كتاب عربي 21

ابو سعد العاملي: المنظر اللغز وقاعدة المغرب الاسلامي

1300x600
نجوم التنظير لدى "القاعدة" والتيار "الجهادي" عموما لايزالون محدودين في بعض الاسماء.  أشخاص مثل عبد السلام فرج وعمر عبد الرحمان وابو محمد المقدسي وابو قتادة الفلسطيني وابو مصعب السوري وايمن الظواهري و"الدكتور فضل" (سيد امام شريف) وابو يحيى الليبي للذكر لا الحصر. يبقى أن هناك جيلا طارئا بدأ منذ سنوات قليلة في الطفو على سطح التنظير "القاعدي". بعضهم لايزال مجهولا من الاعلام السائد ومهمشا رغم انه يحظى باهمية بالغة ومؤثرة في حراك هذه التنظيمات. سأهتم هنا تحديدا باحد هؤلاء: أبو سعد العاملي. 

سمعت باسم العاملي منذ فترة. غير انه لم يجلب انتباهي بشكل خاص ومركز الا عند نشر بيان منسوب اليه في شهر مارس 2014 يتبنى فيه "غزوة اولاد مناع" التي استهدفت اعوانا من الحرس الوطني في الشمال الغربي لتونس تحديدا في ولاية جندوبة. بدا البيان غريبا من عدة زوايا منها ان يتبنى منظر من المرجح انه يقطن بعيدا في المشرق عملية ارهابية في احد القرى في الشمال الغربي التونسي. مضاف الى ذلك الى ان عمليات المجموعات الارهابية الناشطة في تونس بقيت حتى فترة اخيرة يتيمة اذ لم يتبناها رسميا حينذاك اي تنظيم محدد. ان يتبنى منظر وليس تنظيما عملية محددة في مكان لا يوجد فيه تبني للعمليات الارهابية احاط البيان بشكوك كثيرة. عكفت حينها على التنقيب في كل ما كتبه العاملي بمعزل عن البيان والذي تم نشره على كل حال على الرابط منسوب الى حسابه في تويتر ولم يصدر تكذيب من اي جهة للبيان. وهكذا تبين لي بوضوح بأنني ازاء احد المنظرين المركزيين الجدد للقاعدة والتيار "الجهادي" عموما وبشكل خاص تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي". 

لا يوجد ما يشير الى هوية الشخص باستثناء نسبته بلقبه المفترض الى جبل عامل بما يوحي ربما، وليس ضرورة، الى انتسابه الى الجنوب اللبناني حيث توجد اقلية سنية رغم هيمنة السكان الشيعة هناك. نشر العاملي مباشرة قبل الثورات العربية عددا من النصوص بعضها طويل عام وبعضها قصير متخصص في موضوع محدد. اهم هذه المؤلفات كتاب "وقفات وتوجيهات تربوية على تساؤلات حركية وجهادية" (198 صفحة) والذي صدر قبل مقتل اسامة بن لادن وفي "التمهيد" اشارات من العاملي على ان الكتاب كان نتيجة تكليف له من قبل قيادات التيار وتم في اطار ردود على الانترنت على أسئلة وجهت اليه عبر ثلاثة منتديات في الانترنت. الكتاب الثاني المهم وهو مؤلف صغير الحجم بعنوان "قاعدة بلاد المغرب الاسلامي حقائق الواقع ووعود المستقبل" نشر في ربيع الأول سنة 1431 هجري (فيفري 2010) حسبما ورد في اخر النص المنشور في "منبر التوحيد والجهاد" عبر "مؤسسة المأسدة الاعلامية" (أحد الوسائط التي تتخصص في النشر لـ"قاعدة المغرب"). قبيل انتخابات 23 أكتوبر بايام نشرت منتديات "جهادية" نصا منسوبا للعاملي "رسالة الى الموحدين التونسيين". ومن الواضح ان الرجل اصبح مهتما بشكل خاص بوضع "الجهاديين" في تونس بعد الثورة يسدي اليهم النصح بشكل متكرر. 

في هذه النصوص الثلاثة نحن ازاء رؤية تركز على النقاط التالية:

-رئيسية الصراع ضد "الحكام المرتدين الكفار" مقابل الصراع ضد القوى الدولية والاحتلال الاسرائيلي بوصف ان الأولين "وكلاء" للاخيرين. يمكن التوقف هنا بشكل خاص عند الاسئلة التي طرحت عليه فيما يتعلق بكفية التعامل مع حكومة حماس. الجواب الذي تكرر اكثر من مرة ان "حكومة حماس الخناس"، كما يسميها، هي ايضا في حكم الردة والكفر يستوجب قتالها ويركز على ان "اقلية" فقط معذورة بالجهل. وان احد اسباب هذا التغير هو موقف هو ايمان "حماس" بما اعتبره "ديمقراطية كفرية". 

-أن "تركيز الشوكة" هي الاساس لاي خطة في مواجهة الانظمة الحاكمة. وهنا تستوجب السرية الكاملة. الاستعداد من اجل التمكين امر اساسي يعاود التأكيد عليه بشكل متواتر. 

-على أن تقوية وتوسيع نفوذ "القاعدة في المغرب الاسلامي" بحيث يتعامل معها خاصة قبل موجة الثورات بأنها تنظيم جزائري بالاساس لكنها مكلفة بـ"الحمل الثقيل" المتمثل في الاشراف على منطقة باسرها. 

-الموقف من الوضع في تونس اصبح نقديا خاصة بعد الانتخابات وما اعتبره ترسيخا لـ"الديمقراطية الكفرية" الذي يجعل من نظام الحكم فيه مثل غيرها. ومبادرته بنشر نص تمبني في العملية الارهابية في جندوبة ثم مرافقته الافتراضية لاتباع التيار في تونس (مثلا حملة "تحرير الاسرى" في شهري افريل وماي) يعمس نوعا من التكليف بمتابعة الوضع في الفترة القادمة. 

-من الواضح ان العاملي يدعم بشكل قوي موقف "قاعدة المغرب الاسلامي" لكنه ايضا يدعم بوضوح تنظيم "الدولة الاسلامية". ومن المرجح انه امتنع عن ابداء اي موقف من اعلان التنظيم "الخلافة" بسبب ان ذلك الموقف سيعني اصطفافه الكلي الى جانب "الدولة" ومن ثمة التمايز بشكل واضح عن تنظيم "القاعدة".