لعلك غني عن التعريف بالمقصود بكلمة يترنح في العنوان أعلاه، ذلك أنك لحينٍ من الوقت ربما ضاقت آذانك سمعا لكثرة ترديدها على ألسنة المحللين الموالين من أنصار الشرعية للرئيس محمد
مرسي-فك الله أسره- في حديثهم عن أن الانقلاب يترنح، وتلك هي الكتائب التي أعنيها، والتي انطلقت فور سماعها للحكم السابق على الرئيس في القضية المعروفة بـ"أحداث الاتحادية" بالسجن عشرين سنة بتحليلها واستنباطها الجبار أن المحكمة أصدرت هذا الحكم لأنها لا تستطيع أن تصدر حكما بالإعدام لخوفهم من رد الفعل على الحكم ولذا فقد وازنت وأصدرت هذا الحكم.
وانطلقت كتائب "يترنح" للتحليل السياسي الليلي بالإسهاب والإطناب في الموضوع من أن المانع من حكم الإعدام والنزول إلى السجن عشرين سنة هو الخوف والرعب من رد الفعل.
يعلم الله، بمدى ما كان يعتمل في الصدر حين سماع هذه السفاهات والتحريض السافر بدون قصد وبدون وعي بالطبع، والذي يتقاضى عليه ذووه أموالاً أطالبهم أن يعتصموا بضمائرهم وأن يعيدوا النظر فيها.
كما إنني أعلم أن المهيمنين على الساحة الآن من القادة والأتباع المسيطرين على وسائل النشر واللجان والكتائب الإلكترونية يحرصون تماما على ألا يدعوا متنفسا لأحد ينطق بكلمة تلقي الضوء على هذه الجرائم، إحياءً لسنة الفرعون الصغير السابق:
"لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"
ليحل محلها، لا صوت يعلو فوق صوت الخروج من الكارثة والمصيبة.
وبالطبع لن تنتهي الكوارث والمصائب التي يرقق بعضها بعضا، والتي كلما خرجت الأمة من واحدة منها أدخلوها في أخرى، حتى لا تفيق لمحاسبة حاملي الحصانات المقدسة، والجيل الذي نصب نفسه وصيا على الأمة من مهده إلى لحده، وأنه فوق المحاسبة، وأنه ليس أمامك إلا أن تكون نسخة كربونية مطبوعة "شف" منهم حتى يكون لك في الوجود مقعد وإلا فلا.
مخطئ من يظن أن الحقائق لن تنكشف ويحاسب كل من تاجر وذهب بعيدا بأهواءه ونزواته متشحا بوشاح الدفاع عن قضايا الأمة.
مخطئ من يظن أن صفحة الجماعات والتنظيمات لن تطوى وتتجاوزها الأمة وتعافها نفوسها.
مخطئ من يظن أن الاستبداد الملتحي مهما طالت لحيته وبلغت من الكثافة مبلغا سيكتب له البقاء والدوام.
مخطئ من ظن أن كثرة الأتباع والحشود من حول الناعق دليل على صواب نعيقه أو هداية دعوته أو سواء صراطه الذي يسير عليه.
مخطئ من يقسّم دماء الأمة الواحدة إلى دماء زرقاء مميزة، تقوم الدنيا من أجلها ولا تقعد، وأخرى لا قيمة لها ولا وزن سوى كونها وقودا أو كباش فداء للدماء الزرقاء، وقد جاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" المسلمون تتكافأ دماؤهم."
مخطئ من جعل نفسه فوق أطهر وأنبل جيل قال الله لهم وفيهم:
" وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين. وليعلم الذين نافقوا ..." آل عمران 166 و167.
مخطئ من ظن أن الجنرال عبدالفتاح
السيسي وحاشيته وحدهم هم من يجب أن يحاسبوا على ما سفكوا من دماء الأبرياء العزل، ثم يتجاهل عامدا ومتعمدا محاسبة توسيد الأمور لغير أهلها، ولا يسترشد بقول المعصوم صلى الله عليه وسلم فيما رواه أَبو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ:
( مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ ).
مخطئ من يظن أن أهل الأرض والسماء لو اجتمعوا على أن يضروا الرئيس محمد مرسي وإخوانه بشيء، يمكن أن يضروه بشيء لم يقدره الله عليهم، أو اجتمعوا على أن ينفعوهم بشئ يمكن أن ينفعوهم بشيء لم يقدره الله لهم.
توقفوا قليلا واهدأوا، وإن لم تستطيعوا أن تنصروا الأسرى بقول الحق وفعل الصدق فليسعكم الصمت والدعاء.
أما الثرثرة و"الخيارات المفتوحة"! والتي لا تجلب عليهم إلا الوبال فنقول لكم بشأنها ناصحين:
أجيلوا النظر فيما تتقاضونه من وراءها في تلك البرامج والقنوات وتطعمون به أنفسكم
وأهليكم.
هذه رسالة من
كاتب مسكين إلى العباقرة من كتائب "يترنح".