مقالات مختارة

ثمار محمد العريان

1300x600
أرجو، ونحن نتابع أخبار جلسات الختام، في مؤتمر شرم، ألا يغيب عن بالنا، ما حدث في مرحلة ما بعد 25 يناير 2011 مباشرة!

وقتها، شاع كلام كثير، على ألسنة مسؤولين كبار، عن أن أموالاً مهربة بالمليارات خارج مصر، سوف تعود إليها، وأنها حين تعود سوف تؤدى إلى رواج غير مسبوق بين المواطنين، ومن بين ما قيل مثلاً، ولعلنا نذكره جيداً، أن الرئيس الأسبق يملك وحده 70 مليار دولار فى بنك واحد خارج البلاد، فما بالك، إذن، بحجم ما يملكه سائر المسؤولين الذين كانوا معه قبل الثورة!

اليوم، مرت أربع سنوات، ولم يرجع جنيه واحد.. جنيه واحد لم يرجع من بين أرقام بالمليارات كانت تروح وتجيء على صفحات الجرائد، وكان مواطنون كثيرون يُمنون أنفسهم، في تلك الأيام، بالأموال العائدة، وكان كل واحد منهم يحسب نصيبه منها بالورقة والقلم، لدرجة أن بعضهم ترك عمله، وجلس في بيته، لأن نصيبه القادم، من أموال الخارج، سوف يغنيه عن أي عمل!.. لقد كانت هناك حالات كهذه بالفعل!

وحين نطوي السنوات الأربع، ثم نتوقف أمام الأرقام التي خرجت من مؤتمر شرم، عن الاستثمارات المقبلة، فسوف نلاحظ أنها بالمليارات أيضاً، بل بعشرات المليارات من الدولارات، وقد وصلت حتى صباح أمس، إلى 138 مليار دولار.

إنني أدرك تماماً أن هناك فرقاً بالطبع، بين المليارات المذكورة أيام 25 يناير، وبين مليارات مؤتمر شرم، وأن هذه الأخيرة حقيقة وليست خيالاً، وأنها تعبر عن حجم من العقود، والتفاهمات، والمذكرات، التي جرى توقيعها مع أصحاب المال والأعمال، فعلاً، لا قولاً.

غير أننا، في الوقت نفسه، لابد أن نلتفت إلى أن كل هذه الأرقام الخيالية، سوف تُسيل لعاب عشرات الملايين من المواطنين، الذين سوف يتساءلون بالضرورة، عن الموعد الذى سيجدون فيه جزءاً منها، واقعاً عملياً في حياتهم، وسوف يكون سؤالهم مشروعاً، بل سوف يكون على مسؤولينا أن يقدموا لهم الجواب المقنع.

كنت من ناحيتي، أبحث عن إجابة لهذا السؤال، طوال أيام المؤتمر، وقد وجدتها في كلام منسوب إلى الدكتور محمد العريان، في الصفحة الأولى من «الأخبار» أمس، وفيه يقول إن قطف ثمار هذه الأرقام، سوف يكون في أول العام المالي القادم، أي فى أول يوليو، أي بعد ثلاثة أشهر!

والدكتور العريان، كما نعرف، اقتصادى عتيد، كما أنه عضو المجلس الاستشاري لرئيس الجمهورية، وهو عندما يتكلم في شأن اقتصادي، فإنه يتحدث في ملعبه، وفي مسألة يفهمها جيداً، ولذلك، أتمنى ألا يكون تفاؤله، وهو يحدد موعد قطف الثمار في حياة آحاد الناس، قد تجاوز السقف المعقول، لأنه عقلاً، لا يمكن أن نتصور ثماراً لمؤتمر شرم، ولا لغير مؤتمر شرم، في ثلاثة أشهر.. لا يمكن!.. وإلا، فإن عليه أن يشرح لنا أكثر.

إنني أتمنى طبعاً، أن تأتي الثمار غداً، لا بعد ثلاثة أشهر، غير أن الله تعالى قد خلق في رؤوسنا عقولاً تزن الأمور، لتميز بين المعقول منها وغير المعقول.

وأتخيل الآن مصريين كثيرين، يسألون الدكتور العريان، في أول يوليو: أين الثمار التي وعدتنا بها؟!

وهذا بالضبط ما قصدته، حين كتبت على مدى أيام متتالية ماضية، عن أن المؤتمر انعقد ونجح، وأن بدايته في أول أيامه، كانت تدل على نجاحه، غير أن نجاحه الأهم، إنما هو فيما بعد أيام انعقاده، وليس في أيامه الثلاثة وحدها، لأن الأيام الثلاثة في شرم أشبه ما تكون بوضع أساس لبيت، لابد أن يقوم بعدها ويرتفع في الهواء، فوق أساسه، ليراه الناس!

أنا نفسي سوف أسأل الدكتور العريان، في أول يوليو بإذن الله، عن الثمار التي وعدنا بها، وسوف يكون إلى جوارى ملايين سيسألون الحكومة عن الثمار ذاتها، ولذلك، فعليها أن تستعد وتعمل لأجلها، من الآن.. الآن لا غداً!



(نقلاً عن صحيفة المصري اليوم)