ملفات وتقارير

هل تنجح مساعي "إيغاد" في عقد لقاء بين البرهان وحميدتي؟

الخارجية السودانية قالت إن البرهان يشترط إقرار وقف دائم لإطلاق النار في السودان قبل اللقاء- الأناضول
رغم إعلان "إيغاد" موافقة الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، ومحمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع على الاجتماع معا بهدف إيجاد حل للصراع الدائر في السودان، إلا أن معطيات تشي بصعوبة حدوث هذا اللقاء، بفعل اتساع الفجوة بين الطرفين، واشتراطات للبرهان.

وقال البيان الختامي لقمة الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" الـ41 في جيبوتي، السبت، والتي بحثت الأزمة السودانية، إن البرهان و"حميدتي"وافقا على اللقاء لحل الأزمة السودانية، مشيرة إلى أن "البرهان أكد التزامه بوقف إطلاق النار بدون شروط وحل النزاع من خلال الحوار السياسي".

وأعرب البيان عن "تقديره للمحادثة الهاتفية بين رؤساء الدول والحكومات في إيغاد مع قائد قوات الدعم السريع، وقبول الأخير مقترحات إيغاد لوقف إطلاق النار غير المشروط وحل النزاع من خلال الحوار السياسي وعقد لقاء ثنائي مع البرهان".


تحفظات الخارجية السودانية
بالمقابل أعلنت الخارجية السودانية تحفظها على بيان قمة "إيغاد"، وقالت في بيان لها، إن "رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، يشترط إقرار وقف دائم لإطلاق النار في السودان، وخروج "قوات الدعم السريع" من الخرطوم، قبل لقاء حميدتي".

وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيانها، إن "مسودة البيان الختامية لقمة "إيغاد" وصلت متأخرة"، فيما قال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق في حديث بثه تلفزيون السودان الرسمي، إن "هناك تدخلا من أطراف خارجية وضغوطا من جهات أفريقية وإقليمية على "إيغاد" أدى إلى عدم استيعاب ملاحظات الخارجية السودانية على مشروع البيان".

وأكد الصادق أن "مسودة بيان القمة أرسلت للخارجية السودانية في اليوم التالي لانعقاد القمة، وأنه صدر بطريقة معيبة لا تعبر عن القمة، ولا الشروط التي حددها البرهان للقاء حميدتي".

وأوضح الوزير أن "البرهان اشترط خروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين، وجمعهم في مناطق خارج المدن، مع وقف لإطلاق النار بشكل شامل قبل لقاء حميدتي، في حين أن بيان قمة "إيغاد" قال إن هناك اتفاقا على لقاء بلا شروط مسبقة".

وأشار إلى أن "الرئيس الكيني أجرى اتصالا هاتفيا مع حميدتي، كما أنه التقى بعض قادة دول "إيغاد" مع وزير الدولة للخارجية الإماراتي وقيادات من الدعم السريع عقب القمة، ولا ينبغي أن تكون تلك اللقاءات جزءا من البيان الختامي للقمة".

وقال الصادق إنه "تلقى اتصالا هاتفيا من وزير خارجية جيبوتي قبل يوم من القمة، والذي  نقل إليه رغبة رئيس بلاده، إسماعيل عمر جيلي في دعوة قيادات من الدعم السريع لحضور القمة، لكننا أبلغناه رفضنا لحضور أي ميليشيا أو متمردين باعتبار أن القمة معني بها زعماء دول المنطقة فقط واعتبر ما جرى مؤامرة تستهدف السودان".



ترحيب الدعم السريع
من جهتها رحبت قوات الدعم السريع في بيان لها على موقع إكس "تويتر سابقا"، بنتائج القمة الاستثنائية لإيغاد والتي انعقدت في جيبوتي لمناقشة الأوضاع في السودان بحضور عدد من الشركاء.
وأكد البيان أن "الدعم السريع قبلت دعوة حضور القمة بشرط أن يحضر ممثل الطرف الآخر بصفته ممثلا للقوات المسلحة وليس لأي جهة، لأنها لا نعترف بوجود أي سلطة شرعية في السودان".

وقال البيان إنه "نظرا لحضور البرهان للقمة جاء بصفته رئيسا لمجلس السيادة وهو لا يمتلك الشرعية الدستورية أو القانونية ولا الشرعية في الأرض التي تؤهله للمنصب، لذلك امتنع وفدنا عن حضور الجلسة الرسمية رغم وجوده في مقر انعقاد القمة".

وأوضح أن "حميدتي أكد خلال محادثة مطولة مع رؤساء إيغاد والمبعوثين الإقليميين والدوليين، على رؤية قوات الدعم السريع المطروحة والرغبة في وقف إطلاق النار والمضي قدما في العملية السياسية بشرط أن تقود الى معالجة جذور الأزمة في السودان، وتفضي إلى تأسيس دولة سودانية جديدة بما في ذلك تأسيس جيش وطني قومي ومهني جديد ينأى بنفسه عن السياسة".


ووفقا للبيان فقد أكد حميدتي أن "الحل السياسي هو الطريق الأسلم لبلادنا وشعبنا وأن الحرب هذه فرضت على قواتنا وشعبنا من قوى الردة وحلفائها في القوات المسلحة".

ولفت البيان إلى أن "المجتمعين طلبوا من حميدتي عقد اجتماع رسمي بينه والبرهان وقد وافق على مبدأ الاجتماع بشرط أن يأتي البرهان للاجتماع المقترح بصفته قائدا للجيش وليس رئيسا لمجلس السيادة حيث يتوافق هذا الشرط مع حقائق الواقع لا سيما أن جميع الإجراءات بعد انقلاب 25 تشرين أول/ أكتوبر، لا تستند على أي أساس دستوري او قانوني، وأن الحرب التي اشعلها الفلول وعناصرهم في القوات المسلحة تسببت في انهيار دستوري كامل في البلاد".


"موقف منحاز"
من جهته أكد الكاتب والصحفي خالد الأعيسر، أن "موقف حكومة السودان كان واضحاً في البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية السودانية، والذي اشترط ضرورة وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب قوات الدعم السريع من العاصمة الخرطوم وخروجها من منازل المواطنين والأعيان المدنية".

وتابع الأعيسر خلال حديثه لـ"عربي21"، أنه "بناء على هذا الموقف يصبح من الصعب عقد أي لقاء بين البرهان وحميدتي ما لم تتحقق الشروط التي قطعتها قوات الدعم السريع على نفسها في مراحل سابقة كما تم في جدة ولكنها لم تف بتلك الالتزامات".

ويرى أن "إيغاد قد أوقعت نفسها في ورطة عدم الحياد والإخلال بما تم التوافق عليه خلال القمة، وأن بيانها جاء مخالفاً لما تم التوافق عليه خلال القمة وهذا سيقود إلى إضعاف دورها كوسيط محايد".

وقال الأعيسر إن "إيغاد بتصرفها هذا قد وأدت مستقبل وساطتها باستغلالها للمنبر وتغيير ما تم الاتفاق عليه في القمة، وهذا ينم عن سوء نيَّات قاد لإصدار بيان وزارة الخارجية السودانية، أيضا كشف بيان الإيغاد حجم التدخل الخارجي من دول ليست طرفا ولا عضوا في منظومتها، وهذا ما دفع السودان للتشكيك في نيات المنظمة الإقليمية التي تعاني من تراكم خلافي قديم".


ماذا بعد اللقاء؟
مدير المركز السوداني لحقوق الإنسان وحرية الإعلام، أمية يوسف أبو فداية، قال إنه "من خلال متابعتي الخاصة أعتقد أنه بإمكان إيغاد أن تقدم شيئا، لأنها لا تمثل نفسها، حيث حضرت الإمارات اللقاء عبر ممثل عن الرئيس الإماراتي، إضافة إلى أنه بعد إلغاء بعثة الأمم المتحدة للسودان تم تحويل مهامها إلى مؤسسات إقليمية كالاتحاد الأفريقي وإيغاد وغيرها".

وتابع أبو فداية خلال حديثه لـ"عربي21": "إيغاد لا تمثل الآن الدول التي تعمل على مكافحة التصحر -وهو الهدف الذي أنشئت إيغاد لأجله- لكن هي الآن تمثل جزءا من الإرادة الدولية، ولذلك البرهان توجه إلى هناك ووضع شروطا لأجل الموافقة على لقاء حميدتي".

وأوضح أن "هناك قبولا مبدئيا للقاء بين الطرفين، ولكن تم وضع شروط، وبالتالي قبول رئيس السلطة البرهان بلقاء حميدتي ولو بشكل مبدئي يُعد خطوة كبيرة ومتقدمة، ولهذا فإنه من الممكن أن نشهد لقاء قريبا بين الرجلين أو بعد فترة من الوقت".

وأكد أن "شروط البرهان قد تعتبر وسيلة لرفع السقف التفاوضي، بالمقابل الطرف الآخر قبل بالجلوس مع البرهان دون أن يفرض شروطا، ولهذا أعتقد أن الطرفين قد يجلسان مع بعضهما".

واستدرك أبو فداية بالقول: "لكن الإشكالية حاليا هي هل جلوس الرجلين مع بعضهما سينهي الحرب الجارية، خاصة أن الوضع أصبح معقدا نتيجة لتدخل جهات خارجية وداخلية، ولوجود تقاطعات عدة، أيضا مع سيلان الدم بين الطرفين، وبروز النعرات العنصرية والقبلية التي برزت بعد الحرب، والسلاح الذي انتشر انتشارا واسعا نتيجة لتجييش الطرفين خاصة الدعم السريع، لأنها لا يوجد عندها ضوابط أو حدود للتجييش من داخل وخارج السودان".

ولهذا يعتقد أبو فداية أن "الصعوبة الحقيقية ليست في جلوس الرجلين مع بعضهما، بل تكمن الصعوبة بما بعد جلوس الرجلين حتى لو اتفقا، لأن تطبيق هذا الاتفاق على أرض الواقع سيكون فيه صعوبات كبيرة جدا نظرا لوجود تقاطعات وتدخلات عدة".

وقال إن "المشكلة تكمن في تطبيق أي اتفاق على أرض الواقع، فالآن كثير من القوات خاصة قوات الدعم السريع خارج السيطرة، أيضا الدعم السريع تحتل الكثير من منازل المواطنين في العاصمة، وتم سرقة سياراتهم ومقتنياتهم وبعض الأموال والذهب وغيرها، ولهذا الأمر أعقد من مجرد لقاء الرجلين مع بعضهما البعض، لكن أعتقد أن جلوسهما معا هو بداية الحل أو الخطوة الأولى للحل، وبشكل عام لا زال الأمر غامض جدا".

يشار إلى أن "إيغاد" منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية تأسست عام 1996، وتتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم كلا من: إثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال، وجيبوتي، وأريتريا، والسودان، وجنوب السودان.
ويُختصر اسمها بـ "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية"، وقد تم إنشاؤها لتأخذ مكان الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالجفاف والتنمية، والتي تأسست في 1986، بهدف التخفيف من تأثير الجفاف والكوارث الطبيعية الأخرى والمتكررة في المنطقة.

ومن مهامها الحرص على حماية الأمن الغذائي والبيئة، والحفاظ على الأمن والسلام وتعزيز حقوق الإنسان، والتعاون والتكامل الاقتصادي.