مقالات مختارة

غزّة أرض العزّة

1300x600
كتب محسن الهاجري: مثلما رجعت حليمة إلى عادتها القديمة.. رجعت مصر (ويا للأسف) إلى عهد الهزيمة والإذعان للعدو الصهيوني والأمريكي معاً ولكل من "هبّ ودبّ" من أعداء الأمة الإسلامية وذلك بفضل جهود السيسي الذي خطط للانقلاب بمعونة أولئك الأعداء وبتمويل ودعم خارجي من بعض دول الخليج، والآن وبعد أن نجح الانقلاب ونجحت بعده عملية ترشّح السيسي وحيداً للرئاسة دون أي منافسة ولا مقاومة ولا اعتراض من أحد، ومن ثم أصبح هو الرئيس المصري الجديد لأرض مصر التي عانت من تتابع (الفراعنة) على حكمها، واحداً تلو الآخر، وها هو يعود ليستكمل مسيرة المخلوع حسني مبارك ويمشي في طريقه باتجاه التعاون المطلق والرضوخ التام لمطالب الصهاينة والأمريكان ويسارع إلى التنسيق الأمني مع الصهاينة ويرسل إليهم رئيس المخابرات المصرية، كما كان يفعل عمر سليمان (رئيس المخابرات المصري الهالك) الذي كان حلقة (التعاون والتنسيق) مع العدو الصهيوني لتضييق الخناق على قطاع غزّة وعلى الفلسطينيين بشكل عام من أجل القضاء على حركة حماس والجهاد الإسلامي وإسقاط راية (الجهاد) ضد هذا العدو الغاصب بالتعاون أيضاً مع محمود عباس الذي شاهدناه يغضب ويثور ويحمرّ وجهه عند اختطاف المستوطنين الثلاثة في الخليل، بينما لم يفعل الشيء نفسه عندما قصف الصهاينة غزّة في السابق أو يقصفونها الآن في شهر رمضان المبارك على مرأى ومسمع العالم.

أدار السيسي ظهره لكل من أيّدوه ونصروه وأعانوه في انقلابه على الرئيس محمد مرسي وأصبح اليوم ينفّذ أجندته أو بالأحرى أجندة الأمريكان والصهاينة بخلاف ما زعمه من مقولات فارغة وتصريحات كاذبة حول حبّه لمصر وللمصريين الذين قال إنهم (في عيونه) فإذا به قبل الرئاسة يأمر الدبابات بقتلهم والجرافات بدهس جثثهم! فماذا عساه يفعل الآن وهو الآمر الناهي في مصر (المسلوبة الإرادة) و(المخطوفة القيادة)؟! بل وما عساه أن يفعل إن لم يكن المصريون (في نن عينيه) إذاً لا عجب أن يفعل بهم كما فعل هتلر باليهود في (المحرقة المزعومة) غير أن السيسي أحرق أبناء وطنه بالفعل في ميدان رابعة العدوية والنهضة في محرقة (غير مزعومة)، بل شاهدها العالم بأسره ونقلت الكاميرات صور عشرات الجثث التي تفحّمت واحترقت بفعل أوامر السيسي بحرق الخيام وإطلاق الرصاص على المتظاهرين ضده في كافة أنحاء مصر.

ها هي غزّة اليوم وفي شهر رمضان المبارك تُقصف من قبل الصهاينة أعداء الله ورسوله بعد أن عاد إليهم الأمن والأمان من جهة مصر بفضل السيسي الذي أغلق معبر رفح وقصف المقاومة في سيناء (نيابة عن الصهاينة) وأعاد الاطمئنان إليهم مثلما فعل حسني مبارك ومن قبله أنور السادات بعد أن عاهدوا الصهاينة في معاهدة الاستسلام أو (السلام) المزعوم التي أمّنوا بها الحدود المصرية مع الكيان الصهيوني حتى استكمل العدو تأمين حدوده مع دول الجوار كلها وبالأخص مع المجرم بشار الأسد الذي أظهر مقاومته لهم في العلن، بينما كانت هضبة الجولان أكثر الأماكن أمناً للإسرائيليين – باعتراف الصهاينة أنفسهم – بعد أن سقط القناع عن وجهه القبيح هو وحسن نصر اللات الذي قام هو الآخر بتأمين الحماية لإسرائيل باستهداف أهل السنة في لبنان وسوريا وفلسطين، ليصبح الوضع في النهاية آمناً لإسرائيل من خلال توظيف هؤلاء في دول الجوار المحيطة بفلسطين.. ناهيك عن الخونة من الفلسطينيين أنفسهم في داخل فلسطين.

ها هي غزّة تقصف مرة تلو المرة وهي تحمل راية العزّة والكرامة التي سقطت في كثير من دول العالم الإسلامي نتيجة تخاذل الحكّام وتواطؤهم واستسلامهم للكيان الصهيوني، ناهيك عن تعاون بعضهم بكل وقاحة وخيانة معهم ودعم بعضهم وتأييده لحصار غزّة، بل وقصفها وتوجيه الضربات لها حتى تنهار حركة حماس ويسقط الجهاد على أرض فلسطين، فيفرح اليهود وأعوانهم من خونة العرب ليعيثوا في الأرض فساداً وانتهاكاً للحقوق والحرمات.

إن ما يحدث على أرض العزّة أرض غزّة اليوم يكشف لنا تخاذل المتخاذلين وجبن الجبناء ونفاق المنافقين من أبناء العروبة ومن المحسوبين على المسلمين، لقد انكشفت أقنعة الزعماء العرب الذين كانوا يتشدقون في مؤتمراتهم بالكلام عن فلسطين، بينما هم أول من باعوها واستسلموا للصهاينة حفاظاً على كراسيهم الزائلة، وانكشفت كذلك أقنعة الكثير من العملاء.

وكما كان شهر رمضان المبارك شهر عزّة ونصر وتمكين للمسلمين كما في غزوة بدر الكبرى (السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة) وكذلك حرب العاشر من رمضان 1393هـ (6 أكتوبر 1973م) نرجو الله أن يسدد رمي إخواننا في حماس والجهاد الإسلامي اللتين أعلنتا النفير العام واستمرار إطلاق الصواريخ حتى يتوقف الكيان الصهيوني عن قصف غزّة، ونرجو الله أن تصل تلك الصواريخ إلى أهدافها وأن يدبّ الذعر والخوف والقتل والتشريد في الصهاينة ومن وراءهم من خونة العرب وأن تُلغى فكرة (الدولتين المتعايشتين) التي يروّج لها محمود عباس ومن على شاكلته من المنهزمين وأن يكتب الله لهذه الأمة قادة مسلمين يعودون بها إلى القرآن والسنة وأن يحكّموا فيها شرع الله وكتابه وسنة نبيه حتى تعود دولة الإسلام حقيقة لا شكلاً واسماً.. بل وخلافة راشدة على نهج النبوة، إن شاء الله.