مدونات

انتباه: تنصير مناهج التعليم المصرية بتواطؤ الأزهر

رضا
يبدو أن مصر قد وقعت فريسة تحالف خبيث بين أكبر مؤسستين دينيتين "الأزهر والكنيسة"، تلعب فيه الكنيسة دور الفاعل والمحرك، بينما الأزهر يلعب دور المفعول والمحلّل الذي يجمّل الإجراءات والمُسهّل للعقبات وتهيئة الأجواء لتمرير مخططات الكنيسة بحق هوية البلاد وثوابتها الدينية والوطنية أيضاً!.

ذلك أن ما يسمى بـ "بيت العائلة المصرية"، الذي أنشأته حكومة عصام شرف إبان حكم المجلس العسكري، أو ما يسمى بالمجلس الإسلامي المسيحي، بهدف الحفاظ على النسيج الاجتماعي لأبناء مصر بعد ثورة 25 يناير في نوفمبر 2011، ما هو إلا تحالف شيطاني برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب وبابا الكنيسة الأنبا الراحل شنودة الثالث! ، في محاولة لتهدئة خواطر الأقباط بعد الاشتباكات الدامية بين أقباط وقوات الجيش، "أحداث ماسبيرو 9 أكتوبر 2011"، وأحداث الفتنة الطائفية المفتعلة المتفرقة بعد ثورة 25 يناير، والتي اتضح للجميع أنها تدبير أمني بامتياز لعبت فيه أجهزة الأمن على وتر فرّق تسد عبر تضخيم حوادث العنف وتسخين أجواءها وتأجيج مشاعر الكراهية بين المسلمين والأقباط لتصوير الأمر على أنه صراع ديني يهدف إلى اضطهاد المسيحيين والافتئات على حقوقهم في إطار إبراز مظلومية الأقباط لاستدرار تعاطف محلى ودولي.

 حيث نجد أنفسنا إزاء تدشين مرحلة جديدة تخضع فيه الدولة لأجندة الكنيسة التي باتت ترسم ملامح الدولة كما لو كنا أحد رعاياها لتصبح دولةً داخل الدولة، "وقد وضحت ذلك في مقالي السابق، بعنوان "فضيحة الأزهر في عيد القيامة المجيد!"، في الوقت الذي يصبح فيه الأزهر تابعاً لا متبوعاً ولا يتحرك إلا بحساب وبتنسيق مع السلطة، وفى إطار المتاح والمباح، وفي أحيان كثيرة لا يتحرك لنصرة القضايا الإسلاميةـ لاسيما بعد فضيحة نشر وزارة الثقافة مؤخراً كتاب "الخلافة الإسلامية" لمؤلفه المستشار الملحد الراحل "محمد سعيد عشماوى"، الذي ادعى تحريف القرآن على يد الحجاج بن يوسف الثقفي، وافترى على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وطعن في صحابته الكرام من الخلفاء الراشدين أيضاً، وبطبيعة الحال نستطيع أن ندرك مدى تواطؤ الكنيسة ومباركتها لنوعية تلك الكتب المسمومة.

بعد أحداث ماسبيرو الدامية خضعت الدولة طائعةً، وربما عبر صفقة متفق عليها، لابتزاز الكنيسة، واستمرأت التنازل رويداً رويدا وبمرور الوقت، لاسيما فيما يتعلق بهوية الدولة الإسلامية، ولكن على استحياء نوعاً ما في بداية الأمر وسط مساومات ومناوشات لا تنقطع!، حتى وصل الابتزاز مداه إلى الحد الذي دخلت فيه الكنيسة على الخط بكل جرأة في تصدر للمشهد على غير العادة، وليس من وراء حجاب كما كان في السابق، لاسيما مسألة تغيير المناهج التعليمية بما يتفق مع الروح الوطنية، "مصطلح خادع من قبيل دس السم في العسل"، كما يدعون بعد ما يسمى بثورة 30 يونيو المجيدة التي ساندتها الكنيسة، بكل ما أوتيت من قوة وكأنها معركة حياة أو موت!.

ففي حواره مع صحيفة " جود نيوز" الكندية والذي نشره موقع " العربية نت " بتاريخ 23 إبريل الماضي ، أكد الأنبا " تواضروس " بابا الكنيسة الأرثوذكسية بلهجة قوية ومقتضبة أن الكنيسة ستقول رأيها في أي أمر لمن هو في سدة الحكم دون خشية من أحد ، وقال وهذا هو الأخطر: "إن هناك مؤسسة في المجتمع المصري تجمع الأزهر بالكنيسة وهي"مؤسسة بيت العائلة"، وتلك المؤسسة أخذت على عاتقها مهمة تنقية مناهج التعليم ونجحت في ذلك، وبدأنا في إزالة أجزاء من المناهج . 

الأمر الذي يكشف لنا بعد قراءة هذا التصريح الخطير الوجه القبيح لهذا التحالف الشيطاني، بين الأزهر والكنيسة حيث تنازل فيه أزهرنا الشريف عن دوره الريادي القيادي للدولة والشعب على حدٍ سواء!، واكتفى بدور المحلّل والتابع بل والواجهة لتمرير أجندة الكنيسة والغرب في صورة مؤسسة دعائية "بيت العائلة المصرية"! ، والعمل الآن  يسير على قدمٍ وساق وعلى المكشوف دون مواربة حيث كان من أبرز هذه التحولات الخطيرة والهجمة المسعورة لتشويه الوعي الجمعي لغالبية سكان هذا الوطن المنكوب بنخبته ، التصريحات التليفزيونية الأخطر للدكتورة "جليلة القاضي"، مديرة الأبحاث بمركز الأبحاث من أجل التنمية الفرنسي على قناة صدى البلد :بتاريخ 22 إبريل الماضي"، أنه سيتم تغيير المناهج كلها لتنظيفها من التحيز الديني، على حد وصفها، معتبرةً الفتح الإسلامي لمصر غزو عربي.

كما أكدت أنهم يعملون على تغيير المناهج بأكملها لحذف التدخل الديني الذي جلبه الإخوان في المناهج، على حد زعمها ، مدعيةً أن الإخوان يظنون أن تاريخ مصر بدأ منذ القرن السابع فقط ، فضلاً عن التصريح الفضيحة للمستشار القانوني للكنيسة " نجيب جبرائيل " الذي طالب بزواج المسلمة من مسيحي بعد ثورة 30 يونيو!، وكل ما سبق من شواهد وبراهين أكدها الكاتب البريطاني الأشهر "روبرت فيسك" في صحيفة الإندبندنت البريطانية حيث شدد على أن مصر 100 مليون نسمة ، 7 مليون منهم مسيحيون يريدون الحكم العسكري الذي يؤمن لهم سلطتهم الاقتصادية على البلاد ويؤمن لهم أن يُعاملوا في البلاد كما لو كانوا مواطنين درجة أولى بينما المسلمين درجة ثانية، وقد حدث ذلك، لكن البابا وقائد الانقلاب على حد قوله يفهمان ذلك جيداً أنهما يسيطران على مؤسستي "العسكر والكنيسة"، وكلاهما قررا القضاء على المساجد، وتهكم "فيسك " قائلاً: مصر الآن.. العسكر اتفق مع الكنيسة على اضطهاد الإسلام إرضاءً للغرب الكاره للإسلام والمشروع الإسلامي.

يبرهن لنا الواقع العملي على الأرض بما لا يدع مجالاً لأي شك أن هذا التناغم الواضح بين دولة العسكر والكنيسة والتيار الليبرالي، تم عن تنسيق وتعاون تام متفق عليه لكل ذي عقل ليؤكد حقيقة مرّة اعتقدت فيها منذ اليوم الأول وقبل الانقلاب، وهي أن هذا الانقلاب العسكري الذي تم في 3 يوليو الماضي، كان بمثابة انقلاباً على الهوية الإسلامية للشعب المصري ، وليس على حكم الإخوان فحسب، "على اعتبار أنهم يمثلون قلب التيارالإسلامي"، ليصبح الإسلام كديانة في مرمى الهدف، للحيلولة دون نجاح الإخوان في الحكم.

وبالتالي عرقلة تنزيل الإسلام كواقع عمل وطبيعة حياة على الأرض ليصبح دين ودولة ، رسالة وحكم ، عقيدة وشريعة، أو ما يمكن أن نسميه الإسلام الحركي ليخرج من طور الطقوس والمساجد إلى طور الإصلاح الفردي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والحضاري والثقافي والتغيير الكوني.

وهذا مكمن الخطر الذي يفطنه قادة الانقلاب وشركاؤهم في الخارج جيداً، وبالتالي حالوا دون تحقيقه بكل السبل لحصر الإسلام في المساجد والطقوس مرة أخرى ، ذلك أن ما يريده الانقلابيون، وفي مقدمتهم الكنيسة وأعوانها من العلمانيين هو الإسلام الليبرالي العلماني الذي يقبل بالمبدأ المسيحي،"دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله" !.

reda3171980@yahoo.com