لا تستغرب إن وجدت الثعلب المصنف من
الحيوانات اللاحمة (آكلات اللحوم)، يختلط بالسائحين، فالثعالب الصحراوية هي أحد المعالم السياحية في واحات محافظة الوادي الجديد، جنوبي
مصر، وفيها تستأنس الثعالب بالسائحين، حتى أصبحوا يطلقون عليه "صديق رحلات السفاري".
تلك الكائنات المفترسة بطبيعتها تتنظر وصول الأفواج السياحية إليها لتأكل من بواقي الأطعمة التي يتركها السياح بالصحراء، لا سيما في
محمية الصحراء البيضاء، بواحة الفرافرة، (500 كلم جنوب القاهرة) على الحدود المصرية الغربية مع ليبيا.
ومحمية الصحراء البيضاء، هي محمية صحاري ومناظر طبيعية، تعتبر متحفاً مفتوحاً لدراسة
البيئة الصحراوية والظواهر الجغرافية والحفريات والحياة البرية، كما تحتوي على آثار لعصور ما قبل التاريخ.
وتتميز المحمية بجمال مناظر الكثبان الرملية والتكوينات الجيولوجية لصخور الأحجار الجيرية والطباشيرية ناصعة البياض وما تحتويه من حفريات.
وتم إعلانها محمية طبيعية في عام 2002، وسميت بالصحراء البيضاء لأنها تملك اللون الأبيض الذي يغطي معظم أرجائها، وتبلغ مساحتها الإجمالية 3010 كيلومتر مربع، وتعد موقعا لرحلات التخييم والسفاري.
توجد الثعالب بكثرة في محمية الصحراء البيضاء، ويعتبر ثعلب الصحراء أبيض اللون ذو الأذنيْن الطويلتيْن والأنف الدقيق والجسم الضئيل، من السمات المميزة للمحمية.
وغالبا تسير تلك الثعالب في شكل مجموعات قاطعة عشرات الكليومترات طوال فترات الليل تبحث عما يسد جوعها من الفرائس المختلفة كالأرانب البرية والفئران والثعابين الصغيرة التي تعيش في تلك البيئة القاحلة.
وقال حسين أبو المعاطي، أحد منظمى رحلات السفاري (الرحلات البرية) بالصحراء المصرية الغربية، إن ثعلب الصحراء أصبح أحد المعالم بمحمية الصحراء البيضاء التي تعتبر مأوى للثعالب، ومع كثرة زيارة السائحين إليها اعتاد الثعالب على الزوار حيث يستمتع السياح بإطعام الثعالب والتقاط صور تذكارية لها.
وأوضح أبو المعاطي، في حديث لوكالة الأناضول، أنه بمجرد حلول الليل، والبدء في نصب المخيمات السياحية فى الصحراء وإقامة حفل العشاء تتجمع تلك الحيوانات من كل حدب وصوب فى شكل مجموعات تنتظر دورها فى بقايا الطعام.
ويدفع شعور الثعالب بالجوع لأن تلتهم أي شيء حتى الخضروات الفاسدة والتي تتبقى من الأفواج السياحية، يضيف أبو المعاطي.
وأشار إلى أنه وخلال رحلاته المتكررة يلاحظ أن السياح بمجرد رؤيتهم لتلك الثعالب ينتابهم الفزع والرعب، ولكن سرعان ما يتلاشى ذلك بمجرد إخبارهم عن قصص تلك الثعالب ومرافقتها للأفواج السياحية فى ربوع الصحراء.
وفقا لخبرته التي تراكمت مع الثعالب خلال رحلات السفاري، رأى أبو المعاطي أن "استقطاب ثعلب بري فى الصحراء أسهل بكثير من أن تستقطب كلبا شريدا".
"تبدأ عملية استقطاب تلك الثعالب بمجرد تجمعها، فيتم إلقاء فتات الطعام وكسرات الخبز إليها حتى تشعر بالأمان ثم نبدأ بإلقاء قطع اللحم بجوار السائحين حتى تتجمع بجوارهم الثعالب، وما أن تشعر بالأمان والاستئناس يتم إطعامها باليد، ويتم التقاط الصور التذكارية بجوارها وأثناء إطعامها"، بحسب منظم رحلات السفاري.
وعن طرائف تلك الثعالب، قال أبو المعاطي إن الثعلب مهما استأنس فهو ماكر بطبعه، فما أن يحل الليل وتخلد الأفواج السياحية إلى النوم حتى تقوم تلك الثعالب بسرقة الأحذية والمتعلقات الشخصية لزوار المكان وكل ما يمكنها حمله وتفر به بعيدا وتدفنه في الصحراء.
واستطرد أنه لا قيمة لرحلة سياحية بدون الثعالب، حيث أن العديد من الأفواج السياحية من مختلف الجنسيات تكون محمية الصحراء البيضاء، من أولى برامج رحلاتهم لوجود تك الثعالب فيها، معتبرا أنها أخذت طريقها لشهرة عالمية، مدللا على ذلك بأن الوفود السياحية تسأل عن هذه المحمية بالذات وعن الثعالب بمجرد وصولهم أرض الواحات.
وتطورت علاقة البشر بالثعالب في محمية الصحراء البيضاء، ويقول أبو المعاطي إن الثعلب يطلق عليه فى الواحات "صديق منظمي رحلات السفاري" أسوه بإطلاق لقب "صديق الفلاح" على طائر أبو قردان.
ويشير إلى أن معظم المنظمين والمسؤولين عن البيئة وأهالي الواحات يسعون دائما للحفاظ على ذلك الحيوان وعدم قتله أو تهديده وتهجيره من المنطقة؛ نظرا لكونه من أقدم الحيوانات الموجود بالمنطقة، بالإضافة إلى أنه نوعية نادرة من الثعالب مما جعله يأخذ شكل وملامح ولون الصحراء البيضاء.