مقالات مختارة

"جبهة البغلة" والوثنية الجديدة في مصر.. وسورية "خلصت" أخيرا

1300x600
يشتم ممثل كوميدي مصري ممثلا آخر في مسرحية قديمة فيصفه "بابن الأنبوبة" وها هو النظام الفرعوني الشاهيني – نسبة الى القديسة الثائرة الهام شاهين – يجعل الانبوبة أما للمصريين. فها هم يرفعونها على الأكتاف وبين الاحضان. 
المحللون الاقتصاديون يقولون إنّ مشكلة الانبوبة.. قديمة، وهي تعود إلى أيام الطياّر العباس الفرناس الخناس الوسواس حسني مبارك. موالو جبهة الإنقاذ الذين يظهرون على الفضائيات يدّعون ان سببها هو مرسي! وأفضل، اسما آخر لجبهة الإنقاذ، فقد كان اولياؤها ومناصروها وعبيدها كلما ظهروا على فضائية يذكّرون مرسي بحديث شهير لعمر بن الخطاب يقول فيه: "لو أن بغلة عثرت في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها"، وأحيانا يجعلونها عنزة، وأحيانا يطلبون من مرسي أن يجعل العنزة تطير!
اسم جبهة الإنقاذ المفضّل لدى كاتب السطور هو "جبهة البغلة". السيد ياسر برهامي افصح عن رأيه الفقهي في الإنقلاب، فالسلفيون يتحدثون بلغة فقهية سلفية قديمة، وغالبا يمتحون من التاريخ ويقيسون به الواقع من غير "أب ديت"، فالسيسي متغلب بالشوكة وبالسكين معها طبعا، لكن "الاب ديت" ممنوع في جبهة النور، الامر الذي أغضب المذيع النعسان دائما محمود سعد. ظن الرجل أنّ الشوكة هي تلك الابرة التي تظهر في نبتة القتاد، فالسيسي ليس "شوكة" ولا سكين يا مولانا البرهامي، إنه شكولاته، هذا محرر رابعة، وخيّال "البغلة والعنزة الطائرة"، التي تقود مصر الى الهاوية. 
وبما أنّ الشيء بالشيء يذكّر، فالسيسي هو اكثر زعيم عربي يقسم بالله مع أنه لم يتهم لدى اية محكمة موقرة في مؤسسة القضاء الشائخ في مصر، عملا بالقاعدة التي تقول "… واليمين على من انكر"؟ ففي التسريب الاخير عن رأيه في المشير الطنطاوي يقسم وهو يضع اصبعه على فمه مثل القوارير والعذارى وربات الحجال. 
لغة حركة الجسد ستفتح قريحة جماعة "يو تيوب" فهي مهتمة بها "جدا جدا جدا"، خاصة الحزام الذي يشبه حزام اوبليكس بطل الكرتون الفرنسي الشهير. عامة المحللين السياسيين يطالبون الاخوان و جماعة دعم الشرعية بالاعتراف "بالأمر الواقع" الفاقع أولا أي ان يقرّوا بشرعية اغتصاب عتريس لفؤادة، والاعتراف بالسيسي زوجا جديدا لأم الدنيا، بما فيهم الناصري الانقلابي أحمد عبد الحفيظ الذي يجلس في استوديو "الجزيرة" وكأنه سيحلق ذقنه. 
محمد القدوسي يكاد ينافس محمد الجوادي في ‘الحلاقة’ للفلول، والمسح بالأرض، والغسل "والكي"، مع انّ بعض الضيوف الانقلابيين لا يمكن غسلهم أبدا. الجميع ينكرون تسريبات السيسي ويزعمون أنها مفبركة. القدوسي صحافي قدير وحاضر البديهة وله ذاكرة سياسية وقانونية وفقهية وقرآنية. أمر حميد أن عبد الحفيظ لا يتهم مرسي بكسر يده، وهو يتميز بأمرين عن اللثغاء أميرة العدلي، غير بغض الاخوان وهو، الغيرة على شرف الناصرية الذي أريق على جوانبه الدم.
القصد من الشتم بنعت ابن الانبوبة متأت من الاختراع العلمي الذي يبشر الاجيال الجديدة بالاستغناء عن الأب، حيث يمكن أن يدخر المرء في بنك حيوي، حيواناته المنوية في أنبوبة، لحين الطلب، وفي الغرب يمكن للمرأة الشريفة الطاهرة العفيفة شراء لقاح بشري، و اجراء التلقيح الصناعي وإنجاب "بي بي" أو "زعيم".. حسب المواصفات المرغوبة.


السيسي وشعب "سيزيف"


أحد أسباب الحقد على باسم يوسف هو لأنه اراد للمصريين العيش بكرامة، لكن السيسي الذي أنشد له المغني الشاب عبد الله الشريف انشودة ظريفة تقول: "سيسي خناس عامل حساس راجل هلاس وجايب طرطور قرطاس وزير محتاس وعامله مداس… " السيسي جعل الشعب المصري شعبا "سيزيفيا" يحمل كل واحد منهم انبوبته معاه مثل سبّاح على البر. استفتاء تلفزيوني سريع أجرته فضائية "بي بي سي"، الموقرة التي تستلهم الديمقراطية البريطانية العريقة، ظهر في الاستفتاء ثلاثة مصريين، الثلاثة طالبوا بإعدام الاخوان جميعا! المحللون الكوميديون يتوقعون أن تعود الوثنية الى مصر من خلال أمرين؛ بعبادة السيسي أبو الانبوبة او بعبادة الانبوبة نفسها! ويخيل الي أن هالة القداسة حول السيسي تتفكك وتتبخر بفضل صاحبة الجلالة الانبوبة. وربما كان النصب التذكاري الذي حطمه المتظاهرون من تقدمة وزارة الاوقاف والأوثان الاسلامية! أو ربما وزارة النقل والسباحة في الدم!


فيلم الدوبلير 


يتطاول مذيعون وإعلاميون على لجنة الرقاصين الدستورية، وهو تطور ديمقراطي مفاجئ في عهد السيسي، ويتهمون "جبهة البغلة" بتقاسم الطورطة. أتمنى ألا يتهم مرسي بالدستور العرة، فكله عيوب، ويجري الحديث عن حصص وكوتة، و طورطة، ستؤكل بالشوكة والسكين والمخالب. الفيلم الانقلابي مستمر، والمراقبون اكتشفوا، أن السيسي يستخدم بديلا شبيها، في المهمات الرسمية، وليس في المهمات العاطفية، أو التي تحتاج إلى قسم وحلف يمين، فهو ينفذها بنفسه "جدا جدا" وقد حاروا في البحث عن تفسير، هل هو الخوف، أم هو الرغبة في الوجود في أكثر من مكان؟ أم هو تناسخ أرواح؟ لكن الامر مع صفوت حجازي أغرب، فقد كشفت زوجته أن الصفوت الذي ظهر في التلفزيون هو دوبلير شبيه؟ وصفوت ليس معرضا لخطر الاغتيال، وملتزم بقدره الوحيد، وليست لديه الرغبة في الظهور في اكثر من مكان، وليس هندوسيا مؤمنا بتناسخ الارواح مثل السيسي، يأتي الجواب: لأنّ كاميرات النظام الانقلابي الفاشي، تعجز عن التقاط صورة لصفوت في لحظة ضعف، الحقيقة أنني جزمت بأن الصفوت الذي يظهر في الافلام الاخبارية المصورة وهو يأكل صندويش فول وطعمية، ليس الصفوت الذي أعرفه، ليس لأنني خبير في الصور والهيئات بل لأن الصفوت الدوبلير مهرّج، وحركاته غريبة. 
القاعدة تقول: كل انقلاب، لتعويض الشرف الناقص. الانقلاب سرقة عظمى. نقترح تسمية أخرى هو عصابة النصب التذكاري (بعد تغيير حركة حرف النون من الضم الى الفتحة) الذي تمّ تدمير لوحته باستثناء عبارة "بسم الله الرحمن الرحيم"، او النصب الليبرالي الديمقراطي الثوري.
من نكد الدنيا على الحر أنّ الفضائيات السورية عادت الى أغنية "خلصت"، ويطالب اعلاميو النظام النازحين بالعودة الى سورية و"حضنها الدافئ" وأمعائها الغليظة، ولا أدري ان كانوا يعنون بـ"خلصت"؛ الازمة أم سورية؟

عن جريدة القدس العربي