كتاب عربي 21

في صحبة أبي جهل وإدوارد سعيد والمتنبي

1300x600
كنت قبل حين قصير من الزمان مسافرا إلى شرق آسيا، متسلحا بكتاب للمفكر الفلسطيني/ الأمريكي إدوارد سعيد، ولأنني أعاني من فوبيا (رهاب) الطيران، فإنني أحرص على اصطحاب كتاب يشحذ الذهن ويشحنه لتخفيف حدة الخوف، وتفادي النظر إلى الساعة لمعرفة الوقت المتبقي لهبوط الطائرة، وابتلاني الله في تلك الرحلة بشخص جلس إلى جواري، كان واضحا أن يريد أن "يتسلى" بي لتمضية الوقت، وبعد التعارف السريع سألني عن نادي كرة القدم الذي أشجعه، فقلت له إنني أشجع نادي بونع دنغ دونغ الكمبودي، وحسبت أنني بذلك أغلقت في وجهه باب المؤانسة، ولكنه واصل طرح أسئلة عن هواياتي فقلت له (صادقا) إنني لا أعرف لنفسي هواية سوى القراءة والكتابة والنوم، فسألني عن مطربتي المفضلة فقلت له: فاتن حمامة. وظل يطرح أسئلة على هذا المنوال، وأوافيه بإجابات لا ينطلي كذبها حتى على "مستر بِين"، دون أن تبدو عليه الدهشة أو الاستنكار، ثم سألني عن الكتاب الذي أحمله فحدثته قليلا عن المؤلف، وما يطرحه حول القضية الفلسطينية، فكان هذا الحوار الشيق الذي أورده هنا (مع اعترافي بعدم تحري الدقة في تسجيله)، وربما مر كثيرون منكم بتجارب التحاور مع نظراء رفيق رحلتي هذا:
• لماذا يصمت العالم على معاناة الفلسطينيين؟
هذا سؤال طرحه إدوارد سعيد وأجاب عليه

• ومن هو " اللورد" سعيد هذا؟
كان "لورد" في نظر الامريكان، ومارقا ومنشقا في نظر السلطة  الفلسطينية.

• حسنا، من هو هذا اللورد المنشق؟
- ادوارد سعيد؟ إنه طبال في فرقة فيفي عبده!

• وماذا كتب وماذا قال؟
قال ان اليهود استثمروا معاناتهم على يد النازيين فكسبوا تعاطف العالم الغربي، بينما لم يتحدث الفلسطينيون بطلاقة عن معاناتهم على أيدي اليهود طوال أكثر من نصف قرن.

• وهل لهذا السبب أصبح " لورد" في نظر الامريكان؟
-هو ليس لورد ولا يحزنون، ولكنه كان أستاذا جامعيا وباحثا ومؤلفا محترما، يشار إليه بالبنان في الساحة الثقافية
   
* وما صلة شخص اسمه "سعيد" بأميركا؟
- كان ذا نبوغ مبكر، فعندما اتجه فلسطينيو الشتات إلى البلدان العربية طلبا للملاذ ، فكر هو في الذهاب إلى اميركا حيث نجح وتفوق ونال التكريم والتقدير.

• لماذا تتكلم بمودة عن شخص هجر أمته؟
- هو لم يهجر أمته، وكما قال المتنبي: إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا / أن لا تفارقهم فالراحلون همو

• لحظة من فضلك: ماعلاقة المتنبي بهذا ال" سعيد" المتفرنج؟
- كلاهما كان طموحا، ولم يجدا التقدير الكافي من أمتهما إلا متأخرا، وأعود وأقول لك ان اميركا كرمت ادوارد سعيد بينما تعرض الفلسطينيون الذين لجأوا إلى الدول العربية إلى شتى صنوف البهدلة.

• لماذا تستخدم ألفاظا عامية سوقية؟
- تقصد كلمة " بهدلة"؟ إنها كلمة بليغة جدا ولا أعرف مرادفا لها في الفصحى المعاصرة، والإنسان العربي مبهدل لانه يتعرض للمرمطة والملطشة.

• تتحدث بهذه المرارة عن الانسان العربي لترفع من شأن صاحبك " المتأمرك"؟
- صاحبي هذا أصبح امريكيا ولكنه لم ينس ابدا انه فلسطيني وعربي، بل هو متطرف في فلسطينيته، مما جر عليه الكثير من الابتلاءات، وأدى إلى حظر بيع كتبه في الجيوب التي تملكها السلطة الفلسطينية ، في حين أنها تباع في اسرائيل.

• ربما صاحبك هذا شيوعي إمبريالي؟
- لا علم لي بهذه المسألة ، ولكنني أعرف أن نايف حواتمة وجورج حبش وسليمان النجاب ماركسيون.

• جائز: ماركسيون، ولكن ليسوا شيوعيين مثل صاحبك.
- جائز. طالما أن الماركسية شيء والشيوعية شيء آخر، لأن الماركسية تنسب إلى المفكر الكبير "ماركس آند سبنسر" المقيم في شارع اوكسفورد في لندن، وصاحب الكتاب المعروف " الملابس الجاهزة في خدمة الاشتراكية الناجزة".

• لعنة الله عليهم جميعا. قل لي ماذا يريد ادوارد سعيد أن يفعل الفلسطينيون كي يتعاطف معهم العالم العربي؟
- يريد منهم أن يسجلوا معاناتهم بالقلم والكاميرا. ولكن فات عليه ان معاناتهم على يد اليهود لم تكن اكثر سوءا من معاناتهم على يد العرب. يعني لا فائدة من الاخ أو " ابن العم"! 

* كفى فلفسة (كذا)، ماذا قدمت أنت يا هاوي القراءة والكتابة لتسجيل تلك المعاناة بالقلم
- يبدو أنك لم تقرأ شعري وقصيدتي المشهورة:
البوس أصدق أنباء من السيف / في الخد أو في النعل على كيفي
سود الفضائح لا سود الصحائف في / متونهن اكتساب المجد و"اللهفِ"+
ولعجبي فقد لاذ أبو جهل بالصمت، بعد أن حسب أنني فعلا مفكر خطير أعرف ماركس آند سبنسر، وشاعر فطحل (يضايقني وصف شاعر مجيد بأنه "فحل" ربما لارتباط الكلمة بالتيوس أحيانا وبالحبة الزرقاء كثيرا)
- لهف فلان مالاً، يعني أنه شفط مالا يخص آخرين شفطا