صحافة دولية

هافنغتون بوست: لا أحد في مأمن من "الإرهاب الإلكتروني"

أحد حواسيب القناة الخامسة الفرنسية التي اخترقها ناشطون مقربون من تنظيم الدولة - أ ف ب
نشرت صحيفة هافنغتون بوست تقريراً حول تزايد التهديدات التي يتعرض لها الأفراد والشركات والحكومات على الإنترنت، قالت فيه إن هذه الشبكة تمثل وسيلة رائعة للتواصل والتعلم، ولكنها تنطوي على مخاطر عديدة.

وأشارت الصحيفة في التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، وفي سياق حديثها عن تلك المخاطر، إلى الهجوم الذي استهدف القناة الخامسة الفرنسية، والذي ذكّر مستخدمي الإنترنت بوجود من وصفتهم بـ"المنحرفين خلف الشاشات، الذين يخوضون حرباً في ميدان هم خبيرون بخفاياه".

وقالت إن علم الجريمة الإلكترونية أصبح مرتبطا بكل مجالات الحياة، "لأن المجتمع في حد ذاته أصبح مجتمعا إلكترونيا  متكونا من أصدقاء افتراضيين، وأشخاص آخرين يحملون نوايا شرّيرة، وهم -بحسب الصحيفة- "الهاكرز"، أو "منحرفي الإنترنت"، أو من وصفتهم بـ"الإرهابيين الإلكترونيين" كما في حالة القناة الخامسة الفرنسية.

وأضافت الصحيفة أن "العالم يزداد يقينا بعد كل مأساة وجريمة ترتكب على الشبكة العنكبوتية؛ أننا نعيش في عالم افتراضي بات كل شيء فيه واردا، والسباق بين الهاكرز والضحايا المستهدفين أصبح على أشده دائما، من أجل التحكم في آخر التقنيات، واستباق التطورات اللاحقة، كأننا في إحدى ألعاب الفيديو، وكلما نجحنا في تخطي مرحلة؛ نجد أنفسنا في المرحلة الموالية الأصعب، والتي نحتاج فيها للاستنجاد بخبراتنا السابقة، وتطوريها لنكون جاهزين للمستقبل".

وبينت أن الهجوم على موقع القناة الخامسة الفرنسية "كان قويا وغير مسبوق، وتطلب الأمر استنجاد الوكالة الفرنسية لسلامة نظم المعلوماتية بـ13 من أكفأ خبرائها، وهم ما زالوا عاكفين على تخطي المشاكل التقنية المتعلقة باستعادة السيطرة على الموقع"، مضيفة أن "صفحات القناة على الشبكات الاجتماعية تعرضت أيضا للهجوم، حيث شهدت سيطرة تامة من طرف النشطاء الذين يعلنون ولاءهم لتنظيم الدولة، وقد تمت إعادة هذه الصفحات لسالف نشاطها، فيما لا يزال الموقع خارج الخدمة".

وأشارت "هافنغتون بوست" إلى المستوى الخطير الذي بلغته "الجرائم الإلكترونية" والذي اعتبرته مجرد بداية، مؤكدة أنه غير مفاجئ بالنسبة للمتابعين لهذا المجال، بالنظر إلى مدى التطور الذي شهده، بالإضافة إلى تنوع الهجمات في السنوات الأخيرة.

وفي هذا السياق؛ نقلت الصحيفة عن مؤلف كتاب "الجريمة الألكترونية" كزافيي راوفر، قوله إن الجرائم الإلكترونية أسهل من الجرائم التي تتم في الشارع؛ لأنها متاحة للجميع من وراء شاشة الحاسوب، "ولهذا تكثر اليوم عمليات الابتزاز الإلكتروني، فالعصابات تملك اليوم مواقع لإدارة عملياتها على الإنترنت، تماما كالشركات العادية".

وذكّرت الصحيفة بما جرى في الخريف الماضي، حيث استحوذ "الهاكرز" على عدة حسابات لقيادات عسكرية أمريكية، ووضعوا فيها صورة كتب عليها شعار الخلافة، مشيرة إلى تعرض شركة سوني وموقع قصر الإليزيه الفرنسي لهجمات مماثلة، في سنة 2012، "ثم ظهر فيروس Stuxnet في سنة 2012 بإيران، مما عطل البرنامج النووي الإيراني، وكبّدها خسائر لمدة تقدر بخمس سنوات".

وأضافت: "في السنة ذاتها تعرضت شركة أرامكو السعودية لعطل في 30 ألف جهاز حاسوب بفروعها في الشرق الأوسط، ثم تم استهداف بنك رأس الخيمة، وبنك مسقط عمان، اللذين خسرا 45 مليون دولار، وفي سنة 2014 تعرضت شركة Target الأمريكية لاختراق أدى إلى اختفاء 40 مليون دولار من حساباتها البنكية".
 
وتابعت: "في كانون الثاني/ يناير 2015 بعد هجمات شارلي إيبدو، تعرض أكثر من 19 ألف موقع فرنكفوني للهجوم، منها موقع صحيفة لوموند الذي تمت مهاجمته من قبل مساندين للرئيس السوري بشار الأسد".
 
ولاحظت الصحيفة أن العملية التي استهدفت القناة الخامسة تعد عملية نوعية ومؤثرة "لأن فرنسا المتطورة والقوية تأثرت كثيرا بهذه الهجمة التي حدّت من قدراتها الإعلامية بتعطل هذه القناة التي يصل بثها لـ200 دولة".

وقالت إن عمليات الاختراق تتم بـ"نفس البساطة، سواء عند اختراق موقع إذاعة، أو شركة، أو مكان حساس مثل منشأة نووية"، وهو ما يعني أن هذا "الإرهاب الإلكتروني" أصبح أمرا واقعا، وتهديدا يشمل الجميع. على حد تعبيرها.

ونقلت عن مكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات المتحدة تعريفه لمصطلح الإرهاب الإلكتروني، بأنه "هجوم مع سبق الإصرار، وبدوافع سياسية، يستهدف الشبكات الإعلامية، والأجهزة الإلكترونية، والبرمجيات، والمعلومات، بهدف ارتكاب جرائم من طرف أشخاص أو تنظيمات". وعلى غرار ظاهرة "الإرهاب التقليدي"؛ فإن الصفة المميزة لـ"الإرهاب الإلكتروني" -بحسب الصحيفة- هي أنه يضرب في اللحظة والمكان غير المتوقعين.

وأضافت الصحيفة أن الشباب المشارك في هذه الهجمات يبحث عن فرض وجوده والشعور بذاته على الشبكة العنكبوتية، من خلال أشياء عادية، مثل تبادل الصور والمحادثات على مواقع التبادل الاجتماعي، وأيضا من خلال ارتكاب الجرائم الالكترونية للبروز والحصول على الشهرة.

وبحسب الصحيفة؛ يقوم الفريق المهاجم مباشرة -بعد الاستحواذ على الصفحة المستهدفة- بتغيير صورة الواجهة ومحتوى الصفحة الرئيسة، لبث الرسائل المراد إيصالها، فقد قام الهاكرز الذين اخترقوا موقع القناة الخامسة الفرنسية بنشر صور وهويات عسكريين فرنسيين مشاركين في العمليات ضد تنظيم الدولة.

وفي الختام؛ اعتبر كاتب التقرير هذه الهجمات فرصة لتذكير الشركات بضرورة العناية بالسلامة المعلوماتية، إذ "ليس هناك أية مؤسسة بمنأى عن هذا الخطر، فالمهاجمون يقومون بأشياء جديدة كل يوم، ويغيرون تكتيكاتهم، بل يمكنهم القيام بالاختراقات وتحقيق أهدافهم دون أن يشعر أحد بوجودهم، مثل الدخول لقاعدة البيانات، والقيام بتغيير المعطيات، وفسخ بعضها، وتعويضه بمعطيات مغلوطة".