ملفات وتقارير

الشمال السوري يحيي ذكرى الزلزال الأولى.. كارثة مستمرة

فاقم الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا الأزمة الإنسانية التي تفتك بالسوريين- إكس / الخوذ البيضاء
تزامنا مع الذكرى الأولى للزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا والشمال السوري في 6 شباط/فبراير 2023، أطلقت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، مبادرة تحت عنوان "ومن أحياها"، بهدف استذكار ضحايا الكارثة، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه التعافي من تداعيات الزلزال.

وتدعو المبادرة إلى التبرع بالدم، باعتباره وسيلة حيوية لدعم أنظمة الرعاية الصحية والتعبير عن التكاتف والأمل في مواجهة التحديات.

بخصوص المبادرة يقول منسق برنامج الصحة في منظمة الدفاع المدني الطبيب عثمان العمر، إن التبرع بالدم مسألة في غاية الأهمية لإنقاذ حياة الآخرين، وانطلاقاً من هذه الأهمية أطلقت المنظمة هذه المبادرة بالتعاون مع "منظومة وطن" ومديريات الصحة في الشمال السوري.

وتابع العمر لـ"عربي21"، بأن المبادرة تأتي ضمن فعاليات إحياء الذكرى الأولى للزلزال المدمر، التي تقام في إدلب وأريافها وأرياف حلب الشمالية والشرقية.

وتستهدف الحملة عناصر الدفاع المدني والفعاليات المدنية والأهلية، بحسب المنسق الصحي، مبيناً أن التبرع بالدم من شأنه مواجهة التحديات.

تداعيات مستمرة
وذكر فريق "منسقو استجابة سوريا" أن نحو 350 ألف عائلة في الشمال السوري كانت قد نزحت جراء الزلزال، مبينا أن قرابة 52 ألف نسمة من المتضررين من الزلزال لا زالوا في المخيمات ومراكز الإيواء بعد مرور عام على الزلزال، بسبب الأضرار في منازلهم وعدم قدرتهم على العودة إليها.

وعلى حد تقدير مصادر سورية، فقد أودى الزلزال بحياة ما لا يقل عن 6 آلاف إنسان في سوريا، غالبيتهم في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة.



من جانبه، قال مدير منظمة "الدفاع المدني" رائد الصالح لـ"عربي21" إن ما خلفه الزلزال يحتاج لسنوات حتى نتمكن من التعافي منه في وقت ما زالت فيه آلة الحرب تعصف بنا وتزيد جراحنا، وإننا نجد أنفسنا كسوريين وكمجتمعات أمام منعطف خطير، مع طول الأزمة الإنسانية وتراجع الاهتمام الدولي بالقضية السورية وهذه حقيقة واضحة وتتطلب منا أن نخطو إلى الأمام ونبحث عن بدائل مستدامة، عبر تفعيل خطوات حقيقية لمساندة الفئات الهشة والضعيفة بشتى الوسائل، وإحدى تلك الخطوات هي العمل المشترك والمتكامل بيننا كمؤسسات ومنظمات، لدعم أهلنا في سوريا.

وأكد أن جميع القطاعات اليوم منهكة وتحتاج لجهودنا الجماعية لنتمكن من استعادة سبل العيش وإعطاء دفعة لعجلة الحياة من جديد.

وأضاف الصالح أن "أهلنا ما زالوا ينظرون إلينا بأمل، ويتوجب علينا ألا نخذلهم، ونفكر كل يوم كيف فقط سنعيد الحياة والأمل للعائلات المنكوبة وكيف سنضمد الجراح في جسد وروح كل سوري يؤمن بإنسانيته".

واستطاع "الدفاع المدني" إنقاذ 2950 شخصاً من تحت الأنقاض بينما انتشل 2172 ضحية للزلزال، وشارك في هذه العمليات أكثر من 3000 من كوادر الخوذ البيضاء منهم 2500 متطوع و300 متطوعة و200 موظف إداري، مع تعبئة كاملة للآليات الثقيلة والمعدات اللازمة، بالإضافة إلى استئجار عدد من الآليات الثقيلة من الأسواق المحلية.

واحدة من أكبر الكوارث
وعلى حد تأكيد المنسق الطبي والإغاثي في الشمال السوري الطبيب مأمون سيد عيسى، فقد تسبب الزلزال بواحدة من أكبر الكوارث التي عصفت بسوريا حيث قُتل عشرات الآلاف وجُرح عدد كبير آخر، ودمرت مدارس ومستشفيات.

وأضاف لـ"عربي21" أن الزلزال كان أحد العوامل المؤثرة في تراجع الوضع الإنساني في سوريا عموماً في عام 2024، مبيناً أن 16.7 مليون شخص تم تقييم أنهم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية في جميع أنحاء سوريا، ارتفاعاً من 15.3مليون شخص في عام 2023.

وأكد سيد عيسى أنه "رغم تعهد مؤتمر المانحين في بروكسل لمساعدة المتضررين من زلزال تركيا وسوريا، بتقديم نحو 950 مليون يورو لمتضرري الزلزال في سوريا، لم نجد نتائج فعلية لهذا الدعم".

وتابع بأن الزلزال في شمال غرب سوريا دمر ما لا يقل عن 10600 مبنى بدرجات متفاوتة، حيث تم تدمير 1869 مبنى بالكامل وتدمير 8731 مبنى بصورة جزئية، وقال: "ازدادت مشكلة النزوح في شمال غرب سوريا حدة بعد زلزال شباط/فبراير، ومن لم ينزح إلى المخيمات ومراكز الإيواء نزح إلى بيوت أقارب أو معارف له".

مناطق سيطرة النظام
وتشتكي غالبية المتضررين من الزلزال في مناطق سيطرة النظام من عدم حصولهم على أي مساعدات، وهو ما يؤكد عليه سيد عيسى الذي تحدث عن "سرقة المعونات المخصصة للزلزال مما يفاقم الوضع الإنساني للمتضررين من الزلزال".

ونقلاً عن مواقع إعلامية موالية أكد سيد عيسى أن 95 في المئة من المساعدات التي وصلت إلى اللاذقية من الإمارات ومن المنظمات الخيرية ومن الدول الصديقة تم سرقتها وبيعها، أما المساكن التي تعهدت دولة الإمارات ببنائها (ألف وحدة سكنية) فلم يتم تنفيذ سوى 47 وحدة في محافظة اللاذقية لغاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي.

وكان ديفيد كاردين، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية، قد أكد قبل أسابيع أن 37 في المئة فقط من التبرعات التي تعهدت بها بعض الدول لمساعدة ضحايا الزلزال قد وصلت.