اقتصاد عربي

مصر في المركز الثامن بقائمة الدول العشر الأكثر تضخما حول العالم

احتلت مصر المركز الثامن في قائمة الدول العشرة الأكثر تضخما حول العالم بنسبة 64%
احتلت مصر المركز الثامن في قائمة الدول العشر الأكثر تضخما حول العالم، بنسبة 64% على مؤشر ستيف هانكي.

وخالفت مصر توقعات المحللين، حيث أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن معدلات التضخم السنوي لأسعار المستهلكين تراجعت إلى 33.3 بالمئة في آذار/ مارس٬ من 35.7 بالمئة في شباط/ فبراير٬ اللافت أن هذه النسبة هي ضعف الرقم الحكومي عن التضخم.

وكان استطلاع لرويترز قد توقع ارتفاع التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 36.3 بالمئة، مقارنة بحوالي 35.7 بالمئة في شباط/ فبراير الماضي.

لماذا مؤشر هانكي؟


يُعد مؤشر هانكي أكثر دقة من مؤشر الحكومة المصرية لأسباب رئيسية:
المنهجية؛ يعتمد مؤشر هانكي على سعر صرف السوق السوداء للعملة، بينما تعتمد الحكومة على سعر الصرف الرسمي المُثبّت، وأسعار السلع الأساسية.

وتعكس أسعار السوق السوداء القوة الشرائية الحقيقية للعملة بشكل أدق، حيث تلجأ إليها غالبية المواطنين لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

المصداقية؛ يتمتع هانكي بسمعة طيبة كخبير اقتصادي مرموق، وله تاريخ حافل في فضح التلاعب بالأرقام الاقتصادية من قبل الحكومات.

التناقضات؛ يظهر مؤشر الحكومة المصرية انخفاضًا طفيفًا في معدل التضخم خلال آذار/ مارس، بينما يُشير مؤشر هانكي إلى استمرار الارتفاع. وتُثير هذه التناقضات شكوكًا حول دقة أرقام الحكومة.


هل تتعمّد الحكومة التضليل؟

‌يُشير العديد من الخبراء إلى احتمال تلاعب الحكومة المصرية بالأرقام لأسباب مختلفة، منها:
إخفاء حدة الأزمة: قد تسعى الحكومة إلى إظهار صورة اقتصادية أفضل لجذب الاستثمارات الخارجية والحصول على المساعدات المالية.

تهدئة الرأي العام: قد تخشى الحكومة من ردود فعل غاضبة من المواطنين إذا كشفت عن الأرقام الحقيقية للتضخم.
الحفاظ على استقرار النظام: قد ترى الحكومة في إخفاء حقيقة الأزمة وسيلة للحفاظ على الاستقرار السياسي.

انعكاسات وخيمة:
تُلقي الزيادات الكبيرة في معدلات التضخم بثقلها على كاهل المواطنين المصريين، ممّا يُؤدّي إلى:
فقدان القوة الشرائية: يُصبح الجنيه المصري أقل قيمة، ممّا يُقلّل من قدرة المواطنين على شراء احتياجاتهم الأساسية.

ارتفاع معدلات الفقر: يُصبح العيش أكثر صعوبة، ممّا يدفع المزيد من الناس إلى دائرة الفقر.
التوترات الاجتماعية: يُؤدّي الغضب من تردّي الأوضاع المعيشية إلى ازدياد حدة التوترات الاجتماعية واحتمال حدوث احتجاجات.


المعادلة الاقتصادية المقلوبة في مصر

أعرب المستشار الاقتصادي ورئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة، أحمد خزيم، عن ثقته بما جاء في مؤشر هانكي، وقال: "التضخم في مصر هو أكثر مما ذكره هانكي وأعتقد أنه يحوم حول 80% وليس 64%، والحكومة لا تكف عن إصدار بيانات وأرقام لا تتعلق بالواقع، والحكومة مسؤولة عن صناعة أزمة الأسعار والدولار ونقص السلع والإنتاج".

وأضاف لـ"عربي21": "الحكومة المصرية، وكما سبق وأن قلت تعتمد على ما يسمى الهندسة المالية، من خلال وضع أرقام تتفق مع سياساتها وليس مع اقتصادها، فهي تقوم بتثبيت سعر الجنيه، وخفض معدلات التضخم، كيف لعملة تهبط منذ 7 سنوات وقوتها الشرائية تقل يوما تلو الآخر ولا ينعكس على التضخم بشكل حقيقي".

واشتراطات صندوق النقد الدولي، بحسب خزيم، المتعلقة بخفض التضخم هو أكثر ما يعني الحكومة ليس من خلال زيادة الصادرات ودعم الجنيه، بل بإصدار مثل تلك الأرقام، متسائلا: "كيف يتراجع ويتحسن التضخم والبنك المركزي يطبع نقود بل إنتاج ثم يقوم برفع الفائدة لسحب هذه الأموال، هذه معادلة مقلوبة، وطريقة أداء العمل المالي هو "سمك لبن تمر هندي".

والمؤشرات المستقلة مثل مؤشر هانكي يمكن أن تقدم للمستثمرين والمواطنين نظرة أكثر واقعية عن الوضع الاقتصادي ومعدلات التضخم في البلاد، وبالتالي يمكن أن تكون أداة هامة لتقييم واتخاذ القرارات.




تأثير الحكومة على الأرقام

يقول الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، إن "الحكومات تعتبر أحيانًا قادرة على التأثير في الأرقام التي تصدرها بشأن التضخم، سواء عن طريق تلاعب بالبيانات أو استخدام منهجيات غير دقيقة. وفي الحالة المصرية، يُشير مؤشر هانكي إلى أن الرقم الذي تعلنه الحكومة ليس بالضرورة يعكس الواقع بشكل دقيق".

وبشأن الأسباب التي قد تدفع الحكومة المصرية إلى تضييق الخناق على الأرقام المتعلقة بالتضخم أوضح في حديثه لـ"عرب21": "يمكن أن تكون متعددة، منها الرغبة في تقليل القلق بين المواطنين أو لتقليل الضغط السياسي الناتج عن ارتفاع معدلات التضخم".

وتابع: "تأثيرات هذا التضخم المرتفع تشمل زيادة الأسعار على المواطنين وتقليل قوة الشراء للعملة المحلية، مما يزيد من الضغط الاقتصادي والاجتماعي على الحكومة".

خفض توقعات النمو

وخفّض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري، في العام المالي الجاري، إلى 2.8%، مقابل 3.5%، وفقًا لتقرير البنك حول الصراع والديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تخفيض التوقعات يعني أن البنك الدولي يرى أن هناك احتمالات أقل لنمو الاقتصاد المصري من المتوقع سابقًا.




وهذا يمكن أن يؤثر على السياسات الاقتصادية المستقبلية التي تتخذها الحكومة المصرية، بما في ذلك خطط الإنفاق العام والسياسات النقدية والمالية.