سياسة عربية

غضب شعبي أردني واحتجاجات لاستشهاد القاضي زعيتر

من اعتصام نقابة المحامين الأردنيين أمام مجلس النواب الأردني - عربي 21
انتقل اعتصام بدأه مئات من المحامين الأردنيين، صباح الثلاثاء، في الباحة الداخلية في قصر العدل في العاصمة الأردنية عمان إلى أمام مجلس النواب، احتجاجا على مقتل الشهيد القاضي الأردني رائد زعيتر برصاص جنود إسرائيليين على معبر الكرامة الحدودي بين الأردن وفلسطين.

واستنكر المشاركون رد الفعل الأردني الرسمي من حادثة مقتل الشهيد زعيتر، وقال نقيب المحامين سمير خرفان في كلمته أمام المئات من المحامين: "كيف تطلب الحكومة الأردنية من العدو الصهيوني فتح تحقيق بالحادثة؟"، وأبدى امتعاضه من عدم طرد السفير الإسرائيلي وإغلاق السفارة الإسرائيلية على الأرض الأردنية بعد "ذهاب الهيبة" من السيادة الأردنية.

وأضاف في حديث لـ"عربي 21" أن مطالب المحامين تتلخص في الإفراج الفوري عن الجندي الأردني أحمد الدقامسة، وإغلاق السفارة الإسرائيلية وسحب السفير الأردني من تل أبيب، بالإضافة إلى إلغاء اتفاقية السلام "وادي عربة" الموقعة مع الإسرائيليين، والاقتصاص من القتلة.

وقال محامون إنهم ينوون تقديم شكوى بالحادثة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في المحاكم الدولية.



اعتصام بمشاركة نيابية

وتضامن نواب محامون مع الوقفة الاحتجاجية بالقصر العدل وأصدروا بيانا باسمهم، قالوا فيه إن النواب سيخصصون جلسة الثلاثاء عنوانا لطرد السفير الإسرائيلي وإلغاء اتفاقية وادي عربة، وللمطالبة أيضا بالإفراج عن الدقامسة.

وانطلق المشاركون في المسيرة باتجاه مجلس النواب الأردني واعتصموا أمامه، وطالبوا أعضاء البرلمان بالخروج لسماع مطالبهم، مهددين باقتحام المبنى في حال عدم خروج النواب لمقابلتهم وسماعهم.

في حين خرج عدد من النواب إلى المعتصمين وأعلنوا تضامنهم مع مطالب المحامين، وطالبوا بطرد السفير أو طرح الثقة عن الحكومة الأردنية، وفي حال لم يحدث هدد البعض منهم بتقديم استقالته، وتوعدوا بتقديم مذكرة بطرح الثقة في حكومة الدكتور عبد الله النسور.

وقال رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة للمعتصمين إن المجلس سيقوم بطرح مشروع قانون لإعادة النظر باتفاقية وادي عربة.

وكان من ضمن ما هتف به المشاركون في الاعتصام: "خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود" و"عيد عيد ظلك عيد.. رائد زعيتر شهيد" و"بالروح بالدم نفديك يا شهيد.. الموت لإسرائيل"، "لا سفارة صهيونية على أرض أردنية".




تضامن مع مطالب المحامين الأردنيين

من جهتها أعلنت نقابة المحامين الفلسطينيين وقضاة عن تضامنهم مع المحامين الأردنيين، كما أصدر اتحاد المحامين العرب بيانا طالبوا فيه بإلغاء الاتفاقيات مع "إسرائيل" وتحريك دعوى ضد الكيان الإسرائيلي.

وفي ذات السياق، قال نقيب المحامين الأردنيين السابق المحامي صالح العرموطي في كلمة له متسائلا: "هل ما حصل يحتاج إلى تحقيق، والمشكلة أن التحقيق من يقوم به هو العدو الصهيوني؟ هل الدولة الأردنية صاحبة سيادة أم مستعمرة لدى الكيان الصهيوني؟ فتصريح الحكومة والناطق الرسمي بها يدل على ذلك!".

إسقاط الحكومة وإلغاء وادي عربة

وطالب العرموطي بإقالة الحكومة الأردنية الأمر الذي وافقه المشاركون فيه، وهتفوا بإسقاط حكومة النسور وانتقدوا وزير الخارجية الأردني.

وقال العرموطي لـ"عربي 21" إن ما حدث هو اعتداء صارخ على السيادة الأردنية واستهانة بالأرواح، واعتبر مقتل زعيتر أنه يمثل "وصمة عار تاريخية".

ونقل العرموطي عن وزير الإعلام الأردني قوله إن "حيثيات الواقعة تقول إن ما حدث مشاجرة"، ما دفعه بالإشارة إلى موقف مشابه لما قام به الملك الحسين عند محاولة اغتيال مدير المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، حيث قال إن "حياة خالد مشعل في كفة واتفاقية وادي عربة في كفة أخرى".

وطالب محامون الملك الأردني عبد الله الثاني بالتدخل في القضية وعدم الصمت، كما قاموا بإحراق العلم الإسرائيلي معبرين عن غضبهم واستيائهم من كيفية التعاطي الرسمي مع القضية.



أسف إسرائيلي

وأعربت اسرائيل، الثلاثاء، عن "أسفها" لمقتل القاض الأردني، بحسب ما أعلن بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بحسب وكالة الأنباء "الفرنسية".

وقال البيان إن "إسرائيل تأسف لمقتل القاضي رائد زعيتر على معبر الملك حسين وتعرب عن تعاطفها مع شعب وحكومة الأردن".

وبحسب البيان فإن إسرائيل أطلعت الأردن على التحقيقات الأولية و"وافقت على طلب أردني لإقامة فريق إسرائيلي- أردني مشترك لاستكمال التحقيق،" بينما أشار البيان إلى أن فريق التحقيق سيبدأ عمله "فورا" دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

العلاقات بين الأردن وإسرائيل على المحك

وصرح مصدر دبلوماسي أردني، الثلاثاء، أن حادثة مقتل القاضي الأردني وضعت العلاقات الأردنية الإسرائيلية على المحك، مضيفاً أن "القنوات الدبلوماسية شهدت اتصالات ساخنة، الاثنين، واحتجاجات كبيرة من قبل الجانب الأردني ومطالبات بالتحقيق وإلحاق العقوبة بكل من اشترك بهذه الجريمة".

وأضاف المصدر أن "الحادثة جاءت في وقت تشهد فيه العلاقات الأردنية الإسرائيلية تراجعًا بسبب الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المقدسات، بالإضافة إلى مشروع قرار الكنيست الإسرائيلي الذي كان يهدف لسحب الوصاية الأردنية على المقدسات".



روايات عن مقتل زعيتر

وتقول الرواية الإسرائيلية التي تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية أن زعيتر حاول "خطف سلاح جندي إسرائيلي على المعبر، ما دفع الأخير إلى إطلاق النار عليه"، الأمر الذي استبعده بعض من زائري المعبر وشهود العيان.

أفيخاي أدرعي الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، قال  في حسابه على "فيسبوك" الثلاثاء، إنه "بعد فحص أولي وشامل حول الحادثة الذي اشتمل على استجواب العشرات من شهود العيان من قبل جهاز الأمن العام والشرطة الإسرائيلية، اتضح بشكل واضح أن المشتبه فيه حاول الاعتداء وخطف السلاح الشخصي لأحد الجنود مع إطلاقه دعوات "الله اكبر"، الجنود الذين شعروا في حالة خطر حقيقية على حياتهم تصرفوا بموجب التعليمات، وأطلقوا النار باتجاه الجزء الأسفل من جسده ورصدوا إصابته في قدميه. المشتبه فيه واصل الاعتداء على الجندي مستعملًا جسمًا حديديًا، ما دفع القوات لإطلاق النار عليه الأمر الذي تسبب في مقتله".

شهود عيان قالوا، إن مشادة كلامية بين القاضي زعيتر والجندي الإسرائيلي تبعها دفع الجندي الإسرائيلي للقاضي ليسقط أرضاً، ليطلق عليه أخيراً النار بثلاث رصاصات أخطأته واحدة وأصابته اثنتان في الصدر.

الوكالة الأردنية للأنباء قالت أن وزير الخارجية الأردني ناصر جودة استدعى الإثنين القائم بأعمال سفارة إسرائيل في عمَّان مبدياً "استنكاره ورفضه الشديد لهذا الحادث"،  في الوقت الذي طالبت في الحكومة الأردنية  إسرائيل بـ"التحقيق الفوري وبدون تأخير" في استشهاد القاضي الأردني، الأمر الذي أثار الأردنيين مطالبين باتخاذ خطوات حقيقية ورادعة تجاه الاعتداء الإسرائيلي.

وكانت قوات الأمن الأردنية فضت اعتصاماً حول السفارة الإسرائيلية في عمّان احتجاجاً على مقتل زعيتر.

ويذكر أن الجندي الأردني في حرس الحدود أحمد الدقامسة يقضي حكما مؤبدا في السجون الأردنية، والذي أطلق النار على مجموعة من الفتيات الإسرائيليات اللاتي استهزأن به أثناء الصلاة ليرديهنّ قتلى في الباقورة في 12 آذار/ مارس 1997، الأمر الذي يتساءل عنه الأردنيون إن كان الجندي الإسرائيلي سوف يعامل بموقف شبيه. مطالبين مرة أخرى بالإفراج عن الجندي الدقامسة.