كتاب عربي 21

هل ينجح حزب الله بإزالة الإلتباس عن دوره وصورته؟

1300x600
يحتفل لبنان في الخامس والعشرين من شهر أيار/ مايو من كل عام، بذكرى تحرير معظم الأراضي المحتلة في جنوب لبنان، وقد كان لحزب الله والمقاومة الإسلامية دور أساسي في تحقيق هذا الانتصار العظيم، وقد تلا ذلك الانتصار الذي تحقق في حرب تموز/ يوليو 2006، عندما نجحت المقاومة الإسلامية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، الذي استمر 33 يوما.

 لكن بعد هذين الانتصارين العظيمين، دخل حزب الله في صراعات داخلية على الصعيد اللبناني، واتخذت هذه الصراعات بعدا مذهبيا قاسيا، وتلا ذلك مشاركة حزب الله في الصراع الدامي في سوريا، إلى جانب النظام السوري تحت عناوين مختلفة، وكل ذلك ترك انعكاسات سلبية على صورة ودور حزب الله على الصعيدين العربي والإسلامي.

 ومع أن قادة الحزب يقدمون أسبابا عديدة لتبرير تدخلهم في سوريا، إلى جانب النظام، ومنها الدفاع عن مشروع المقاومة وطرق إمدادها ومنع سقوط سوريا في المحور المعادي للمقاومة، فإن هذه الأسباب لم تنجح حتى الآن في إقناع قسم كبير من الرأي العام العربي والإسلامي بصحة أداء الحزب ومواقفه، رغم أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، قد قدّم مداخلة مطولة للدفاع عن مواقف الحزب، من خلال المقابلة الأخيرة مع جريدة السفير اللبنانية، التي نشرت على عدة حلقات ومن ثم وزعت في كتاب خاص.

 وحتى الآن لا يزال الخطاب الرسمي لحزب الله يحتاج للمراجعة من أجل توضيح حقيقة الصراع والخروج من  منطق "مواجهة التكفيريين"، لأن هذا المنطق قد ترك آثارا سلبية على علاقات الحزب مع العديد من القوى والحركات الإسلامية.

 فالحزب اليوم يحتاج لاعتماد منطق جديد، لتوضيح طبيعة الصراع في سوريا والمنطقة، والعودة إلى خطاب مقنع بشأن الدفاع عن المقاومة، والعمل من أجل تعزيز الوحدة الإسلامية ومواجهة الفتنة المذهبية، ومع أن التطورات الميدانية في سوريا تميل لصالح النظام وحلفاؤه، وفي المقدمة إيران وحزب الله، فإن ذلك لا يعني أن الصراع انتهى، وأن النظام حقق انتصارا نهائيا، فالأزمة في سوريا مستمرة، وإذا لم يتحقق تغيير حقيقي على أرض الواقع ينهي الظلم ويقيم نظاما يمثل الشعب السوري بشكل سليم ،فإن الأوضاع ستستمر بالتدهور وسيظل الحزب غارقا في صراعات دموية لن تكون لصالحه، ولا لصالح مشروع المقاومة الذي يدافع عنه الحزب.

 اليوم قد تكون الفرصة مناسبة لإعادة المراجعة، وتقديم خطاب جديد ينسجم مع دور الحزب وتاريخه المقاوم ، وهذا يتطلب الدعوة مجددا من أجل قيام نظام جديد في سوريا يحقق العدالة لشعبه ويوقف الدمار والقتل، والحزب قادر اليوم وبالتعاون مع إيران على إطلاق مبادرات حقيقية لوقف الأزمة السورية، والعمل لمواجهة الفتنة المذهبية، وإعادة بناء محور المقاومة الحقيقي.

 وقد يكون الحزب وحلفاؤه بحاجة لشركاء آخرين، يلاقونه في منتصف الطريق لتحقيق هذا المشروع، ومن هنا يأتي دور بقية القوى والحركات الإسلامية، التي يربطها بالحزب تاريخ طويل من النشاط المشترك، فهذه الحركات معنية في إعادة مراجعة أدائها طيلة السنوات الماضية، للبحث في كيفية تحقيق المصالح الحقيقية للشعوب العربية، وعدم الغرق في الصراعات التي تخدم الأعداء ولوقف القتال والصراع في العالم العربي.

إذن نحن بحاجة إلى طرفين قادرين على إعادة مراجعة الأداء والموقف ، فمن ناحية فإن حزب الله معني بهذه المراجعة، وإعادة تقييم الأداء والموقف والخطاب، وبالمقابل فإن بقية القوى والحركات الإسلامية معنية بأن تلاقي الحزب في منتصف الطريق، ورغم أن هذه الرؤية ليست سهلة وقد تكون أشبه بحلم في ليلة صيف، فإن الدعوة للحوار والمراجعة قد تكون مدخلا طبيعيا لتحقيق هذه الدعوة، التي تخدم المصالح الحقيقية للعرب والمسلمين.