ملفات وتقارير

واشنطن بوست: اعتقالات مسعورة وسجون مكتظة بمصر

يتم احتجاز المعتقلين بطريقة غير قانونية لأسابيع في مراكز الشرطة - تيليغراف
ذكر المحامي محمد بلال الذي يدافع عن المعتقلين السياسيين منذ حقبة حسني مبارك الوضع السياسي الحالي في مصر، أن رجال الأمن "يزجون الناس في السجون، وكل عمليات الاعتقال تحدث مرة واحدة".

ويقول بلال في تصريحات لصحيفة "واشنطن بوست": "نحاول أن نكون في كل مكان، في المحاكم، ومراكز الشرطة والمستشفيات والسجون والمشارح".

 ويوضح أن حملات الاعتقال كانت تتكرر في عهد حسني مبارك "لكنها لم تكن بهذا الزخم". 

وترى الصحيفة أن العدد المتزايد والكبير للمعتقلين في السجون المصرية اليوم "يعبر عن حالة من السعار التي تعتري السلطات وهي تحاول سحق المعارضة للحكومة المدعومة من العسكر، وأدت للضغط على النظام الجنائي المصري المتهالك أصلا، ما أدى إلى سلسلة من الانتهاكات القانونية وخرق حقوق الإنسان من قبل قوى الأمن، النيابة وحراس السجن كما يقول بلال وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان".

وتمضي الصحيفة قائلة إن الآلاف من المصريين تم اعتقالهم في حملات من الاعتقالات التي يقوم بها الأمن منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في صيف العام الماضي والتي لم تشمل قادة جماعة الإخوان المسلمين فقط، بل الناشطين اليساريين والصحافيين والناس العاديين الذين وجدوا أنفسهم وسط الفوضى والاضطرابات.

وتضيف الصحيفة أن قوى الأمن اعتقلت أشخاصا بتهم مثل تصوير التظاهرات، واتهمت المعتقلين من الإسلاميين بالقيام بنشاطات إرهابية.

وقام النائب العام بإصدار أوامر تقضي باعتقال الآلاف بدون توجيه تهم لهم، حيث يتم تجديد الاعتقال لآجال غير محددة بموجب القرار الحكومي الأخير. ومن يقف أمام القاضي فعادة يقف ضمن محاكمات جماعية، وفي داخل السجن يمارس الحرس الانتهاكات الجسدية من أجل التحكم بالأعداد الكبيرة المتزايدة للمعتقلين في السجون.

ويقول محمد زارع من المنظمة العربية للإصلاح الجنائي "عدد المعتقلين ضخم جدا، وهناك عمليات اعتقال منظمة" لأي شخص يعتقد أنه يهدد الأمن.

ومن بين الذين عُذبوا سلسبيل الغرباوي (21 عاما) الطالبة في جامعة الأزهر حيث اعتقلت أثناء تظاهرة في حرم الجامعة في 30 كانون الأول/ ديسمبر . 

وتعرضت الغرباوي خلال أربعين يوما قضتها في السجن للضرب والتهديد بالاغتصاب، ونقلت ثلاث مرات من المعتقل لفسح المجال أمام معتقلين جدد. 

وتقول "من الواضح أنهم ليس لديهم الوسائل كي يتحكموا بنا جميعا"، و "حتى المجرمون المحكومون بجرائم كانوا يشتكون من ازدحام السجون".
 
ولا يُعرف عدد المعتقلين منذ بداية حملة القمع بعد سيطرة الجيش، ولكن وبحسب "ويكي ثورة" وهي مبادرة من المركز المصري للحقوق الاقتصادية  والاجتماعية والتي تجمع معلومات عن الوضع في مصر، فعدد المعتقلين  21.318 شخصا. ولم يتم الإفراج إلا عن عدد قليل من المعتقلين.

ويتم احتجاز المعتقلين بطريقة غير قانونية لأسابيع في مراكز الشرطة والثكنات التي تعمل خارج تنظيمات السجن. 

ويقول الناشطون إن الاستئناف على القرارات يتم في هذه المراكز لا أمام قضاة المحاكم. ويقول المحامون إن الممارسات والتعليمات الحالية أشد قسوة من تلك التي كانت تطبق في عهد مبارك، حيث تستطيع السلطات الجديدة الإبقاء على المتهمين لمدة عامين بدون توجيه اتهامات.
 
وكانت الانتهاكات التي مارستها سلطات الأمن في عهد مبارك هي الحافز الذي أدى لثورة 25 يناير 2011، لكن ما حدث هو أن تدخل الجو والمشاعر المؤيدة له أدت لإحياء سلطات أجهزة الأمن التي عاد أفرادها وبثقة لقمع المعارضين السياسيين. 

ويقول المحامون إن النظام القضائي كان فاسدا في عهد مبارك ولكنهم كانوا على الأقل يعرفون كيف يتعاملون معه، أما الآن فهم لا يعثرون على موكليهم. 

ويقول بلال "كنا نراجع الإجراءات ونطلب الإفراج عن المعتقلين"، اما الآن "فنحن في بعض الأحيان لا نعثر عليهم ولا نعرف في أي مكان اعتقلوا".

 وبسبب الازدحام في السجون يقوم المحققون بالتحقيق مع المعتقلين في منتصف الليل، وفي بعض الحالات يتم توجيه نفس التهمة لعدد من المتهمين، ويتم تصوير ورقة اتهام واحدة لعشرات من المعتقلين، ويقول بلال "الانتهاكات في تزايد، وفي الماضي كنا نحصيها أما الآن فلا، فالوضع في حالة فوضوية".

وتنتشر الانتهاكات على الرغم من نفي وزير الداخلية محمد إبراهيم هذه الاتهامات، لكن الغرباوي تقول إن الأمن أحضر عددا من السجناء الرجال لعنبر النساء في سجن القناطر وجردهم من ملابسهم وأخذ بضربهم، وأمر النساء بمواجهة جدار العنبر وهددهن بالضرب إن تحركن، فيما أمر الرجال بغناء أغنية مؤيدة للجيش "تسلم الأيادي".