كتاب عربي 21

العالم يحاصر السيسي

يواجه السيسي ضغوطا داخلية وخارجية غير مسبوقة- جيتي
بعد أسبوع حافل بعبد الفتاح السيسي وتصريحاته العبثية التي أثارت حالة من السخط والغضب الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو أن الجنرال الجاثم على صدور المصريين طيلة العشرية السوداء بدأ يعاني من حصار وضغوط حقيقية لا يبدو أنها ستنتهي قريبا.

السيسي الذي يستعد للانتخابات الرئاسية بحملة اعتقالات مستمرة لأنصار المرشح الرئاسي المحتمل أحمد الطنطاوي، والتي طالت أكثر من 80 شخصا من أعضاء حملته ومؤيديه، استبق ذلك باعتقال الناشر الليبرالي هشام قاسم ومحاكمته بتهم عبثية.

لم يكتف السيسي بهذا، ولكن النيابة العامة المصرية بدأت تحقيقا في بلاغ تقدم به محام مصري يدعى شريف جاد الله اتهم فيه أحمد الطنطاوي بارتكاب فعل فاضح في الطريق العام، بدعوى أنه قبل سيدة مصرية في وجهها مرتين وسط الطريق العام وهو ما يجرّمه القانون المصري.

المشهد وإن بدا عبثيا تافها للغاية، إلا أنه يعيدنا لذكريات معركة المخلوع الراحل حسني مبارك مع زعيم حزب الغد المصري أيمن نور أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2005، فمبارك لم يغفر لنور منافسته وحصوله على نسبة ولو ضئيلة من الأصوات فلفق له تهمة تزوير التوكيلات وقام بحبسه بعدها لسنوات

المشهد وإن بدا عبثيا تافها للغاية، إلا أنه يعيدنا لذكريات معركة المخلوع الراحل حسني مبارك مع زعيم حزب الغد المصري أيمن نور أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2005، فمبارك لم يغفر لنور منافسته وحصوله على نسبة ولو ضئيلة من الأصوات فلفق له تهمة تزوير التوكيلات وقام بحبسه بعدها لسنوات.

الإجراءات القمعية التي يتخذها السيسي سياسيا وانتخابيا واقتصاديا أيضا يبدو أنها فتحت عليه أبواب جهنم، فبدأ الجنرال يعاني من أعراض حصار داخلي وخارجي على جبهات مختلفة.

العالم يحاصر السيسي، قبيل انتخابات الرئاسة المصرية والتي يستعد فيها الجنرال للفوز بفترة رئاسية ثالثة، هذا هو العنوان العريض لما يعانيه السيسي في الأيام القليلة الماضية.

أوروبيا، البرلمان الأوروبي وبتصويت الأغلبية؛ يصدر قرارا يطالب السيسي بالإفراج الفوري عن هشام قاسم، والسماح بزيارته من قبل مسؤولين أوروبيين، ما يعني إحراجا بالغا للسيسي الذي سيجد نفسه بين الرضوخ للضغوط الأوروبية وإطلاق سراح هشام قاسم، أو عليه تحمل تصريحات المسؤولين الأوروبيين بعد زيارة هشام قاسم داخل محبسه.

وفيما يخص الانتخابات الرئاسية وأحمد الطنطاوي، فقد طالب البرلمان الأوروبي في قراره؛ السيسي بإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وأكد على ضرورة الإفراج الفوري عن أعضاء حملة أحمد الطنطاوي والتوقف عن مضايقته.

فالبرلمان الأوروبي يذكره بصفقات السلاح، ويعايره بانتهاكات حقوق الإنسان، ويعيده للجريمة الكبرى؛ مذبحة رابعة العدوية وأنها كانت بداية أعوام التعذيب والوحشية المستمرة.

أمريكيا، قرر مجلس الشيوخ حجب جزء من المساعدات العسكرية للسيسي، فيما أعضاء الكونجرس ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يضغطون عليه بقضية رشوة السيناتور مينينديز، ويلوحون له بتأثر العلاقات بين البلدين، ويطالبونه باحترام حقوق الإنسان وإحداث تغييرات حقيقية.

العالم يحاصر السيسي، قبيل انتخابات الرئاسة المصرية والتي يستعد فيها الجنرال للفوز بفترة رئاسية ثالثة، هذا هو العنوان العريض لما يعانيه السيسي في الأيام القليلة الماضية

غربيا، لم يختلف المشهد كثيرا وتحديدا فيما يخص حصار الإعلام الغربي للسيسي قبيل الانتخابات الرئاسية، فالصحف الغربية الكبرى على غرار الواشنطن بوست ووول ستريت جورنال والإيكونوميست؛ خصصت افتتاحياتها ومقالات رأي وتقارير مطولة لشرح خطورة بقاء السيسي في منصبه لفترة رئاسية ثالثة. فالرأي العام الغربي يحاصر السيسي بالأسئلة عن فشله الاقتصادي، وعن مستقبل البلاد إذا ما صار رئيسا لفترة ثالثة، وعن مصيره هو ونظامه؛ وهل سيكمل مدته أم أن رحيله بات قريبا.

خليجيا، تفتح صحف وقنوات سعودية وإماراتية أبوابها لمعارضي السيسي ليكيلوا له الانتقادات والتوبيخ والمطالبة بعدم الترشح، كما فعلت "إندبندنت عربية" السعودية مع الكاتب الصحفي المصري عبد الله السناوي، في لقاء مصور سمحت له فيه بانتقاد السيسي والإشارة إلى قرب سقوطه وضرورة تغييره.

بنفس الطريقة وصفته صحيفة العرب اللندنية المحسوبة على دولة الإمارات بمهندس الجمهورية المنهكة اقتصاديا.. يتحدثون عن إحباط دول الخليج من سياساته وغضبها المتصاعد منه ومن نظامه، كما نُشرت تصريحات لعدد من منتقديه مثل حسام بهجت وحفصة حلاوة والباحث الاقتصادي روبرت سبرنبورج.

اقتصاديا، تستمر وكالات التصنيف الائتماني في نظرتها السلبية عن الاقتصاد المصري، فيما صندوق النقد الدولي لم يحدد بعد موعد المراجعة الأولى أو الثانية ولم يصرف بعد الشريحة الثانية من القرض، ما انعكس على ثقة المستثمرين.

داخليا، يسير أحمد الطنطاوي في الشوارع ويجوب محافظات مصر بشكل يومي.. يكسب الرجل أرضية وشعبية يوما بعد الآخر، فقد أحبه الناس في البداية كراهية في السيسي ثم أُعجبوا به وبخطابه وبشجاعته وبمحاولاته إحياء الأمل.

العالم يحاصر السيسي، ولكن الأهم والأخطر هي لحظة محاصرة الشعب المصري للسيسي، والتي تقترب رويدا رويدا كلما ارتفع صوت المصريين قائلين يحيا الأمل.

twitter.com/osgaweesh