صحافة دولية

كاتبان أمريكيان: إرسال بايدن حشودا عسكرية للشرق الأوسط توريط لواشنطن

الولايات المتحدة دفعت بغواصة نووية وحاملتي طائرات للشرق الأوسط- جيتي
نشرت صحيفة "لوس أنجلس تايمز" مقال رأي لكل من فردريك ويري من وقفية كارنيغي للسلام العالمي وجينفر كافانا من برنامج أمريكان ستيتكرافت قالا فيه "إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يرسل الجنود الأمريكيين مرة أخرى إلى الشرق الأوسط، ويجب ألا يفعل".

وذكر الكاتبان في المقال، "من الصعب أن تجادل هذه الأيام أن سياسة الرئيس بايدن في الشرق الأوسط تتسم بالفوضى، وهو ما تتفق عليه نسبة 60 بالمئة من الأمريكيين حسب استطلاع غالوب".

وبعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، بدأت إسرائيل، أقرب حليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، انتقاما عقابيا ضد غزة، والذي كان بكل المقاييس واحدا من أكثر النزاعات القاتلة للمدنيين في التاريخ الحديث. 

ودخلت القوات العسكرية الأمريكية والجماعات الوكيلة عن إيران في غارات متبادلة وبشكل شبه يومي، وتصاعدت مشاعر العداء ضد أمريكا فيما يطلق عليه الشارع العربي لأعلى المستويات. 


وأضاف الكاتبان، "في الوقت الذي يرغب فيه حلفاء الولايات المتحدة العرب نهاية لحماس إلا أنهم غاضبون لما يرونه الضوء الأخضر من بايدن لتدمير غزة، وهو وضع يمنح المنافسين لأمريكا في الشرق الأوسط فرصة للاستغلال وبخاصة الصين وبشكل أقل روسيا". 

وتعتبر حرب غزة أكبر تحد للمصالح الأمريكية منذ اندلاع الانتفاضات العربية في 2011.

 وقالا، "إن بعض المحللين اقترح أن جذور الإضطرابات كامنة في الجهد الأمريكي، ومنذ عقد للتحول عن الشرق الأوسط وسحب القوات الأمريكية والالتزام بسياسة التحول نحو آسيا، ويجادلون أن الفراغ في السلطة خلق مسرحا للفوضى الحالية". 

ويبدو أن بايدن هو الذي آمن بهذه النتيجة واستخدمها كقاعدة للرد على الأزمة، حيث حشد قوات عسكرية في الشرق الأوسط، ولكن التشخيص لها والوصفات غير صحيحة ولعدة أسباب.

أولا، فالتحول المفترض كان محدودا في الرؤية والقاعدة.

وثانيا، فدفع بايدن بالجنود والأسلحة منذ توغل حماس، ليس ما تحتاجه المنطقة المعسكرة أصلا، وبدلا من كونها، عامل استقرار، فهذا الرد قد يدفع بتصعيد لحرب أوسع تورط أمريكا في التزامات مفتوحة، في وقت تحتاج فيه أمريكا لنشر مصادر قوتها في آسيا.


وخلافا للافتراضات العامة، فالوجود الأمريكي حول الشرق الأوسط زاد في العام الماضي، ووصل إلى 45.000 جندي، تدعمهم الطائرات والبوارج الحربية، ومنذ بداية تشرين الأول/أكتوبر بدأت قوات العمليات الخاصة بالمشاركة، 

وبعد هجوم حماس، عزز بايدن الوجود العسكري بحاملتي طائرات إضافيتين وغواصة نووية والمزيد من الدفاعات الجوية ومقاتلات حربية والآلاف من الجنود الأمريكيين.

وكان الهدف المعلن هو تطمين الحلفاء الذين يواجهون الاستفزازات الإيرانية ومنع انتشار النزاع الحالي، لكن جلب المزيد من القوات سيؤدي على الأرجح للتصعيد بدلا من ذلك.

ويعلق الباحثان أن حضورا عسكريا أمريكيا سيعطي طهران المبرر لكي تزيد من حشودها العسكرية ودعم جماعاتها الوكيلة، ما يزيد من احتمالات العنف وثمن سوء التقدير. 

ومنذ عملية حماس، زادت الهجمات على القوات الأمريكية المعرضة للخطر في سوريا والعراق عددا وخطورة، رغم الرد الانتقامي الأمريكي، وقد انتقلت الآن إلى البحر الأحمر بهجمات على السفن التجارية، ولن يمضي وقت طويل قبل خروج الوضع عن السيطرة.

كما أن إرسال مزيد من القوات الأمريكية وعلى عجل إلى الشرق الأوسط يحمل مخاطر توريط أمريكا في التزامات أمنية مفتوحة للحلفاء، وفي وقت يجب عليها تشجيعهم بتولي مسؤولية دفاعاتهم.

وهذه عودة إلى النهج العسكري الذي عفا عليه الزمن تجاه المنطقة، مع أن هناك حاجة إلى مدخل شامل يهدف لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تخيم على المنطقة إلى جانب التغيرات المناخية والتحول عن الهيدروكروبون. 

ويؤدي التوسع فوق الطاقة الذي يمارسه بايدن لإرهاق المصادر الأمريكية ويجعل واشنطن غير جاهزة لأزمات في المستقبل وبخاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث  تواجه أكبر منافس لها وهي الصين. 

ومع مرور الوقت سيرهق الانتشار في الشرق الأوسط الأصول العسكرية الأمريكية والقوات وسيحرف  الاستثمارات الضرورية لردع الصين. 

وقد حصلت تنازلات، فأنظمة الدفاع الجوي التي نشرت في الشرق الأوسط لن تكون متوفرة للدفاع ضد التهديد الصاروخي الصيني في آسيا.

وتتم معالجة المخاطر التي خلقها الحضور الأمريكي في الشرق الأوسط من خلال تخفيض حضورها، ويمكن عمل هذا بطريقة مسؤولة. 

وبعد سحب القوات التي أرسلت إلى المنطقة، يجب على واشنطن تقليل وتعزيز بصماتها العسكرية في عدد قليل من القواعد العسكرية الإستراتيجية وحماية المصالح الأمريكية، إلى جانب الاستثمار في معدات متقدمة وقدرات لوجيستية يمكن أن تقدم قدرة دفع لأزمات في المستقبل. 


والحديث عن جرأة إيران بسبب تخفيف البصمات العسكرية ليس في محله، فهي تواجه أزمة محلية واختارت المسار الدبلوماسي مع جيرانها وليست راغبة بحرب إقليمية.

ويظل تأثيرها الخبيث بالمنطقة مصدر قلق، ولا يمكن مواجهته إلا من خلال التعاون الإستخباراتي والشراكات في الدفاعات البحرية والجوية مع الحلفاء وعقوبات محددة بدلا من حضور عسكري كبير. وهذا وضع تكون فيه القلة كثرة.

وستكون الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط في أحسن حال لو خفضت واشنطن من وجودها العسكري بدلا من مضاعفته.