كتاب عربي 21

دعونا فإنا نائمون

1300x600
في أواخر 2002 وبدايات 2003 كان السيد بول ولفوتز يجتمع مع مجموعة من المعارضين العراقيين في البنتاغون حيث يقع مكتبه كنائب لوزير الدفاع، كانت الاجتماعات شبه روتينية يسمع فيها ما يحب أن يسمعه من مجموعة المعارضة العراقية كما يطلق عليها في ذلك الوقت والتي يتكون أغلبها من المعارضين الشيعة الذين يعيشون في ضواحي واشنطن، ولم يكن لهم هم سوى إقناع الساسة الأمريكان بوجوب غزو العراق والتخلص من صدام حسين.

يقود المجموعة العراقية الدكتور علي العطار والذي كان له دور كبيرة في إقناع ولفوتز بغزو العراق أو (تحريرها) واعدا إياه برقص الناس في شوارع بغداد فرحا بدخول القوات الأمريكية، وهذه الكلمات هي التي كان يحب ولفوتز سماعها دائما رغم تكرارها الممل في تلك الاجتماعات، ولكن من هو الدكتور علي العطار الذي دفع ولفوتز وأقنعه بفكرة غزو العراق؟ فقد قال دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق في لقاء مع شبكة فوكس التلفزيونية يوم 8 فبراير 2011، أن ولفوتز هو صاحب فكرة غزو العراق بعد أحداث 11 سبتمبر، فقد ذكرها في منتجع كامب ديفيد خلال اجتماع خاص مع الرئيس بوش الابن.

دعونا الآن نعود إلى الدكتور علي العطار الذي كانت بينه وبين ولفوتز علاقة قوية وهو الذي سوق له فكرة غزو العراق حتى استطاع هذا أن يبيعها على الرئيس بوش ثم استطاع هذا بدوره أن يسوقها على الكثير من الدول من ضمنها دول عربية وإسلامية.

ولد الدكتور علي العطار في بغداد عام 1963 وتخرج من الجامعة الأمريكية في بيروت بشهادة في الطب عام 1989، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأنشأ في أحد ضواحي واشنطن عيادته الصغيرة التي يمارس فيها مهنته، ثم توسع حتى أصبح يملك العديد من العيادات المنتشرة في المدن الأمريكية، ثم أصبح ثريا متخما، فتغيرت حياته وارتفع مستواه المالي بشكل كبير.

ولكن هذا الطبيب الثري وجد نفسه فجأة في مواجهة مع أقوى مؤسستين أمريكتين هما مصلحة الضرائب وهيئة تنظيم العمل الطبي الأمريكية، وفي عام 2009 تم توقيف رخصته لممارسة الطب بسبب تهربة الضريبي وبسبب تزويره للفواتير وتلاعبه بها بالإضافة إلى الكثير من الشكاوي التي وصلت إلى المؤسستين عن سوء ممارسته للطب بالإضافة إلى شكاوي عن تحرشات جنسية مع المرضى، وقد رفض العطار التعاون مع اللجنة التي شكلت للتحقيق من كل تلك الدعاوي التي قدمت ضده، ثم سحبت رخصة ممارسة الطب منه بشكل نهائي في سبتمبر عام 2011.

ثم تدخلت أكبر منظمة أمنية أمريكية وهي الـ FBI للتحقيق مع ممارسات هذا الرجل، فقد وصلت الفواتير الطبية التي كان يقدمها لشركات التأمين الطبية إلى الملايين، واغلبها لموظفين في السفارة المصرية في واشنطن.

رفعت قضية الدكتور العطار إلى الحكومة الفيدرالية من قبل مصلحة الضرائب الأميركية بتهمة التزوير، وهي تهمة كبيرة جدا يعاقب عليها القانون الأمريكي بشده، ثم توسع الموضوع لينكشف أيضاً بان للدكتور العطار وشريكه قد حولا مبالغ ماليه هائلة إلى بنوك خارجية، وأصبحت القضية أكبر وأكبر.

هرب الدكتور العطار من الولايات المتحدة الأميركية بعد توجيه كل تلك التهم له من قبل الحكومة الفيدرالية، وفي أواخر 2012 شوهد في بيروت رفقة مسؤلين من حزب الله اللبناني، واكتشفت أمريكا أن العطار لم يكن في حقيقة الأمر عراقيا، بل إنه ولد في بغداد لأبوين إيرانيين، ثم انضم إلى المخابرات الإيرانية التي أرسلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية بصفة لاجئ ومعارض عراقي هارب من بطش صدام حسين.

لقد استطاع هذا العميل الإيراني اختراق دائرة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية مع آخرين يعملون لصالح المخابرات الإيرانية من ضمنهم الملياردير أحمد جلبي الذي كان له دور كبير في اغتيال العديد من الطيارين والعلماء العراقيين، ثم اكتشفت الولايات المتحدة بعد فوات الأوان بأنه عميل مزدوج، اتهم بتزويد الحكومة الإيرانية بشفرات سرية يستخدمها الجيش الأمريكي في العراق، ثم دوهمت مكاتبه في بغداد وبعدها اختفى من المسرح السياسي بشكل تدريجي.

من أكبر مشاكل الولايات المتحدة الأمريكية التي ستواجهها خلال المرحلة المقبلة هي التحالف الباطني غير المرئي وغير المعلن بين المحافظين الجدد (اليمين اليهودي) وبين النظام الإيراني، وهذا التحالف وأن كان هدفه تدمير المنطقة العربية والسيطرة عليها ولكنه أيضاً يطمح إلى السيطرة على صناعة القرار الأميركي.

كتب قصة الدكتور علي العطار السيد Philip Giraldi والذي سبق وأن عمل مع المخابرات الأمريكية الـ CIA.