صحافة إسرائيلية

أكاديمي إسرائيلي: واشنطن تواصل فشلها في الشرق

مشهد من تفجيرات 11/ 9 في برجي التجارة العالمية بنيويورك - أرشيفية
ناقش البروفيسور إبراهام بن تسفي في صحيفة "إسرائيل اليوم" وضع الولايات المتحدة بعد 13 عاما من أحداث 11 أيلول/ سبتمبر الكارثية، مشيرًا إلى حالة التأرجح الدبلوماسي التي تعيشها الولايات في عهد الرئيس باراك أوباما، ما بين التدخل الزائد في الشرق الأوسط لصد إرهاب داعش وغرس قيم الديمقراطية الليبرالية، وبين التمايز والانطواء على الذات.

ويقول في مقاله المنشور الخميس، تحت عنوان "11 أيلول: من الانبعاث إلى القتال والاستكانة": "في مثل هذا اليوم قبل 13 سنة حدث حادث صادم تأسيسي في تاريخ الأمة الامريكية، ولّد تحولا مبالغا فيه في سلوكها الاستراتيجي مدة عقد تقريبا، فقد كانت العمليات الجماعية في البرجين التوأمين ووزارة الدفاع الأمريكية، التي نفذتها منظمة القاعدة، حافزا لصوغ سياسة جديدة قامت على فكرة حرب رادعة للإرهاب العالمي والدول التي ترعاه، وذلك على أساس الإيمان بأن القضاء على نظم حكم مستبدة مؤيدة للإرهاب سيُهيئ لصوغ نظام إقليمي عالمي ديمقراطي ومستقر".

ويلفت الكاتب إلى أنه عند "تطبيق هذا الأساس التفكيري في ميادين القتال في أفغانستان، ثم العراق الذي لم يكن له صلة بعمليات 11 أيلول برغم نظام القمع الذي حكمها على عهد صدام حسين، لم يكن من شأنه أن يُهيئ لإنشاء مجتمعات حرة مفتوحة تأخذ بنموذج الديمقراطية الغربية، بل كان الأمر على العكس من ذلك، لأن محاولة إدارة الرئيس بوش الابن أن تبني في بغداد وكابول نظامين ديمقراطيين مستقرين آلت إلى الفوضى.. وسيّر ذلك العراق وأفغانستان في طريق سفك الدماء والإرهاب". 

ويقول: "لا عجب إذن من حدوث تحول في الرأي العام الأمريكي بسبب الأثمان البشرية والاقتصادية الهائلة – ولا سيما في الجبهة العراقية – الذي جبته المحاولة الفاشلة، لغرس قيم الديمقراطية الليبرالية في بيئة غابت عنها العلامات والخصائص الأكثر أساسية لمجتمع مدني مفتوح".
 
ويوضح أن "خيبة الأمل من الرأي العام ومن مجلس النواب الأمريكي المتزايدة بسبب الفرق الذي لا ينفك يتسع بين حلم التحول الديمقراطي والليبرالي السامي، وبين الواقع الحقيقي العنيف القاسي، أضعفت بالتدريج منزلة بوش برغم أنه نجح في أن يُنتخب لمدة ولاية ثانية". ويضيف أنه "يمكن بالنظر إلى خيبة الأمل المتزايدة تلك، وعلى خلفية الأزمة الاقتصادية الشديدة، أن نفهم فوز المرشح الديمقراطي باراك أوباما على المرشح الجمهوري الصقري جون مكين في انتخابات 2008، ولكن تبين سريعا أنه كما تهاوت سريعا أحلام بوش المثالية بإنشاء نظام جديد ديمقراطي مستقر في بغداد يكون لبنة مركزية في نضاله الذي لا هوادة فيه ضد الإرهاب العالمي، كما تهاوت في صحارى العراق، فإنها فشلت كذلك أيضا جهود أوباما في قيادة الدبلوماسية الأمريكية في طريق مضاد يفضي إلى انطواء متزايد في داخل القارة الأمريكية مع تجاهل مطلق تقريبا لخطر الإرهاب الذي يغطي المحيط الدولي".
 
ويلفت إلى أن "أوباما عمل بلا كلل مع إنهاء تدخل الولايات المتحدة البري في العراق في 2011، كي يمحو من الوعي القومي رواسب عمليات 11 أيلول والاستراتيجية التي اشتقت منها، وأخذ يعامل نظم الحكم والحركات التي تعتبر في معسكر الإسلام المتطرف معاملة متسامحة". 

ويزعم أنه بعد اغتيال أسامة بن لادن، "تعود محاولة أوباما إنكار التحدي المستمر للإرهاب الإسلامي". ويقول: "تعود إليه الآن مثل عصا مرتدة على صورة انفجار الطوفان الفتاك لداعش، ويعيد بذلك الولايات المتحدة في نفق الزمان مباشرة إلى الجو الذي سادها بعد 11 أيلول". ويعزو ذلك إلى أن الرأي العام الأمريكي يمنح خيار الهجمات الجوية في العراق وفي سوريا أيضا لكن بقدر أقل، دعما واسعا، بسبب الصور الفظيعة لقطع أعناق مواطنين أمريكيين.

ويخلص إلى أن الإدارة تضطر بعد ست سنوات تقريبا من التزامها بالتخلي عن استعمال "القوة القاسية"، إلى أن تنعطف وتحصر العناية في جهد إنشاء تحالف عالمي وإقليمي واسع لمواجهة تحدي داعش المهدد جدا لمحيط الشرق الأوسط والعالم الغربي معا. ويضيف أن "أمريكا إذن تعود إلى العراق بمبادرة الفائز بجائزة نوبل للسلام خاصة، وإن كان ذلك من خلال عمل جوي لا بري". 

ويختم بأنه "لم يبق سوى أن ننتظر لنرى هل تستمر الولايات المتحدة في المستقبل أيضا – بعد فشل الإدارة الأخيرة في إنشاء شرق أوسط جديد ديمقراطي بلا إرهاب بوسائل دبلوماسية – بالتأرجح بين القطب القتالي والقطب المهادن، وبين قطب التدخل الزائد وقطب التمايز والانطواء على الذات".