تتجه العلاقة بين الرئيس
اليمني عبدربه منصور
هادي، وسلفه السابق علي عبد الله
صالح نحو مزيد من التصعيد، وذلك بعد أن بات الصراع بين الرجلين واضحا على الانفراد برئاسة
حزب المؤتمر الشعبي العام.
ويرى مراقبون أن "الرئيس السابق علي صالح الذي يشغل منصب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، يتمسك بموقعه وذلك لاستعادة دوره السياسي، بعد أن أجبرته ثورة "11 فبراير" على التخلي عن رئاسة البلاد، بينما يدرك الرئيس الحالي للبلاد عبدربه منصور هادي -الذي يشغل منصبين داخل الحزب، أولهما الأمين العام، والثاني النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر- أن بقاء صالح في الحزب يشكل عبئًا سياسيا عليه، في المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد".
ويعتقد أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة
صنعاء الدكتور فؤاد الصلاحي، أن الرئيس عبدربه منصور هادي يتمسك بحزب المؤتمر الشعبي العام، حتى لا يفقد التوازنين السياسيين في هذه الفترة.
وأضاف لــ"عربي21 "، أن "ما يُثير قلق الرئيس هادي هو أن يتحول المؤتمر الشعبي العام في حال تخليه عنه، إلى أحد أطراف الصراع التي تتصادم معه مباشرة".
ولفت إلى أن "الصراع بات واضحا من خلال الدعوات التي وجهت من قبل قيادات بارزة في حزب المؤتمر، والتي كان آخرها دعوة الدكتور يحي الشعيبي حزبه إلى الاعتراف بالأخطاء السابقة".
وأشار إلى أن "ارتباطات صالح الوثيقة السابقة بقيادات بارزة في حزبه، جمعته بهم المصالح قبل مغادرته للسلطة، تثير الوضع داخل حزب المؤتمر الشعبي، لعدم رضاهم عن أداء الرئيس عبدربه منصور هادي في هذه المرحلة".
ويفسر كثير من المحللين أن "الرئيس هادي، يرى في وجوده في المؤتمر وسيلة لممارسة الاحتواء السياسي لطموحات وتطلعات صالح، لاستعادة السلطة عبر تخريب العملية السياسية واستخدام المؤتمر الشعبي العام كحصان طروادة لتحقيق هذه الغاية".
بدوره، نفى القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام عادل شجاع الدين، أن "يكون هناك صراع بين رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي مع رئيس الحزب علي صالح"، مشيرا إلى أن "حزب المؤتمر يعاني من الجمود لا غير".
وأضاف لــ "عربي 21" أن "الكارثة الحقيقية هي إعطاء الأمانة العامة للحزب، ورئاسة الحزب إلى شخص واحد بعيدا عن الأطر الديمقراطية"، في إشارة إلى الرئيس هادي الذي يشغل منصب الأمين العام لحزب المؤتمر، ويطالب برئاسة الحزب خلفا لصالح، بينما يرفض صالح هذا التوجه من قبل الرئيس هادي.
واتهم شجاع الدين، المبعوثَ الأممي لليمن جمال بنعمر، بالوقوف وراء ما يجري داخل جسد المؤتمر الشعبي العام، وذلك من خلال إدارته للعبة وصفها بــ"الذكية"، جعلت من الأزمة تتمدد، وأفضت إلى انعدام الاستقرار السياسي داخل الحزب، وبالتالي انتهت بخلق عداوة غير مبررة مع حزب المؤتمر الشعبي العام، على حد قوله.
ويتمسك صقور حزب المؤتمر الشعبي العام بضرورة الذهاب نحو عقد المؤتمر الثامن للحزب، لتقرير من سيكون الرئيس الجديد للحزب، وبالمقابل يثير هذا التوجه توجس الرئيس هادي من أن يكون المؤتمر الثامن محطة للإطاحة به من الحزب.
وبحسب شجاع الدين، فإنهم في حزب المؤتمر يشددون على الذهاب نحو المؤتمر الثامن لتقرير مصير الحزب، باختيار قيادة جديدة للحزب، بعيدا عن القناعات العشائرية أو المناطقية.
يشار إلى أن الرئيس عبدربه منصور هادي هو المخول بدعوة اللجنة الدائمة للحزب بالإعداد لعقد المؤتمر الثامن، كون ذلك يدخل من صلاحياته كأمين عام للحزب، وهذا ما لم يفعله هادي، لأنه غير مستعد في هذه الفترة للتخلي عن حزب المؤتمر الشعبي العام.
الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي يرى أن "الصراع داخل المؤتمر الشعبي العام تغذيه نزعة الرئيس السابق رئيس المؤتمر علي عبد الله صالح، إلى الاستئثار بالسيطرة على هذا التنظيم، من أجل استعادة دوره السياسي في الساحة اليمنية".
مؤكدا أنه "ما من إطار سياسي أكثر ملاءمة من المؤتمر الشعبي العام يمكن أن يحقق له (صالح) هذا الهدف".
وأضاف في حديث خاص لــ"عربي 12" أن "صالح يواجه بكتلة سياسية صلبة داخل المؤتمر تحد من طموحاته، وتقف دائما أمامه أثناء محاولته استخدام هذا التنظيم الكبير، وهو واسع النفوذ في تعطيل مسيرة التسوية السياسية وبالأخص مؤتمر الحوار الوطني".
وأوضح أن "هذه الكتلة يُمثّلها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي يشغل موقعين مهمين في المؤتمر الشعبي العام كنائب أول وأمين عام، ما أتاح له فرصة التحكم بالشؤون التنظيمية داخل المؤتمر، وخصوصا ما يتعلق منها بالجانب المالي".
ووفقا للتميمي فإن "الرئيس هادي استخدم نفوذه بمساعدة حليفه الدكتور عبد الكريم الإرياني النائب الثاني لرئيس المؤتمر، وكلاهما يشكلان نواة الكتلة الصلبة المناوئة للرئيس السابق، في تقرير أهم المواقف السياسية تجاه مجريات العملية السياسية والحوار الوطني".
ولفت إلى أن"عبد الكريم الإرياني حليف هادي قام بالتوقيع على وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية نيابة عن المؤتمر، وهو الإجراء الذي أثار حفيظة صالح ودفعه إلى التصعيد والوقوع في مأزق سياسي لا يحسد عليه، عندما ظهر لدى الرعاة الدوليين كأحد الأطراف المعطلة".
وتضم كتلة هادي والإرياني في حزب المؤتمر قيادات تاريخية من الصف الأول، في حين يعتمد صالح على شخصيات من الصف الثاني ومعظمهم من الصف الثالث، على الرغم من أن المراقبين ينظرون إلى من باتوا ينسبون إلى جناح "الزعيم" -وهو اللقب الذي حمله صالح بعد إجباره من قبل الشعب اليمني على ترك السلطة- على أنهم صقور المؤتمر، إلا أنهم عملياً لا يشكلون ثقلا سياسيا حقيقيا، ولا يتمتعون بالمصداقية في الوسط السياسي اليمني ولدى الدبلوماسيين والمسؤولين الأجانب.
ويكاد يتفق كل من شجاع الدين والتميمي، على أنه يمكن حسم الصراع بين الرجلين بانعقاد المؤتمر العام الثامن للمؤتمر الشعبي العام، وهذا يشكل مأزقا حقيقيا لكلا الطرفين، لأن انعقاد المؤتمر الثامن لا يكون إلا بحضور قيادة المؤتمر، ومرتبط أصلا بتقرير الأمين العام الذي هو الرئيس هادي. وقد سبق لصالح والموالين له بأن لوحوا بانعقاد هذا المؤتمر بهدف انتخاب قيادة جديدة والإطاحة بهادي والإرياني، لكن انفراد صالح بعقد المؤتمر الثامن في هذه المرحلة يبدو صعباً للغاية، خصوصاً بعد أن قرر مجلس الأمن طي صفحة علي عبد الله صالح.