ملفات وتقارير

بعد خيبات وفشل وأزمات 2023.. بماذا يحلم المصريون في 2024؟

اختصرت أحلام المصريين في الحصول على رغيف العيش
خلال العام 2023 عانى المصريون من أزمات اقتصادية، وتفاقم للغلاء والتضخم والفقر، وتراجع قيمة مدخراتهم مع تغول العملات الأجنبية على المحلية، كما أنهم عانوا من تصاعد الدين الخارجي وتغول فوائده وأقساطه على الدخل القومي، وغيرها من أزمات.

وبعد ما عايشه المصريون خلال العام المنصرم من أزمات دولية بينها تأزم ملف مياه النيل، مع استمرار فشل حكومة السيسي في حسم ملف "سد النهضة" الإثيوبي، ومواصلة أديس أبابا التمهيد للملء الخامس لحوض السد دون اتفاق مع القاهرة، يثار التساؤل بشأن أحلام المصريين بهذا الملف في 2024.

وكذلك أحلامهم حول أشد الأزمات التي شهدها نهاية العام 2023، بالحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتهديد المستمر لأرض مصر بالقصف الإسرائيلي أو الخرق الإسرائيلي لبعض بنود اتفاقية "كامب ديفيد"، أو ما يثار عن توجهات الاحتلال الخطيرة بتهجير أهل غزة إلى سيناء.


"نحلم بالحياة"
وبينما تمسك "رحمة" الخريجة الجامعية (24 عاما)، بيد الصغير "عمر" ابن أخيها المعتقل "م"، في طريقها به إلى الحضانة، قالت لـ"عربي21"، إن "أمنيتها للعام 2024، أن يتم الإفراج عن والدها الموجه السابق بوزارة التربية والتعليم، والمعتقل قبل 5 سنوات وعن أخيها المهندس المعتقل قبل نحو عامين".

وأكدت أن "أمنيات جميع أهالي المعتقلين أن يتم إخلاء سبيلهم"، موضحة أن "والدها جرى اعتقاله مرتين، ومن المقرر الإفراج عنه في نيسان/ أبريل المقبل، وأخوها الذي جرى اعتقاله مرتين أيضا، ومن المقرر الإفراج عنه في آب/ أغسطس المقبل".

وأعربت في نهاية حديثها عن أمنيتها بأن يشهد 2024، "عودتهما ولم شمل جميع أسر المعتقلين"، قائلة: "نحلم بحياة طبيعية ككل الناس بعدما توقفت كل حياتنا".

"حلم البطاطس"
ومن سوق قرية النعمنة، بمحافظة الشرقية، تقول "فاطمة" (55 عاما) عن أحلامها في 2024: "أحلم بأن يظل سعر كيلو البطاطس كما اشتريه اليوم بـ15 جنيها"، موضحة أنه "كان قبل أسبوع بـ25 جنيها، ونزل سعرها 10 جنيهات من نزول المحصول الجديد من البطاطس".

وحول سبب تخصيص حلمها لنزول سعر البطاطس، أوضحت السيدة القادمة من إحدى العزب الصغيرة على أطراف القرية الكبيرة لـ"عربي21"، أن "البطاطس هي ما تبقى للفقراء كي يأكلوه، بعد عجزنا عن شراء اللحوم والفراخ والسمك، والأرز، والمكرونة، والطماطم، وباقي الخضروات".

وأضافت: "أقوم بتجهيز ابنتي للزواج منذ 3 سنوات، وأدور في الأسواق لشراء بعض مستلزمات الجهاز الرخيصة، وزادت ديوني لدى التجار في العام الماضي، وأحلم بأن يمر العام المقبل وأنا وأسرتي بلا ديون، بعد أن تتزوج ابنتي عقب شهر رمضان".

"أحلام ثلاثة"
وفي حديثه لـ"عربي21"، عبر المفكر والمؤرخ المصري الدكتور عاصم الدسوقي عن أحلامه للمصريين في 2024، في ثلاثة نقاط يعتقد أنها تنقذ المصريين من أزماتهم الحالية، وذلك بجانب أمنيته للقضية العربية الأولى (فلسطين).

وقال: "أحلامي تتلخص في: العودة إلى دور الدولة في الاقتصاد، وعدم الخضوع للرأسمالية التي لا تهتم إلا بالربح على حساب الشعب"، معربا عن أمله في "عودة الإنتاج المحلي للاستغناء عن الاستيراد".

وختم مشددا على أهمية "التأكيد على الرابطة العربية في مواجهة إسرائيل وأطماعها".

"نسوا الأحلام"
من جانبه، قال نائب رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" سابقا، أسامة الألفي: "صراحة أعتقد أن المصريين نسوا الأحلام، بعد حملة الوعود البراقة التي حدث عكسها بتدهور وضع الجنيه والمستوى المعيشي".

الكاتب الصحفي، أضاف لـ"عربي21" أن "المصري انشغل عن الأحلام بسعر البصل والسكر، وعجز الشباب عن الحصول ولو على غرفة واحدة يتزوجون فيها؛ المصري لم يعد في ظل ظروفه الصعبة يملك رفاهية الحلم".

وأكد أن هذا على الصعيد المحلي، أما على الصعيد العربي، فأوضح أن "المصري يؤرقه عجزه عن وقف جرائم الاحتلال في غزة، إذ وقفت كل الأنظمة العربية وقفة المتفرج مكتفية بالشجب والتنديد والمناشدة، فيما وقفت الأنظمة المعادية للإسلام بقوة خلف الكيان الغاصب".

وتساءل: "بعد كل هذا تسألني عما أحلم؟".. معربا عن أمنيته بالنصر للمقاومة في فلسطين ورجالها وأبطالها، قائلا: "لا نملك إلا الدعاء لهم وليس الحلم"، داعيا لهم بالنصر "على بعض إخوتهم الذين يظهرون الأخوة، وسرا يدعمون اقتصاد العدو باستثماراتهم".

"لا يحلمون"
وقالت الكاتبة الصحفية مي عزام، إن "المصريين لا يحلمون"، مؤكدة في حديثها لـ"عربي21"، أن "المصريين لا يريدون سوى الحقوق الأساسية؛ الصحة، والستر، ولقمة عيش كريمة".

وأضافت: "المصريون تعلموا من التجربة، وما حدث خلال سنوات الرئيس السيسي؛ الماضية والقادمة، أنهم غير مدعوين للمشاركة في القرارات المصيرية التي تخص بلدهم وحياتهم".

وعن أحلامها للمصريين في 2024، بمجالات السياسة قالت: "أحلامي أن نبدأ التغيير بتغيير النفس وتعديل المسار الحياتي لكل منا، بزيادة الوعي والتثقيف الذاتي، ومحاولة تنمية المهارات والمعرفة، لنكون مستعدين حين يحدث تغيير على المستوى العام".

وختمت: "وأحلامي الكبيرة للفلسطينيين أن يكون 2024، عام الحصول على الحقوق المشروعة لهم".


"نحلم باستفاقة تحرير"
وفي رؤيته لأحلام المصريين السياسية، قال الناشط المصري المعارض، سعيد عباسي: "لا بد من تقييم جديد للأوضاع الحاضرة، والواقع أنه ليس هناك جنرال عسكري جاء بانقلاب يرحل بانتخابات؛ وما شاهدناه وشاهده العالم كله في 2023، مسرحية هزلية لا علاقة لها بالانتخابات".

وأضاف لـ"عربي21": "والسيسي سواء كانت هناك انتخابات أم لا؛ فلن يرحل بالصندوق، ولن يرحل إلا بثورة أو انقلاب عليه أو اغتياله"، متوقعا في 2024، أنه "سيعدل الدستور ويبقى في الحكم ما دام يسيطر على الجيش، ويخيف الشارع".

ويرى عباسي أن "فشل المعارضة خلال 2023، بشكل خاص، مرتبط بفشل المصريين في الحراك"، معتقدا أن "المصريين للأسف أضاعوا فرصة ذهبية كانت كفيلة بالخلاص من هذا الانقلاب العسكري الغاشم".

وأضاف: "عندما لعب السيسي بالنار، ودعا الناس للتظاهر لمناصرة فلسطين (حتى يساوم الغرب على قضية فلسطين)، ويأخذ اللقطة كما قال أحد لواءاته في إحدى المظاهرات بالإسكندرية".

ولفت إلى أنه "كادت أن تفلت الأمور، ودخل بالفعل بعض المتظاهرين (ميدان التحرير)، ولكن العدد لم يكن بما يكفي لإشعال فتيل ثورة، وتمكن الجهاز الأمني من اعتقال حوالي 200 متظاهر، وتفريق المسيرة بعد أن قام بلطجيته بتقسيمها والسيطرة عليها".

وعن أحلام المصريين البسطاء، يرى أنها "الآن تتمثل في لقمة العيش الضائعة، وفرص العمل المعدومة، والكرامة التي أضاعها العسكر"، معتقدا أنه "لابد من ثورة حتى تستقيم الأمور؛ خصوصا وأن خيانة السيسي، ومن يعاونه أصبحت واضحة للعالم كله وليس للمصريين فحسب".

وأشار الناشط المصري، إلى أن "تفريطه في ملف النيل، وتعامله الضعيف مع أزمة سد النهضة، هو تفريط مقصود، وليس فشلا، بما يعني أنها خيانة عظمى، ولابد من محاسبته عليها".

ولفت إلى أن "تفريطه في جزيرتي (تيران وصنافير) خيانة عظمي، وتفريطه في موانئ سفاجا وغيرها خلال 2023، هي خيانة عظمى، وكذلك مؤخرا حصار السيسي لأهلنا في غزة، وغلق معبر رفح، إلا بإذن إسرائيل؛ فهي أكبر خيانة للأمة ولمصر والمصريين".

ويرى أنه في 2024، "لا يجب النظر لمدة حكم يمكثها السيسي، بما يسمى بانتخابات، فهي لا تعنيني كمناهض للانقلاب؛ بل يجب النظر إليه كجنرال منقلب جاء بأوامر صهيونية للقضاء على حرية مصر وكرامتها، لذا لابد من مقاومته في 2024، فالحاكم في مصر لا يختلف كثيرا عنه في تل أبيب إلا اسما عربيا".

وختم بالقول: "أحلامنا كبرت مع نجاح المقاومة الفلسطينية في إذلال المحتل وأصبحنا نحلم بالصلاة في المسجد الأقصى، ونحلم أيضا باستفاقة الشعب المصري من غفوته لتحرير المعتقلين، وتحرير مصر واسترجاع كرامتها وحريتها".

"أقل قسوة"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبر كثير من المتابعين عن أمنياتهم الشخصية بالحياة السعيدة والعيش الرغد في 2024، وأن يكون عاما خاليا من الأوجاع والأحزان، وأن يكون أقل قسوة على المصريين.

وتساءل البعض عن وضع المصريين في العام 2024، بعد 10 سنين من حكم السيسي، للبلاد.