صحافة دولية

هل يجيب زعماء العالم في دافوس عن سؤال: متى سيتم فرض الضرائب على الأغنياء؟

ترى جمعيات الأعمال أن الضرائب المنخفضة لرواد الأعمال توفر حوافز للاستثمار وخلق فرص العمل - جيتي
فرض الضرائب على الأغنياء! هذا ما طالبت به مجموعة من المليارديرات والمليونيرات من زعماء العالم في المنتدى الاقتصادي العالمي كوسيلة لمحاربة عدم المساواة الاجتماعية؛ لكن هناك مقاومة سياسية.

ونشرت مجلة دويتشه فيله تقريرًا، ترجمته "عربي21"، قالت فيه إن مبادرة تسمى "فخور بدفع المزيد" وجهت رسالة إلى الزعماء المجتمعين في دافوس، قالت فيها: "نحن مندهشون لأنك فشلت في الإجابة عن سؤال بسيط ظللنا نطرحه منذ ثلاث سنوات: متى ستفرض ضريبة على الثروات المتطرفة؟"، وتم تسليم الرسالة إلى المنتدى يوم الأربعاء؛ حيث يطالب الموقعون بفرض ضرائب أعلى على الأثرياء.

وذكرت المجلة أن العديد من الموقعين هم من أغنى الناس في العالم؛ فتضم مبادرة "فخور بدفع المزيد"، ما لا يقل عن 260 من أصحاب المليارات والمليونيرات الذين يقولون إنه يجب اتخاذ خطوات "لمعالجة الارتفاع الكبير في عدم المساواة الاجتماعية"، ويرون أن "نقطة التحول" قد تم الوصول إليها، وأن "التكلفة التي تهدد استقرارنا الاقتصادي والمجتمعي والبيئي شديدة - وتتزايد كل يوم. وباختصار، نحن بحاجة إلى التحرك الآن".




وبحسب المجلة فإن الموقعين على المبادرة يقولون إن سعيهم لفرض ضرائب أكثر عدالة يمثل "عودة إلى الحياة الطبيعية"، معتبرين أن فرض الضرائب على الأغنياء "سيحول الثروة الخاصة المتطرفة وغير المنتجة إلى استثمار لمستقبلنا الديمقراطي المشترك".

المليارديرات: "نعتقد أنه يجب علينا فرض ضرائب أكبر"

وبينت المجلة أن الموقعين على الرسالة - ومن بينهم الوريثات فاليري روكفلر وأبيجيل ديزني ومارلين إنجلهورن، وهي مواطنة نمساوية كان جدها فريدريش روكفلر - قالوا: "كل لحظة تأخير ترسخ الوضع الاقتصادي الراهن الخطير، وتهدد معاييرنا الديمقراطية، وتحمل المسؤولية لأبنائنا وأحفادنا"، مضيفين: "لا نريد أن نفرض المزيد من الضرائب فحسب، بل نعتقد أننا يجب أن نفرض المزيد من الضرائب".

وتصدرت مارلين إنجلهورن، التي انتقدت حقيقة أن النمسا لا تفرض ضريبة على الميراث، عناوين الأخبار مؤخرا عندما قالت إنها تريد إعادة توزيع 25 مليون يورو (27 مليون دولار) من ثروتها الموروثة، وقالت للصحفيين: "لقد ورثت ثروة، وبالتالي السلطة، دون أن أفعل أي شيء من أجلها".

الأغنياء يزدادون ثراءً

وبينت المجلة أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء تستمر في الاتساع في جميع أنحاء العالم؛ فوفقًا لتقرير عدم المساواة في العالم لعام 2022، فإن نحو 38 بالمئة من الزيادة العالمية في الثروة بين عامي 1995 و2021 ذهبت إلى شريحة الواحد في المائة الأعلى ثراء، وذهب 2 بالمئة فقط إلى النصف الأدنى، أي 4 مليارات من أفقر الناس في العالم. وبعد تفشي جائحة كوفيد-19 في عام 2020، ارتفعت ثروة المليارديرات العالمية أكثر من أي وقت مضى.



في مختلف أنحاء العالم؛ كانت هناك بالفعل محاولات عديدة لفرض ضرائب أكبر على الثروات الكبيرة. على سبيل المثال، في الحملة الرئاسية لعام 2019 في الولايات المتحدة، اقترحت السيناتور إليزابيث وارن فرض "ضريبة المليونير للغاية" على كل دولار من صافي الثروة التي تزيد عن 50 مليون دولار.

ولكن ليس من السهل تنفيذ مثل هذه التدابير

ونقلت المجلة عن ستيفان باخ، من المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (DIW) في برلين، إن "الموقعين على العريضة في دافوس هم في الأساس ورثة لا يديرون شركة بشكل فعال، وبالتالي يشعرون بعدم الارتياح تجاه الثروة الكبيرة التي لم يولدوها بأنفسهم، لكنهم يميلون إلى أن يكونوا أصواتا معزولة".

وأضاف باخ أن الغالبية العظمى من الأثرياء أكثر تحفظًا في هذا الصدد، والواقع أن هناك مقاومة سياسية قوية من قِبَل جمعيات الأعمال، التي كانت بشكل عام، بفضل عملها مع جماعات الضغط، على علاقات جيدة بكبار الساسة؛ حيث يقول باخ: "إن العديد من الثروات الكبيرة مرتبطة أيضًا بالأعمال التجارية".

ولفتت المجلة إلى أن جمعيات الأعمال ترى أن الضرائب المنخفضة لرواد الأعمال توفر حوافز للاستثمار وخلق فرص العمل، مما يعني أن الضرائب المرتفعة يمكن أن تعرض الوظائف والاستثمار للخطر، وربما تؤدي حتى إلى اختيار ورثة الشركة عدم إدارة الشركة التي يمكن أن يرثوها، لكن باخ يعلق قائلًا: "هذه الحجة تخنق بشكل أساسي جميع المناقشات السياسية المحتملة حول ضرائب الثروة أو الميراث".

تحول أوروبا نحو اليمين يجعل التغيير غير مرجح

وأشارت المجلة إلى أنه ليس من المنطقي أن تتصرف دولة ما بمفردها عند فرض الضرائب على الثروات الكبيرة؛ حيث يتابع باخ قائلًا: "إن الشركات العالمية الكبرى، وبالطبع الأثرياء، جميعهم ينسجمون مع القانون الدولي"، موضحًا أن المليارديرات يمكنهم بسهولة الانتقال إلى بلدان أخرى تتمتع بتشريعات ضريبية أكثر ملاءمة، مضيفًا: "لن يتم تحقيق أي مكاسب إذا، في النهاية، فقط الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تتصرف بشكل جيد هي التي يتم الاستيلاء عليها لأنها ظلت موالية لبلدها".

وبحسب المجلة؛ فقد أشار باخ إلى أن توليد المزيد من الدخل لخزائن الدولة من خلال مزيج متوازن من الزيادات الضريبية على شريحة الدخل الأعلى أو مع ضريبة الثروة أمر ممكن، وأضاف: "لكن، بالطبع، لا يمكن القيام بذلك إلا بطريقة يتم تنسيقها دوليًّا"، موضحًا أنه كانت هناك بعض المحاولات الناجحة للحد من التهرب الضريبي من قبل الشركات الكبرى في عام 2021.

وأوضحت المجلة أن أكثر من 130 دولة، يمثلون 90 بالمئة من الناتج الاقتصادي العالمي، اتفقوا أيضًا على معدل ضريبي بنسبة 15 بالمئة كحد أدنى للشركات، وبذلك كانوا يحاولون منع الشركات من الانتقال إلى بلدان أخرى بمعدلات ضرائب أفضل. في العام الماضي؛ اقترح العديد من المشرعين في الاتحاد الأوروبي فرض ضريبة عالمية مماثلة على الثروات الخاصة المرتفعة للغاية.



واختتمت المجلة تقريرها بتشكيك باخ في حدوث أي تطورات على هذه الجبهة في المستقبل القريب، ويعود ذلك جزئيًا إلى التحول العام نحو اليمين في جميع أنحاء أوروبا، ويقول: "لم تعد هناك أغلبية يسارية تقريبًا"، موضحًا أنه عندما يتعلق الأمر بالإجراءات الضريبية، كان من المهم وجود أحزاب محافظة وليبرالية، لكنها كانت بطبيعتها أكثر ملاءمة للأعمال التجارية.