عادت
الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين الى واجهة الأحداث مجدداً بعد أن تبين أن منفذي عملية الهجوم على الكنيس اليهودي في مدينة القدس المحتلة يوم الثلاثاء هم من كوادرها، رغم أن الجبهة لم تتبن العملية رسمياً، إلا أن قيادتها اعترفت بأن المنفذين من كوادرها، وأنها "تبارك أي عمل مقاوم يستهدف اقتلاع المستوطنين والمحتلين".
وأكدت الجبهة في بيانها أن "هذه العملية وغيرها من العمليات البطولية التي ينفذها أبطال القدس هي رد طبيعي على جرائم الاحتلال، وشكل من أشكال المقاومة الشعبية". ونادت بتطوير العمل المقاوم و"توحيد كل الجهود نحو مقاومة موحدة، وتصعيد المواجهات ضد المحتلين و قطعان مستوطنيه، فلا مكان لهم على أرضنا".
وبهذه العملية تعود الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لتتصدر الأخبار، بعد أن غابت عن المشهد طوال السنوات الماضية، فضلاً عن أن جناحها العسكري الذي يحمل اسم كتائب الشهيد أبو علي مصطفى لم ينفذ أي عمليات عسكرية منذ سنوات، وتحديداً منذ الهدوء الذي بدأ في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الثالثة في بداية العقد الماضي.
وفي أعقاب هزيمة العرب أمام اسرائيل في حزيران/ يونيو 1967 بدأت الجبهة الشعبية مشوارها في
الكفاح المسلح من داخل فلسطين ومن خارجها، وكان نشاطها جزءا من نضال فصائل المقاومة الفلسطينية العسكري.
وتميزت قواعد الجبهة الشعبية التنظيمية والعسكرية، بطابعها الشعبي، حيث اعتمدت في انتشارها بشكل رئيسي على أبناء الفقراء، وتواجدت بقوة وكثافة في مخيمات اللاجئين، وأصبحت عملية تعبئة وتحشيد أبناء المخيمات، وخصوصا في الأرض المحتلة والأردن، هي القضية الرئيسية لقيادة الجبهة.
وتميزت هذه المرحلة بالإعداد الجاد التعبوي والعسكري، وتحضير مستلزمات الكفاح المسلح، من إعداد وتدريب وتخزين للأسلحة، ومباشرة للعمليات العسكرية في الداخل وفي الخارج، وقد كانت السرعة والحماس هما الطابع العام للتنفيذ.
ما بعد أوسلو
في عام 1994 ونتيجة للتطورات الهامة والانعطافات الأساسية التي شهدتها الساحة الفلسطينية، والمتمثلة أساساً في توقيع اتفاق أوسلو، عقدت الجبهة الشعبية المؤتمر الوطني الأول، الذي صدر عنه وثيقة مهمة، تناولت بالتحليل العميق اتفاق أوسلو وضرره على القضية الفلسطينية، وعلى القضايا العربية محللة خلفيات هذا الاتفاق.
وفي تموز/ يوليو 2000 عقد المؤتمر الوطني السادس للجبهة الشعبية؛ ونتيجة للواقع الجغرافي الفلسطيني عقد المؤتمر على ثلاث حلقات (قطاع غزة – الضفة الغربية – الشتات الفلسطيني). ونتج عن المؤتمر الوثيقة السياسية (نحو رؤية سياسية جديدة للمرحلة) التي استهدفت الوصول لقراءة منهجية للتطورات السياسية التي شهدها الواقع الفلسطيني منذ انعقاد الكونفرنس الوطني الأول.
ولاحقاً لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى)، وتحديداً في 27 آب/ أغسطس عام 2001 اغتالت قوات الاحتلال الاسرائيلي الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى وهو في داخل مكتبه برام الله، وبعد ذلك أطلق الجهاز العسكري للجبهة على نفسه اسم: كتائب الشهيد أبو علي مصطفى.
ولم يمض على اغتيال أبو علي مصطفى سوى 40 يوماً حتى نفذ مقاتلو الجبهة الشعبية عملية اغتيال طالت وزير السياحة الاسرائيلي رحبعام زئيفي، كما قامت الكتائب كذلك بتفجير موقع "ناحال عوز" الإسرائيلي.