حرب بالإنابة" في الشرق الأوسط، من خلال التحريض على العداء والصراع الطائفي بين دول المنطقة.
ولفت التقرير إلى أنه في حال أخذنا تصريحات خامنئي بعين الاعتبار، نجد أن الجمهورية الإسلامية قامت بتنازل نوعا ما، عندما وافقت على إخضاع سفينة شحن إيرانية متجهة إلى اليمن، وعلى متنها 2500 طن من المساعدات الغذائية والطبية، للتفتيش الدولي في جيبوتي (سلمت ما عليها للأمم المتحدة- "عربي21")، الأمر الذي اعتبره الباحث خلجي تناقضا ما بين تصريحات المرشد الحادة وموافقة إيران على تفتيش السفينة.
وفي معرض شرح خامنئي عن نظرته العامة في الخطابات التحريضية التي ألقاها مؤخرا، على سبيل المثال، ادعى أنه "في عالم اليوم"، هناك فقط "خطابان: الخطاب الإسلامي الجديد وخطاب الجاهلية".
وفي 20 أيار/ مايو، عرّف خامنئي "الخطاب الإسلامي الجديد" على أنه ذلك الذي "أوجده إمامنا آية الله روح الله الخميني ورفعت رايته الأمة الإيرانية بكل رحابة صدر وتفانٍ".
وفي الأمثلة على خطابه الحاد والمحرض، الذي استثار فيه هذه المرة المسؤولين في مملكة البحرين، في 16 أيار/ مايو، شدد المرشد الأعلى على أن "شعوب اليمن والبحرين وفلسطين تعاني الاضطهاد، الأمر الذي أدى بالبحرين إلى استدعاء القائم بأعمال سفارة إيران في المملكة في السابع عشر من أيار/ مايو للاعتراض على ما وُصف بـ "التدخل السافر في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين" وبـ"تصريحات غير مقبولة" من قبل خامنئي ذاته.
وطبقا لما جاء في تقرير معهد واشنطن، فإنه في الوقت الراهن، يركز خامنئي في خطابه الغاضب على ما يعتبره مطالب أجنبية وقحة، سواء بالنسبة إلى الملف النووي أو الملف الإقليمي.
ففي 20 أيار/ مايو، أكد بنبرة غاضبة: "لن نرضخ قط للضغوط... لن نلبي مطالب غير منطقية... لن تسمح إيران بالوصول إلى علمائنا النوويين"، فليكن هذا واضحا لأعداء الحكومة الإسلامية وجميع أولئك الذين ينتظرون قرار الحكومة حول الاتفاق النووي".
إلى ذلك، رأى الباحث أن خامنئي كرر فلسفته حول كيفية التعامل مع العدو، قائلا: "الطريقة الوحيدة لمجابهة العدو السافر تتمثل بالعزيمة القوية بدلا من التخاذل".
وختم الباحث خلجي تقريره حول خطاب خامنئي، الذي اعتبره متناقضا مع قرارات إيرانية تم اتخاذها مؤخرا، قائلا: "بالرغم من أن آية الله خامنئي صعّد وتيرة لهجته ضد التكبر الأجنبي، إلا أن خطوات إيران لم تأتِ على القدر ذاته من القساوة، كما بيّن قبولها بتفتيش سفينتها المتجهة إلى اليمن من قبل الأمم المتحدة، ومع ذلك، يستمر خامنئي في تحريض الرأي العام عوضا عن تهيئة الشعب الإيراني للتوصل إلى حل وسط".