كتاب عربي 21

رؤية في الإصلاح في تونس: الرفاه الاجتماعي: مقاومة الفقر، التعليم، الصحة، البيئة

1300x600
هناك على الأقل أربعة ركائز أساسية على الأقل لدعم سياسة تحقق الرفاه الاجتماعي. أولا، مقاومة الفقر، ثانيا، التنمية البشرية من خلال التعليم، ثالثا، الصحة، ورابعا، التنمية المستديمة من خلال اقتصادي بيئي. 

أولا، بالنسبة لمقاومة الفقر يجب التركيز على أن نقائص الوضع الراهن ناتجة عن عدد من العوامل. في مجال الحوكمة: لا تمتلك الدولة سياسة اجتماعية متناغمة في هذا المجال. 

كما أن الوزارات المكلفة بالشؤون الاجتماعية لا تمسك الوزارات بملف واحد خاص بالمنتفعين من المساعدات الاجتماعية، الشيئ الذي من شأنه خلق ازدواجية أثناء القيام بتوزيع المساعدات الاجتماعية. ومن جانب آخر كثيرا ما تخفق الأطراف المكلفة في الوصول إلى الفئات المستهدفة ممن يستحقون المساعدة فعلا (قد تصل نسبة الإخفاق هذه إلى 40% في بعض البرامج) تقوم بتبادل المعلومات فيما بينها بخصوص البرامج الاجتماعية التي تدير.        

يقترح حزب المؤتمر مقاربة تنموية ذات 360 درجة من شأنها المساعدة على القضاء على الفقر وتمه الطريق أمام منظومة التنمية المحلية المستدامة. وفي اطار هذه المقاربة، يتم قياس ظاهرة الفقر ومعالجتها بالطرق التالية:     

في إطار أبعادها الأربعة: التربية والصحة وظروف العيش والتحرير، وليس على أساس المقاربة النقدية التي تعتبر تبسيطية ومقيدة. كما أن مؤشر الكرامة، الذي ينصح به، يشمل  المؤشرات التالية: التربية والصحة والمسكن والدخل والبيئة والفلاحة والإعلام والاتصالات.

على المستويين الصغيرين: الجهوي والمحلي.      

بطريقة ديناميكية وتحويرية: يجب أن تمكن السياسات المعتمدة للقضاء على الفقر من مد يد المساعدة للفئات المعوزة وتأمين انتقالها من حالة الفقر الى وضع أمني سليم صلب منظومة التنمية المحلية المستدامة.

إضافة الى بعده المتسم بالتضامن، يوفر المشروع  برنامجا حقيقيا يهدف الى تحقيق التنمية المحلية والانتعاش الاقتصادي، وذلك من خلال الاعتماد على جملة من الأهداف القائمة على الاقتصاد الاجتماعي واللامركزية وبناء القدرات في اطار الحوكمة الرشيدة والديمقراطية التشاركية وسياسات التجديد الاجتماعية وإعادة بناء المدن ومنظومة شراكة حقيقية وفاعلة تجمع كلا من القطاع العام والقطاع الخاص، إضافة الى سائر مكونات المجتمع المدني.

تتمثل الغاية الأولى من المشروع في القضاء على الفقر وذلك من خلال انشاء جملة من المؤسسات الاجتماعية تعنى بهذه المشكلة بمختلف أبعادها وتغطي سائر المناطق الصغرى (العمادات) للبلاد، بمساعدة وتدريب ومكون من فرق من المستشارين المحليين المختصين والمنتمين الى هيئات نشاط محلية ومسؤولة عن تعبئة المجموعات بهدف بعث مشاريع محلية تشجع على التنمية الذاتية.
هاته المؤسسات الاجتماعية المحدثة في كل عمادة، الموكولة لها مرافقة الفئات الفقيرة وتأطيرها وتمكينها من المعلومة وإعانتها في إحداث مشاريع صغرى وإعانتها على التمويل عن طريق عدد من مؤسسات التمويل الصغير التي سيقع إحداثها في عدد من المناطق الداخلية. 

ثانيا، ما نعنيه بتنمية مستديمة هي طبعا تنمية واستثمارات لا تؤدّي إلى الإخلال بالتوازن البيئي للمناطق المعنية بها.  سنعمل على أن تكون المسألة البيئية في أعلى سلّم أولوياتنا عند النظر في المشاريع الإستثماريّة الكبرى بالخصوص.

من أولوياتنا حماية الشريط الساحلي عبر مشاريع لمعالجة مياه الصرف الصحي الملقاة في البحر بحيث لا تمثّل خطرا على صحّة المواطن وعلى الثروة السّمكيّة، من أولويّاتنا كذالك إعادة النظر في منظومة التّصرف في النّفايات المرتبطة مباشرة بالصّحة العّامة بحيث يتمّ تعصيرها وتطوير الآليات الكفيلة بتثمينها والإستفادة من رسكلتها خصوصا التحويل الطاقي لها، كما سنعمل على تكريس مبدأ "من يلوّث يدفع" وفيه احترام لمبدأ العدل بين المواطنين فمن ينتج نفايات أكثر يدفع أكثر ومن تكون مخلفاته البيئية أكبر يتحمل نسبة متلائمة من نفقات المعالجة مع توفير نظام رقابي فعّال.

إن هذا التّوجه سوف يكون مندرجا في إطار دعم اللامركزية و الحوكمة المحلّية مع إحداث مؤشّر  للمسؤوليّة البيئيّة للمؤسسات الاقتصادية والشّركات.

سنعمل أيضا على ملائمة المناهج التّعليميّة للناشئة مع هذا البرنامج وإيلاء المسألة البيئية ما تستحقّ من أهميّة فيها، فالفرز الإنتقائي هو أوّل مقوّمات الوعي البيئي والتّحكم في كمّيات النّفايات المفرزة كما أنّه يوفّر مصدرا هاما من مصادر الرزق.

ثالثا، التعليم يستوجب مقاربة جديدةف مستوياته المختلفة. من جهة  القضاء على الانتهازية التجارية المتعلقة بالتعليم: تجنب استخدام الكتب غير النظامية، والتقليل من اللوازم المدرسية إلى أدنى حد ممكن، وتشجيع إنتاج الكتب التي يعاد استخدامها، دمقرطة استخدام التكنولوجيات الجديدة، الخ. إجراء حوار وطني حول التربية والتعليم (جانفي 2015 - جوان 2015). بهدف إعادة النظر في محتوى البرامج وتحديث طرق التدريس. 

إعادة التوازن في المواد التي تدرس وإعطاء أهمية أكبر للغة، خاصة العربية والإنجليزية، إعادة هيكلة وتنظيم التعليم من أجل تقليل أو القضاء على الدروس الخاصة. 
     
تثمين مهنة التدريس الابتدائي والثانوي. ولتحقيق هذا يهدف برنامجنا إلى:
إعادة النظر في رواتب المعلمين (المدرسين يجب أن يكون أول من يعتنى به في حدود الممكن).
إعادة النظر، بالتشاور مع مختلف الجهات المعنية، في وضع المدرسين في التعليم الأساسي والثانوي: نفقات التعليم، ونفقات المكاتب والدور التربوي للمدير، الخ ويستوجب ذلك أيضا رؤية جديدة للجامعة التونسية بما يجعل الجامعة التونسية بمثابة المصنع الذي يخرج باعثي مواطن الشغل وتجنب مشاكل الإفراط في التأهيل و/ أو عدم التطابق بين العمالة والتكوين. ولتحقيق هذا الهدف، نقترح الإجراءات التالية:

هيكليا، توزيع إقليمي متوازن للجامعات: إنشاء (أو إعادة الهيكلة) من جامعتين حسب المنطقة، بالتفصيل مفهوم اللامركزية الإقليمي على الجانب الشرقي والجانب الغربي (في داخل البلد).      

تشجيع التسيير الذاتي متعدد التخصصات، التكامل والاستقلال المالي والإداري للجامعات.

فصل تدريس الأنشطة البحثية عن المستويات التعليمية الاخرى: يتم دفع الأنشطة البحثية بشكل منفصل.

على مستوى محتوى التكوين:

تطوير الاحتياجات التدريبية لتحقيق التلاؤم بين المناهج وبين الخطة الاقتصادية وفي هذا نحتاج: اعتماد مدة ودورية التكوين من قبل المجلس الأعلى للتعليم العالي.      

تطوير وتعزيز التدريب المهني، تشجيع توظيف الوقت بطريقة مرنة وبدورات بدوام جزئي. الشراكة الثلاثية: الكلية، والطلاب، وصاحب العمل. يمكن أن تغطى مصاريف التكوين من قبل الطالب أو صاحب العمل. 

ايجاد فصل دراسي ثالث.

تقييم النظام التعليمي الجامعي: والفكرة هي الإجابة على سؤالين: محتوى الدروس التعليمية التدريبية هل تتفق مع الأهداف المعلنة؟ الوسائل المعتمدة هل تحقق الاهداف المرسومة للتعليم؟

على مستوى البحث العلمي من الناحية العملية سيضمن هذا المشروع جودة في الرعاية الصحية للجميع وفقا للمعطيات الحالية في العلوم الطبية وبأقل تكلفة ممكنة وبعيدا عن  مخاطر العلاج لضمان نفس نتائج الخدمات الصحية لبقية الفئات. 

ويتم ذلك عبر وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الأمراض التي تشكل مشكلة صحية عامة:

وهذه القائمة ليست شاملة، ولكن يمكننا أن نبدأ مع تلك الأمراض التي يكون تأثيرها سريعا على حالة المريض. وتشمل هذه الأمراض داء الليشمانيات وهو منتشر في مناطق بالوسط بما في ذلك سيدي بوزيد، ثم داء والتهاب الكبد، ومرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وعدوى المستشفيات، ووفيات الأمهات. 

تضييق الفجوة في معدل العيادات بمراكز الصحة الأساسية بين الولايات: 
من بيانات الخريطة الصحية لسنة 2011، يلاحظ أن في الولاية الواحدة لا يتمكن إلا 25 % من السكان من الوصول إلى مراكز الصحة الأساسية أوالحصول على عيادات طبية في ستة أيام من الاسبوع. وهذا في ولايات تونس وسوسة وقفصة أما بقية الولايات فتنخفض النسبة إلى ما دون 25 % بينما لا يتجاوز المعدل في بعض المناطق 4 %.